زيادة متوقعة لأسعار الألبان في إيران بنسبة 42 في المائة

مع زيادة سعر الحليب الخام في إيران بنحو 28 في المائة، توقعت وسائل الإعلام الإيرانية أن تشهد سوق الألبان في الأيام المقبلة زيادة في الأسعار بنحو 42 في المائة وارتفاعًا كبيرًا في التكاليف.

مع زيادة سعر الحليب الخام في إيران بنحو 28 في المائة، توقعت وسائل الإعلام الإيرانية أن تشهد سوق الألبان في الأيام المقبلة زيادة في الأسعار بنحو 42 في المائة وارتفاعًا كبيرًا في التكاليف.
في الأيام الماضية، أصدرت وزارة الزراعة ومجلس تسعير المنتجات الزراعية الأساسية تعميمًا رسميًا يعلن زيادة سعر كيلوغرام الحليب الخام أمام المزارع من 18 ألف تومان إلى 23 ألف تومان في عام 2025.
وذكرت صحيفة "همشهري"، التابعة لبلدية طهران، يوم الاثنين 19 مايو (أيار) في تقرير لها، أنه في سبتمبر (أيلول) 2024، عندما ارتفع سعر الحليب الخام بنسبة 20 في المائة، زادت أسعار المنتجات الخاضعة للتسعير مثل الجبن، والزبادي في العبوات الكبيرة، والحليب المبستر في الزجاجات والأكياس، بنسبة تصل إلى 30 في المائة.
وأشارت هذه الزيادة في الأسعار إلى أن كل زيادة بنسبة واحد في المائة في سعر الحليب تؤدي في المتوسط إلى زيادة أسعار منتجات الألبان بمقدار 1.4 ضعف، بينما قالت رابطة صناعات منتجات الألبان في إيران إن هذا التأثير يجب أن يكون 0.7 في المائة.
تأتي هذه الزيادة في الأسعار في إيران في وقت أدى فيه الغلاء خلال السنوات الماضية إلى زيادة عدد "الفقراء".
وذكرت صحيفة "دنياي اقتصاد" في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي أن خط الفقر لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد في طهران يبلغ حوالي 20 مليون تومان في العام الحالي.
ويقول خبراء اقتصاديون إن حوالي ثلث سكان إيران غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية.
إلى أي مدى سترتفع أسعار منتجات الألبان؟
أشارت "همشهري"، مستندة إلى التجارب السابقة، إلى أن زيادة أسعار منتجات الألبان في العام الحالي قد تكون مماثلة لما حدث في العام الماضي.
وفقًا لهذه التقديرات، سيرتفع سعر زجاجة الحليب المبستر قليل الدسم العادي سعة لتر واحد بنحو 40 في المائة إلى أكثر من 39 ألف تومان، وسيزيد سعر الحليب المبستر قليل الدسم في كيس سعة 900 غرام بنسبة 41 في المائة إلى أكثر من 33 ألف تومان.
كما سيرتفع سعر الجبن الأبيض (UF) وزن 400 غرام، الذي يبلغ حاليًا 56 ألف تومان، بنحو 36 في المائة ليصل إلى أكثر من 76 ألف تومان.
وسيزيد السعر المعتمد للزبادي قليل الدسم في عبوة سعة 2.8 كيلوغرام بنحو 42 في المائة ليصل إلى 110 آلاف تومان.
ووفقًا للتقارير، يبدو أن صناعات الألبان قد توصلت إلى اتفاق على زيادة أسعار منتجات الألبان بنسبة 42 في المائة.
وذكرت صحيفة "همشهري" أنه في ظل التضخم المتتالي في اقتصاد إيران، لا يستطيع المستهلكون تحمل زيادة أسعار الألبان، ولكن في الوقت ذاته، يعتبر منتجو الحليب أن السعر المضمون البالغ 23 ألف تومان لكل كيلوغرام من الحليب الخام "غير عادل ويشكل تهديدًا خطيرًا لبقاء صناعة تربية المواشي في البلاد".
على مدى السنوات الماضية، شهدت المواد الغذائية الشائعة استهلاكًا من الأسر أعلى معدلات التضخم.
وأفاد مركز بحوث غرفة إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي أنه حتى نهاية عام 2021، كان حوالي 32 مليون شخص في البلاد يعيشون تحت خط الفقر (الفقر الغذائي)، وكتب أن هذا الاتجاه لا يزال يتسع بسرعة بسبب التضخم الشديد في السنوات الأخيرة.

