"وول ستريت جورنال": ملالي إيران يطيلون المفاوضات النووية لأنهم لم يعودوا يخافون من ترامب

كتب صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة وصلت، على ما يبدو، إلى طريق مسدود.
ويرى كاتبا المقال أن طهران باتت واثقة من أن الرئيس الأميركي لن يُقدم على أي تحرّك عسكري، وهو ما يفسّر النهج الذي يتبعه ترامب في التعامل مع هذا الملف، بحسب تحليلهما.
ري تاكيه، الباحث البارز في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، وروئيل مارك غيرشت، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وهما كاتبا المقال الذي نُشر يوم الثلاثاء27 مايو (أيار)، كتبا: "في مثل هذه الظروف، يسعى دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، إلى تصوير هذا الوضع كنوع من النصر، ويكتفي بالحفاظ على الوضع الراهن؛ وهو وضع تتجنب فيه طهران إجراء تجربة لسلاح نووي".
وكتب الكاتبان: "قد يرتاح البيت الأبيض للسؤال نفسه الذي طرحه مسؤولو إدارة بايدن على أنفسهم: لماذا لم تحصل إيران حتى الآن على سلاح نووي؟".
وأضاف كاتبا المقال: "دخلت إدارة ترامب المفاوضات دون موقف واضح بشأن القضايا الرئيسية، وهو أمر أثار دهشة وسرور الطرف الإيراني. لكن هذا السرور لم يدم طويلًا. فقد أعلن ستيف ويتكوف، أحد كبار المفاوضين، إلى جانب ماركو روبيو، وزير الخارجية، بشكل علني أن تخصيب اليورانيوم في إيران غير مقبول. ومع ذلك، لم يوقف المرشد علي خامنئي، المفاوضات، وهو ما يشير إلى أنه يأمل أن يغير ترامب رأيه أو على الأقل يوافق على اتفاق مؤقت يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها".
وكتب تاكيه وغيرشت: "تستمر مناورات طهران الدبلوماسية وتكتيكات المماطلة المستمرة. إذا سئم ترامب من هذه العملية، قد يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لاستهداف البنية التحتية النووية والمنشآت الصاروخية الإيرانية. لكن هذا الخيار ليس جذابًا بالنسبة له، لأنه يتطلب دعمًا عسكريًا أميركيًا".
وأضاف المقال المنشور في "وول ستريت جورنال": "الخيار الأكثر تفضيلًا لترامب هو مواصلة المفاوضات، ومنع إسرائيل من القيام بعمل عسكري، والعودة إلى سياسة الضغط الأقصى. لا يمانع ترامب في تأجيل المشكلات المعقدة إلى المستقبل، وربما يأمل أن تجبر العقوبات وغيرها من الأدوات المتاحة لإدارته إيران على التراجع في نهاية المطاف. لكن هذا المسار يعيد إحياء السؤال: لماذا لم تحصل حكومة الملالي حتى الآن على سلاح نووي؟".
وكتب ري تاكيه وروئيل مارك غيرشت في مقالهما: "إيران لا تمتلك أفضل المهندسين النوويين، وصناعتها ليست على مستوى عالٍ، لكنها تمتلك شبكة معقدة من الواردات غير القانونية للمواد ذات الاستخدام المزدوج، ومن حيث الموارد البشرية، لا تقل كثيرًا عن باكستان عندما حصلت على القنبلة الذرية في عام 1998".
وذكر المقال أنه على الرغم من الزيادة الكبيرة في مخزونات اليورانيوم المخصب في إيران بين عامي 2021 و2025، لم يقرر خامنئي خلال إدارة بايدن إجراء تجربة نووية.
ومن وجهة نظر كاتبي المقال: "من المحتمل أن يدرك ترامب أن الجولة الثانية من سياسة الضغط الأقصى لن يكون لها فرصة كبيرة لوقف تقدم البرنامج النووي الإيراني. لطالما كانت العقوبات الخيار المفضل لكلا الحزبين السياسيين في واشنطن. في إدارة ترامب الأولى، كان هناك اعتقاد بأن الضغط الاقتصادي يمكن أن يحطم نظام طهران قبل حصوله على القنبلة. الآن، أصبحت زيادة العقوبات على إيران أصعب بكثير، حيث تقف الصين علنًا إلى جانب طهران. العقوبات ليست حلاً فوريًا وتتطلب وقتًا لتكون فعالة. برنامج الأسلحة النووية الإيراني الآن أكثر تقدمًا من أي وقت مضى".
وكتب ري تاكيه وروئيل مارك غيرشت: "لن تظل إيران إلى الأبد دولة على عتبة النووي. في الماضي، كان بإمكان الملالي إظهار قوتهم من خلال الحروب بالوكالة أو التهديد باستخدام صواريخ بعيدة المدى. لكن الآن، وبفضل العمليات الإسرائيلية، هم محرومون حتى من الدفاع الفعال على أراضيهم. خامنئي يبلغ من العمر 86 عامًا؛ فهل سيختار خليفته أيضًا عدم تجربة القنبلة؟ ماذا عن قادة الحرس الثوري الذين يسيطرون على برنامج الأسلحة النووية؟ مع التراجع التدريجي للولايات المتحدة عن الساحة العالمية، يسعى كل من الحلفاء والأعداء إلى الأمن الذي لا يمكن أن توفره إلا قنبلة ذرية".
وأضاف المقال: "في الشرق الأوسط ذي الأغلبية المسلمة، يتلاشى الخوف من الأعداء الخارجيين بسرعة، حيث تدور السياسة الداخلية والخارجية حول القوة الصلبة. الرجال العدوانيون يختبرون الحدود باستمرار. الآن، بعد خمسة أشهر من بدء الولاية الثانية لرئاسة ترامب، لم يعد الملالي يخشون ذلك الرئيس غير المتوقع الذي أمر بقتل قاسم سليماني في عام 2020. وبحسب تعبير "نور نيوز"، الموقع الإعلامي القريب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: "في قضايا مثل شراء غزة وغرينلاند، وفرض تعريفات جديدة، وحتى المفاوضات المتعلقة بحرب أوكرانيا، بدأ ترامب بتطبيق الضغط الأقصى، لكنه في النهاية ترك مجالًا للتراجع".
وأضاف كاتبا المقال: "أقنعت إدارة ترامب الكثيرين في طهران بأنه لا يرغب في حرب أخرى في المنطقة. تهديداته بالنار والغضب أصبحت تأخذ طابعًا شرق أوسطيًا أكثر فأكثر، حيث تحل الكلمات محل الأفعال. وبالنظر إلى أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في إيران والمنشآت تحت الأرض المحصنة، يصبح الخيار العسكري أقل مصداقية يومًا بعد يوم. بالنسبة لإسرائيل، المسألة الآن هي إما الآن أو أبدًا. لكن الولايات المتحدة تتحلى بالصبر تجاه التهديدات التي تُعتبر وجودية فقط بالنسبة لحلفائها، وليس لنفسها".
وكتب ري تاكيه وروئيل مارك غيرشت في ختام مقالهما: "سيضع خامنئي كل هذه الحقائق في اعتباره عندما يفكر في أخطر قرار في فترة قيادته، وسيجيب على السؤال: هل يجب عبور العتبة النووية؟ السؤال الحاسم هو: إلى أي مدى يرى أميركا بقيادة ترامب مخيفة؟ مصير كل شيء يعتمد على إجابة هذا السؤال".