تقييم خسائر الحرب: ماذا خسرت إسرائيل وإيران؟

بعد 12 يومًا من القتال بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية، تُظهر صور الأقمار الصناعية أن بعض الهجمات الإيرانية أخطأت أهدافها، فيما تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لأضرار جسيمة. ويبدو أن العدوّين اللدودين خرجا من حرب قصيرة لكن شديدة الوطأة.

وبحسب تقرير "فايننشيال تايمز، بدأ الطرفان بعد انتهاء الجولة الجديدة من المواجهات العسكرية في تقييم حجم الخسائر البشرية والمادية، خصوصًا على صعيد البنى التحتية الدفاعية والاستخباراتية والنووية.

خسائر إيران: قادة مقتولون ومنشآت نووية متضررة

التقارير الأولية تشير إلى أن تكلفة الهجمات على إيران كانت مرتفعة جدًا. فقد تعطلت منظومات الدفاع الجوي، وقُتل عدد كبير من كبار القادة العسكريين، كما تعرض البرنامج النووي الإيراني لأضرار وُصفت بأنها "خطيرة".

في المقابل، تبقى الخسائر التي لحقت بإسرائيل غير واضحة تمامًا، بسبب الرقابة العسكرية الداخلية وعدم توفر صور مستقلة لمواقع الاستهداف.

رغم ذلك، أدّت الهجمات الإيرانية إلى مقتل 28 شخصًا في إسرائيل وإصابة أكثر من 1400 آخرين بجروح، معظمها طفيفة، إضافة إلى أضرار مادية لحقت بآلاف المنازل والمركبات.

هجمات إيرانية غير دقيقة وتسببت بخسائر مدنية

في الأيام الأولى من الحرب، انتشرت أنباء عن مقتل إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، لكنه ظهر لاحقًا في تجمع بطهران احتفالًا بما وصفته السلطات الإيرانية بـ"الانتصار في صدّ العدوان الإسرائيلي"، ما يعكس غموض الروايات الميدانية وعدم شفافية الوضع لدى الجانبين.

إيران أعلنت أنها استهدفت مقارّ حساسة مثل مركز الموساد في جليلوت، ومقر قيادة الجيش في تل أبيب، ومراكز استخباراتية أخرى، لكن الأدلة المتوفرة (صور الأقمار الصناعية والفيديوهات العامة) أظهرت أن معظم الصواريخ لم تصب أهدافها بدقة وأصابت مناطق مدنية.

على سبيل المثال، صاروخ أُطلق نحو منطقة تكنولوجيا الجيش في بئر السبع، أصاب مبنىً سكنيًا مجاورًا. وأربعة صواريخ أُطلقت على مقر الموساد أصابت مبنًى على الجهة الأخرى من الطريق السريع. وصاروخ آخر سقط على بُعد 300 متر من مبنى "الكريا"، مركز قيادة الجيش الإسرائيلي.

رغم تطور منظومة القبة الحديدية، قالت إسرائيل إن أنظمتها الدفاعية "ليست منيعة بالكامل"، إلا أنها تمكنت من اعتراض نحو 90 في المائة من أصل 550 صاروخًا إيرانيًا أُطلقت خلال الحرب.

هجمات إسرائيل الدقيقة: مقتل قادة وأضرار بالمنشآت النووية

على الجانب الآخر، كانت الهجمات الإسرائيلية على إيران أكثر دقة ودمارًا. ووفقًا لمصادر محلية، دُمّر نحو 120 مبنًى بالكامل وتضرر أكثر من 500 مبنًى آخر في طهران وحدها، بما في ذلك منشآت قرب مطار مهرآباد وجامعة رجائي.

وزارة الصحة الإيرانية أعلنت عن مقتل 627 شخصًا وإصابة 4870 آخرين. ومن بين القتلى، وردت أسماء كبار المسؤولين، مثل محمد باقري (رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة)، وحسين سلامي (القائد العام للحرس الثوري)، وأمير علي حاجي زاده (قائد القوات الجو-فضائية في الحرس).

كما وسّعت إسرائيل نطاق ضرباتها لتشمل رموز الحكم، بما في ذلك استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي وسجن إيفين، في واحدة من أكثر الهجمات إثارة للجدل.

البرنامج النووي.. تدمير جزئي وتعطيل طويل الأمد

بينما أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل أن هدفهما الأساسي، وهو "شلّ قدرة إيران على إنتاج السلاح النووي"، قد تحقق إلى حد كبير، إلا أن تقييمات استخبارية أميركية مبدئية تقول إن البرنامج تأخر أقل من 6 أشهر فقط، حيث لم تُدمّر قاعات التخصيب تحت الأرض بالكامل رغم تضرر المداخل وأنظمة التهوية.

ومع ذلك، أكدت لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية أن الضربة الجوية على موقع فُوردو تسببت في "تعطيل كامل" للمنشأة، وأظهرت صور الأقمار الصناعية انسداد المداخل وتضرر الطرق المؤدية إليها، ما يرجّح استخدام قنابل أميركية موجهة بوزن 30 ألف رطل.

طهران من جهتها أعلنت أن منشأتي فُوردو ونطنز كانتا مفرغتين مسبقًا، ولم تتعرضا لأضرار كبيرة، بينما لا يزال مصير أكثر من 400 كغم من اليورانيوم عالي التخصيب مجهولًا.

في أصفهان، أظهرت صور الأقمار الصناعية تدمير عدة مبانٍ في مركز الأبحاث النووية، فيما وعد رئيس منظمة الطاقة الذرية محمد إسلامي بإعادة بناء المنشآت، مؤكدًا على الطابع "السلمي" للنشاط النووي الإيراني.

تدمير منظومات الدفاع والقدرات الصاروخية الإيرانية

الهجمات الإسرائيلية ألحقت ضررًا بالغًا بأنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية الإيرانية.

وبحسب المحلل الأميركي جيم لمسون، فقد تضررت أكثر من نصف مستودعات الصواريخ في المناطق الغربية والوسطى، فيما قُدّر أن 50 في المائة من قواذف الصواريخ الباليستية دُمّرت.

كما أفادت "فايننشيال تايمز" بأن أحد أكبر مراكز تخزين وإطلاق الصواريخ قرب كرمانشاه، الذي يُستخدم لصواريخ "فاتح" و"ذوالفقار"، تم تدميره بالكامل.

وفي تبريز، أدى قصف مصنع تابع للقوات الجو-فضائية للحرس الثوري إلى سلسلة انفجارات وحرائق استمرت لساعات.

مستقبل الدفاع الإيراني.. ضعف واستهداف محتمل

قال جاستن برونك، خبير أكاديمية الدفاع الملكية البريطانية، إن "شبكة الدفاع الجوي الإيرانية تعرضت لتدهور كبير، إلى حد أن سلاح الجو الإسرائيلي بات قادرًا على إدخال طائراته المقاتلة والطائرات المسيّرة متوسطة الارتفاع إلى أجواء إيران بشكل يومي تقريبًا".

وأضاف: "هذا يجعل البرنامجين الدفاعي والنووي الإيرانيين عرضة للاستهداف في أي مواجهة مقبلة مع إسرائيل".