"رويترز": واشنطن توافق ضمنًا على انضمام مقاتلين أجانب إلى الجيش السوري

وافقت واشنطن ضمنًا على خطة القيادة الجديدة في سوريا لضم آلاف المقاتلين الأجانب السابقين إلى الجيش، ممن كانوا قد حاربوا في السابق ضد حكومة بشار الأسد. وجاءت هذه الموافقة بشرط أن تتم عملية الانضمام بشفافية كاملة، وهو ما أكده المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة لشؤون سوريا.
ونقلت وكالة "رويترز"، الاثنين 2 يونيو (حزيران)، عن ثلاثة مسؤولين في وزارة الدفاع السورية، أن الخطة تتضمن تنظيم نحو 3500 مقاتل أجنبي– معظمهم من الإيغور الصينيين ومواطنين من دول الجوار– ضمن فرقة جديدة أُسست تحت اسم "الفرقة 84 في الجيش السوري".
وتتكون هذه الفرقة من مزيج من القوات السورية والأجنبية.
وقال توماس باراك، السفير الأميركي في تركيا والذي عُيّن الشهر الماضي مبعوثًا خاصًا لدونالد ترامب لشؤون سوريا، في رده على سؤال لمراسل "رويترز" في دمشق حول موقف واشنطن من هذه الخطة: "يمكن القول إنه في حال توافرت الشفافية، فهناك نوع من التفاهم".
وأضاف أن الاحتفاظ بهؤلاء المقاتلين– الذين يدين كثير منهم بالولاء للقيادة السورية الجديدة – ضمن هيكل حكومي منظم، هو أفضل من تركهم في فراغ غير منظم.
وبعد قرابة 13 عامًا من الحرب الأهلية في سوريا بين جماعات المعارضة وحكومة بشار الأسد، كانت مسألة المقاتلين الأجانب المنضوين في صفوف "هيئة تحرير الشام" (HTS) من أبرز العوائق أمام تقارب الحكومة السورية الجديدة مع الغرب.
وتمكنت "تحرير الشام"، التي كانت في السابق فرعًا لتنظيم القاعدة، العام الماضي من إزاحة الأسد والسيطرة على دمشق.
وحتى أوائل مايو (أيار)، كانت الولايات المتحدة تطالب بإقصاء المقاتلين الأجانب بشكل واسع من الأجهزة الأمنية السورية، لكن بعد زيارة الرئيس الأميركي للشرق الأوسط في مايو، تغيّر موقف واشنطن تجاه دمشق.
فقد ألغى ترامب العقوبات التي كانت مفروضة خلال فترة حكم الأسد، والتقى في الرياض بأحمد الشرع، الرئيس المؤقت لسوريا، وعيّن توماس باراك، أحد أقرب أصدقائه، مبعوثًا خاصًا في سوريا.
وقال مصدران مقربان من وزارة الدفاع السورية لـ"رويترز" إن الشرع ومستشاريه أبلغوا الجهات الغربية أن إدماج المقاتلين الأجانب في الجيش يشكل خطرًا أمنيًا أقل من التخلي عنهم، إذ إن إقصاءهم قد يدفعهم مجددًا نحو الانضمام إلى القاعدة أو داعش.
وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية والناطق باسم الحكومة السورية عن التعليق على الموضوع.
قلق صيني من وجود الإيغور في الجيش السوري
كان الآلاف من المسلمين السنة من دول مختلفة قد التحقوا بصفوف المعارضين في بداية الحرب الأهلية السورية لمحاربة حكومة الأسد، التي كانت تحظى بدعم ميليشيات شيعية مؤيدة لإيران.
وقد شكّل بعض هؤلاء المقاتلين فصائل مستقلة، فيما انضم آخرون إلى جماعات مثل داعش، التي أعلنت لفترة وجيزة "خلافتها" المزعومة في سوريا والعراق قبل أن تُهزم لاحقًا.
وكان المقاتلون الأجانب في "تحرير الشام" معروفين بانضباطهم، وولائهم، وخبراتهم القتالية، وقد شكّلوا جزءًا كبيرًا من وحدات النخبة الانتحارية في الجماعة.
وبعد أن انفصلت "تحرير الشام" عن القاعدة، خاض هؤلاء المقاتلون معارك ضد داعش وفروع أخرى من القاعدة.
والإيغور الصينيون ومواطنو آسيا الوسطى ينتمون غالبًا إلى جماعة "الحزب الإسلامي التركستاني" (TIP)، وهي جماعة تصنّفها الحكومة الصينية كتنظيم إرهابي.
وقال مسؤول سوري ودبلوماسي أجنبي لـ"رويترز" إن بكين طلبت من دمشق الحد من نفوذ هذه الجماعة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: "الصين تأمل أن تتصدى سوريا لجميع أشكال الإرهاب والتطرف، وأن تأخذ بعين الاعتبار مخاوف المجتمع الدولي".
وأعلن عثمان بغرا، القيادي السياسي في "الحزب الإسلامي التركستاني"، في بيان خطي أرسله إلى "رويترز"، أن الجماعة قد تم حلّها رسميًا ودمجها في الجيش السوري.
وكتب: "في الوقت الراهن، تعمل الجماعة بشكل كامل تحت إمرة وزارة الدفاع السورية، وتتبع السياسة الوطنية، ولا تربطها أي صلات بكيانات أو جماعات خارجية".
منح الجنسية للجهاديين وتعيينات مثيرة للجدل
في يناير (كانون الثاني) الماضي، أثارت تعيينات عدد من المقاتلين الجهاديين الأجانب من "تحرير الشام" في مناصب عسكرية عليا قلقًا في الحكومات الغربية، وأثارت شكوكًا حول توجهات الحكومة السورية الإسلامية الجديدة.
وقبل عقد اللقاء التاريخي بين ترامب والشرع، كانت إحدى أبرز نقاط الخلاف مع واشنطن والدول الغربية الأخرى هي المطالبة بتعليق هذه التعيينات وطرد المقاتلين الأجانب من الجيش السوري.
وقد أعلن الشرع أنه من الممكن منح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب وأسرهم، تقديرًا لدورهم في إسقاط نظام الأسد.
وقال عباس شريفا، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية في دمشق، لـ"رويترز" إن المقاتلين الذين تم ضمهم إلى الجيش "أظهروا ولاءهم للقيادة السورية وتم إخضاعهم لفرز أيديولوجي".
وحذّر بقوله: "إذا تم التخلي عن هؤلاء المقاتلين، فسوف يصبحون فريسة لداعش أو لجماعات متطرفة أخرى".