لماذا يصعُب على النظام الإيراني كسر إضراب سائقي الشاحنات؟

كسر إضراب سائقي الشاحنات يُعدّ أمرًا بالغ الصعوبة بالنسبة للنظام الإيراني بسبب الطبيعة الخاصة لهذا القطاع.
فعلى الرغم من أن عدد الشاحنات المملوكة للشركات قد تضاعف منذ إضراب عام 2018، وأن شخصيات مثل بابك زنجاني، المقرب من النظام، دخلت هذا القطاع، فإن الغالبية العظمى من الشاحنات لا تزال مملوكة لسائقين أفراد.
في إيران، هناك 552,307 سائقًا للمركبات الثقيلة يقودون 433,388 شاحنة من أنواع مختلفة. ومن هذا العدد، فقط 29,648 شاحنة مملوكة لشركات، مما يعني أن السائقين والمالكين متحدون في هذا الإضراب.
ولذلك، فإن النظام الإيراني، من أجل كسر هذا الإضراب، مضطر للتعامل مع 403,740 مالك شاحنة فردي، وهو ما يشكّل تحديًا كبيرًا.
وبعيدًا عن أهمية هذا القطاع الحيوي الذي يؤثر على جميع المجالات، فإن مسألة هيكلية الملكية تُعد عائقًا إضافيًا أمام الحكومة. إذ بينما تقلّ نسبة الشاحنات المملوكة للشركات في إيران عن 7 في المائة، فإن هذه النسبة تتجاوز 90 في المائة في دول مثل الولايات المتحدة.
جهود النظام لتغيير تركيبة القطاع
منذ إضراب 2018، حاول النظام تغيير هذا الواقع. حتى عام 2017، كان في البلاد 4,308 شركة نقل وشحن. لكن بين 2018 و2023، أُضيف أكثر من 700 شركة، ليصل العدد إلى 5,052 شركة.
يبدو أن هذه الشركات الجديدة تمتلك أساطيل كبيرة، فبينما زاد عدد الشركات بنسبة 17.3 في المائة، تضاعف عدد الشاحنات المملوكة لها من 13,734 شاحنة في عام 2017 إلى 29,648 شاحنة في عام 2023، أي بزيادة 116 في المائة.
لم تتضح بعد طبيعة ارتباط هذه الشركات الجديدة بالبنية الحاكمة للنظام، إلا أن مقاطع مصورة للإضراب الأخير أظهرت شاحنات كاسرة للإضراب تحمل شعارات شركات مثل "دات وان" و"آوان سير".
هاتان الشركتان تعود ملكيتهما إلى بابك زنجاني، رجل الأعمال المدان بقضايا فساد، الذي قام في مايو (أيار) الجاري بتوسيع أسطوله من الشاحنات، مع التركيز على شاحنات نقل الوقود (الصهاريج).
وفي مقاطع ترويجية نُشرت للشركة، يظهر تركيز واضح على قطاع نقل المحروقات والمنتجات النفطية.
قطاع يضم أكثر من مليون شخص
من التحديات الأخرى التي تواجه النظام الإيراني: الانتشار الواسع والتعداد الكبير لسائقي الشاحنات.
فعلى سبيل المقارنة، لا يتجاوز عدد العاملين في شركتي السيارات الأكبر في إيران (سايبا وإيران خودرو) ألف عامل، فيما يبلغ عدد عمال مصنع قصب السكر في "هفت تبه" نحو 5,000 عامل.
أما عدد سائقي الشاحنات وحدهم فيبلغ 552,307 سائقين، وإذا أضفنا عائلاتهم (بمتوسط فردين لكل سائق)، فإن عدد الأفراد المرتبطين بهذا القطاع يصل إلى 1,143,267 شخصًا، أي ما يعادل نحو 1 في المائة من سكان إيران البالغ عددهم 86 مليون نسمة.
ويُقدّر متوسط حجم الأسرة بين سائقي الشاحنات بـ شخصين، مقارنة بـ 3.2 أشخاص على المستوى الوطني.
التوزيع الجغرافي لسائقي الشاحنات
تتركّز النسبة الأكبر من سائقي الشاحنات في 10 محافظات، والتي تضم أكثر من 60 في المائة من إجمالي السائقين وعائلاتهم:
1- فارس: 65,466 سائقًا (12 في المائة).
2- أصفهان: 51,913 سائقًا
3- خراسان رضوي: 46,460 سائقًا
4- أذربيجان الشرقية: 40,170 سائقًا
5- أذربيجان الغربية: 29,906 سائقًا
6- خوزستان وكرمان : حوالي 22,000 سائق لكل منهما
7- همدان وكرمانشاه: حوالي 21,000 سائق لكل منهما
8- لرستان: حوالي 20,000 سائق
عدد الشاحنات وأنواعها
يبلغ عدد الشاحنات الفعالة في إيران 433,388 شاحنة، موزعة كالتالي:
* 12,387 شاحنة صغيرة وفانات (2 في المائة من الأسطول)
* 155,259 شاحنة لنقل البضائع العامة (مثل الشاحنات المسقوفة أو الجانبية أو المفتوحة)
* 17,087 شاحنة مخصصة لنقل المواد الخاصة (مثل صهاريج الوقود أو شاحنات نقل الإسمنت)
* 244,806 شاحنة ثقيلة (كالشاحنات القلّابة أو القاطرات)
أهم فئة في هذه المجموعة هي القاطرات، التي يبلغ عددها 198,638 قاطرة، والتي تقوم بنقل المحروقات من المصافي إلى محطات الوقود، بالإضافة إلى نقل الحديد، المنتجات الصناعية، والمعادن.
حركة الشاحنات حسب المحافظات
تشير الإحصائيات إلى أن 56 في المائة من حركة الشاحنات تتركز في ثماني محافظات:
1- طهران: 3,827,000 رحلة سنويًا (10 في المائة).
2- أصفهان: 3,586,000 رحلة (10 في المائة).
3- فارس: 2,666,000 رحلة (7 في المائة).
4- خوزستان: 2,477,000 رحلة (7 في المائة).
5- خراسان رضوي: 2,336,000 رحلة (6 في المائة).
6- كرمان: 2,174,000 رحلة (6 في المائة).
7- يزد: 1,894,000 رحلة (5 في المائة).
8- أذربيجان الشرقية: 1,732,000 رحلة (5 في المائة).
المحافظات الأخرى مثل مازندران، مركزي، هرمزكان، أذربيجان الغربية، والبرز تسجل كل منها حوالي 3–4 في المائة من الحركة. أما المحافظات الأقل نشاطًا مثل كهكيلويه وبوير أحمد وإيلام، فتسجل أقل من 1 في المائة من حركة الشاحنات في إيران.
ورغم محاولات النظام الإيراني لكسر إضراب سائقي الشاحنات من خلال تقوية الشركات المرتبطة به ودخول شخصيات مثل بابك زنجاني إلى هذا القطاع، فإن الهيكل اللامركزي والملكية الفردية الواسعة للشاحنات، إلى جانب الحجم الهائل لهذا القطاع وانتشاره الجغرافي، يجعلان من كسر الإضراب أمرًا بالغ التعقيد.