كتب ران بوسو، المحلل في مجال الطاقة، في تقرير لوكالة "رويترز" أن رفع العقوبات الأميركية عن صادرات النفط الإيراني سيوجّه ضربة مدمّرة للمصافي الصينية المستقلة التي ازدهرت بفضل معالجة النفط الإيراني الرخيص.
وأكد بوسو، في مقاله المنشور يوم الاثنين 19 مايو (أيار)، أنه في حال رفع العقوبات النفطية الأميركية عن طهران، ستتخذ أسعار النفط اتجاهًا هبوطيًا.
وأشار هذا المحلل إلى "الاستراتيجية المزدوجة" للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تجاه إيران، إذ يسعى من جهة إلى تطبيق حملة "الضغط الأقصى" من خلال تشديد العقوبات الاقتصادية، ومن جهة أخرى، يتابع مفاوضات رفيعة المستوى حول البرنامج النووي الإيراني.
وكان ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي أن الطرفين "اقتربا كثيرًا" من التوصل إلى اتفاق.
وكتب بوسو في هذا السياق أن المفاوضات النووية بين إيران والقوى الغربية لطالما كانت معقدة ومليئة بالتوقفات والانطلاقات، لكن إذا ما أفضت في النهاية إلى اتفاق، فمن المرجح أن تشمل رفع عدد كبير من القيود الاقتصادية الأميركية المفروضة على قطاع النفط الإيراني.
وأضاف أن رفع هذه العقوبات ستكون له آثار عميقة على أسواق الطاقة العالمية.
وقد فُرضت العقوبات الأميركية الصارمة على صناعة النفط الإيراني منذ عام 2018، بالتزامن مع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
ورغم أن هذه العقوبات قلّصت بشكل حاد عائدات إيران النفطية، التي تُعد المصدر الأساسي لتمويل النظام إلا أنها لم تنجح في أي وقت في إيصال صادرات النفط الإيراني إلى مستوى الصفر.
صادرات النفط الإيراني، "تي بات" وأسطول الظل
واستنادًا إلى بيانات شركة "كبلر"، كتب بوسو أن صادرات النفط الإيراني التي بلغت 2.8 مليون برميل يوميًا في عام 2018، تراجعت في عام 2020 إلى أدنى مستوياتها، عند 150 ألف برميل يوميًا.
لكن منذ ذلك الحين، عادت صادرات النفط الإيراني للارتفاع تدريجيًا، ووصلت في العام الحالي إلى متوسط يبلغ نحو 1.65 مليون برميل يوميًا.
خلال السنوات الأخيرة، شكّلت المصافي الخاصة الصينية المعروفة باسم "تي بات"، الزبائن الرئيسيين للنفط الإيراني.
واستفادت هذه المصافي من العقوبات لتشتري النفط من طهران بخصومات كبيرة.
وتُعد هذه المصافي الصغيرة والمستقلة، التي تتركز أساسًا في إقليم شاندونغ شرق الصين، مسؤولة عن قدرة تكرير إجمالية تبلغ نحو أربعة ملايين برميل يوميًا، أي ما يقرب من خُمس القدرة التكريرية الكلية للصين.
وأضاف بوسو أن كميات كبيرة من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات تم تهريبها إلى الصين من خلال شبكة معقدة من الشركات الوهمية و"أسطول الظل" خلال السنوات الأخيرة.
ويعمل "أسطول الظل" عن طريق نقل الشحنات النفطية من سفينة إلى أخرى لإخفاء مصدرها الحقيقي.
الحجم الدقيق لهذا التبادل غير معروف، نظرًا إلى أن البيانات الرسمية للجمارك الصينية لا تسجل أي واردات نفطية من إيران.
لكن، وفقًا لتقديرات شركة "كبلر" التي تعتمد على تعقّب السفن والتكنولوجيا الفضائية، فإن الصين استوردت 77٪ من صادرات إيران اليومية البالغة 1.6 مليون برميل في العام الماضي.
وبحسب هذا المحلل، انخفضت حصة الصين من صادرات النفط الإيراني هذا العام إلى نحو 50 في المائة، ويُرجّح أن ذلك ناتج عن العقوبات الأميركية الجديدة المفروضة على بعض مصافي "تي بات" ومشغّلي الموانئ في شاندونغ.
وكتب بوسو أن هذه التقديرات تتطابق مع البيانات المتعلقة بكميات النفط الإيراني غير المفرَّغ بعد، والموجود حاليًا على متن السفن. وقد بلغ حجم هذا النفط أعلى مستوياته منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وأضاف أنه في حال رفع العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيراني، فإن هذه الكميات سيتم بيعها بسرعة.
وعلى الرغم من عقد أربعة جولات من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، لم تُفضِ هذه المحادثات بعد إلى نتيجة، ويظل الخلاف الأساسي هو مسألة تخصيب اليورانيوم في إيران.

