طهران تدرس خيارات الرد على أميركا.. وترامب يتساءل عن "إسقاط النظام"

لا تزال الهجمات الجوية والصاروخية المتبادلة بين إسرائيل وإيران مستمرة، فيما يترقب العالم رد طهران على الهجوم الأميركي الذي استهدف المنشآت النووية الإيرانية.
وبالتزامن، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوضوح عن موضوع "تغيير النظام" في إيران.
وقد أعلنت إيران أمس الأحد، أنها "ستدافع عن نفسها"، وذلك ردًا على انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في أكبر هجوم عسكري غربي ضد إيران منذ الثورة عام 1979.
ترامب يؤيد تغيير النظام: "لنُعد المجد لإيران"
ذكرت وكالة "رويترز"، اليوم الاثنين، أن صورًا تجارية التُقطت بالأقمار الصناعية تُظهر أن الهجوم الأميركي على منشأة فوردو النووية تحت الأرض، الذي نُفذ أول من أمس السبت، ألحق أضرارًا جسيمة بالمنشأة وأجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم، لكن حجم هذه الأضرار لم يُؤكد بعد بدقة.
وكان ترامب قد كتب سابقًا على منصة "تروث سوشيال": "وقع ضرر هائل بجميع المنشآت النووية الإيرانية. أكبر الأضرار كانت في أعماق الأرض. أصبنا الهدف بدقة".
كما حذّر طهران من تنفيذ أي أعمال انتقامية، وقال: "على النظام الإيراني أن يصنع السلام الآن، وإلا فإن الهجمات المستقبلية ستكون أشدّ وأيسر تنفيذًا".
وصرّح الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، أن الولايات المتحدة استخدمت في هذا الهجوم 75 نوعًا من الذخائر الموجهة بدقة، من بينها قنابل خارقة للتحصينات وأكثر من 24 صاروخ كروز من طراز "توماهوك"، ضد ثلاثة مواقع نووية إيرانية.
من جانبها، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها لم تسجل أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج هذه المنشآت حتى الآن.
وفي السياق نفسه، قال رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، إنه لا يزال من غير الممكن إجراء تقييم شامل لحجم الأضرار تحت الأرض.
وذكر مصدر إيراني لـ"رويترز" أن الجزء الأكبر من اليورانيوم العالي التخصيب قد نُقل من فوردو قبل تنفيذ الهجوم، إلا أن هذه المعلومة لم يتم التأكد منها بشكل مستقل.
تهديدات طهران: رد محدود وتوتر متصاعد
أشارت "رويترز" إلى أن إيران، التي تصف برنامجها النووي بأنه "سلمي بالكامل"، أطلقت بعد الهجوم الأميركي عدة صواريخ باتجاه إسرائيل، أدّت إلى إصابة عشرات الأشخاص وتدمير عدد من المباني في تل أبيب.
ومع ذلك، لم تُنفذ إيران بعد تهديداتها الكبرى، مثل استهداف القواعد الأميركية أو إغلاق مضيق هرمز.
يشار إلى أن إغلاق مضيق هرمز، الممر الحيوي لنقل النفط من الخليج، من شأنه أن يرفع أسعار النفط عالميًا، ويعرض الاقتصاد العالمي للخطر، ويقود إلى مواجهة مباشرة مع الأسطول الخامس للبحرية الأميركية.
وقد قيل إن البرلمان الإيراني قد صادق على مشروع قانون لإغلاق المضيق، لكن تنفيذ ذلك يتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي.
وأفادت قناة "برس تي في" الرسمية بأن القرار النهائي في هذا الشأن يعود إلى المجلس وإلى ممثل المرشد الأعلى فيه.
وفي الوقت نفسه، صرّح الجنرال كين بأن الولايات المتحدة عززت إجراءات الحماية لقواتها في العراق وسوريا، كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرًا أمنيًا لمواطنيها حول العالم.
ودعا ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، الصين إلى الضغط على إيران لمنعها من إغلاق المضيق، محذرًا من أن "هذا التصرف سيكون بمثابة انتحار اقتصادي بالنسبة لإيران".
تغيير النظام: من تغريدة ترامب إلى تحذيرات روسيا
في الساعات الأولى من صباح الاثنين 23 يونيو، أعلنت القوات الإسرائيلية أنها اعترضت صاروخًا أُطلق من إيران. وقد دوت صفارات الإنذار في تل أبيب ومناطق مركزية أخرى، في حين أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن الدفاعات الجوية فُعلت في مناطق بطهران، وبأن إسرائيل شنت هجومًا جويًا على منطقة بارشين.
ونشر ترامب مساء الأحد 22 يونيو على "تروث سوشيال" منشورًا قال فيه بوضوح: "إذا لم يتمكن النظام الحالي في إيران من استعادة المجد والعظمة لإيران، فلماذا لا نفكر في تغيير النظام؟ لنُعد المجد لإيران".
وقد اتخذ هذا الموقف بالرغم من تصريحات كل من جيه دي فانس، نائب الرئيس، وبيت هيغسيث، وزير الدفاع، بأن الولايات المتحدة "لا تسعى لإسقاط النظام الإيراني".
مع ذلك، فإن المسؤولين الإسرائيليين، الذين بدأوا عملياتهم العسكرية ضد إيران منذ 11 يوما، تحدثوا بصراحة أكبر عن ضرورة إنهاء هيكل النظام في طهران.
وفي هذا السياق، توجّه عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، اليوم الاثنين 23 يونيو، إلى موسكو لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتُعد روسيا من الدول التي تجمعها علاقات استراتيجية مع إيران، وفي الوقت نفسه تحتفظ بتعاون وثيق مع إسرائيل.
وقد أدانت وزارة الخارجية الروسية الضربات الأميركية، محذرة من أنها "تُعد انتهاكًا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية"، وتزيد من خطر اتساع رقعة الحرب في المنطقة.
وعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم الأحد 22 يونيو، جلسة طارئة، قدّمت فيها روسيا والصين وباكستان مسودة قرار لوقف إطلاق النار فورًا ومن دون شروط في الشرق الأوسط.
وقال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، خلال الجلسة، إن القصف الأميركي لإيران يمثل "منعطفًا خطيرًا جدًا" في مسار الأزمة بالمنطقة.
ولا تزال شركات الطيران تدرس ما إذا كانت ستوقف أو تستأنف رحلاتها إلى الشرق الأوسط.
ويُعد المسار الجوي للمنطقة مهمًا للرحلات بين أوروبا وآسيا، إلا أن بيانات موقع "فلايت رادار 24" أظهرت أن أجواء إيران والعراق وسوريا وإسرائيل كانت شبه خالية من الطائرات يوم الأحد 22 يونيو.