ارتفعت أسعار النفط العالمية إثر تزايد احتمال فشل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، مما أضعف آفاق زيادة إمدادات النفط الإيراني إلى الأسواق الدولية.
وذكرت شبكة "سي إن بي سي"، اليوم الثلاثاء 20 مايو (أيار) أن سعر العقود الآجلة لخام برنت ارتفع بمقدار 12 سنتًا ليصل إلى 65.66 دولارًا للبرميل.
كما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 16 سنتًا ليبلغ 62.85 دولارًا للبرميل.
وقال أليكس هودز، المحلل في شركة "ستون إكس"، إن التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن كان من شأنه أن يمهد الطريق لرفع العقوبات الأميركية، ويسمح لإيران بزيادة صادراتها النفطية بما يتراوح بين 300 إلى 400 ألف برميل يوميًا.
وأضافت "سي إن بي سي" أن خفض التصنيف الائتماني للحكومة الأميركية من قبل وكالة "موديز" قد ألقى بظلاله على التوقعات الاقتصادية لأكبر مستهلك للطاقة في العالم، ومنع من ارتفاع أكبر في أسعار النفط.
كانت الوكالة قد خفضت في 16 مايو (أيار) التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بدرجة واحدة، مشيرة إلى القلق من الدين العام المتزايد الذي يبلغ 36 تريليون دولار.
وعلاوة على ذلك، فإن صدور بيانات تُظهر تباطؤ نمو الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، قد فرض ضغطًا إضافيًا على أسعار النفط.
وتوقعت "سي إن بي سي" أن تشهد أسعار النفط في المدى القصير تقلبات بسبب الرسوم الجمركية، والمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وقال مجيد تخت روانجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، في 19 مايو، إنه إذا أصرت الولايات المتحدة على الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم الإيراني، فإن "المفاوضات لن تصل إلى نتيجة".
وكان ستيف ويتكوف، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الشرق الأوسط ورئيس الوفد الأميركي المفاوض، قد صرح في وقت سابق بأن واشنطن "لن تقبل حتى بنسبة واحد بالمائة من قدرة التخصيب في إيران"، لأن هذه التكنولوجيا تُتيح إمكانية الوصول إلى السلاح النووي.
وفي 19 مايو (أيار)، نقل موقع "ذا ناشيونال" الإخباري عن مسؤولين إيرانيين أن المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران وصلت إلى طريق مسدود بسبب الخلاف حول مسألة تخصيب اليورانيوم.

أرسلت لي شقيقتي مقطع فيديو ساخرًا، الليلة الماضية، يظهر به شخص يتحدث مازحًا بأن الحكومة الإيرانية بدلاً من تعديل الساعة للتوقيت الصيفي، تجرّ 85 مليون شخص ذهابًا وإيابًا معها. المقطع كان مضحكًا، لكنّه لامس وجعًا حقيقيًا.
شقيقتي وزوجها يعملان في القطاع العام، وعليهما الآن أن يبدآ العمل من الساعة 6 صباحًا حتى 1 ظهرًا، بعدما فرضت الحكومة إغلاق الإدارات خلال ساعات ذروة الحرّ، لتقليل استهلاك الكهرباء.
وقالت شقيقتي: "الذين يتخذون هذه القرارات يظنون أن كل الناس يملكون سيارات، أو يستطيعون دفع أجرة سيارة كل يوم. معظمنا يعتمد على الحافلات، فليس الجميع يسكن على بُعد 30 دقيقة من مكان العمل، رحلتنا تستغرق على الأقل ساعة، والأمر مرهق حقًا".

ولكي يصلا إلى العمل في السادسة، يستيقظان في الرابعة والنصف؛ حيث إن المترو بعيد جدًا عنهما، ويعتمدان على الحافلات، التي بدأت الخدمة مبكرًا قليلًا فقط، في الساعة 5:30 صباحًا.
كما أن مدرسة أطفالهما لم تغيّر مواعيدها لتتلاءم مع هذا النظام الجديد، ودور الحضانة لا تفتح قبل الساعة 7:30 صباحًا، ما يترك الأهل العاملين في حالة تخبط- حرفيًا ومجازيًا- في الظلام.
ومنذ عام 1991 حتى 2022، اعتمدت إيران التوقيت الصيفي، لكن البرلمان ألغاه لاحقًا؛ بحجة أنه مربك ويضر بالاقتصاد. حاولت الحكومة التراجع من خلال مشروع قانون عاجل، لكن البرلمان منعه. وهكذا، علقنا في توقيت ثابت، كما علقنا مع حفنة من الفاشلين الذين يحكمون، ويدمّرون هذا البلد.
وأصبحت انقطاعات الكهرباء جزءًا من الروتين اليومي، وتطال المصانع، والمحال، والمنازل، حتى مع إعلان المرشد الإيراني، علي خامنئي، هذا العام عامًا لـ "الاستثمار من أجل الإنتاج".
وانتشرت صور لمزارعين يحرقون أكوامًا من البيض الفاسد؛ بسبب انقطاع الكهرباء، إلى جانب صور لمولدات ديزل مصطفّة أمام البيوت والمتاجر.
وأضافت شقيقتي: "إذا لم تضحك، فستبكي. معظم من ينشر هذه الصور أو يراها على مواقع التواصل يغلي من الداخل".
ولم تنفع التغييرات الطفيفة في جداول العمل في مدن كطهران كثيرًا، والحال أسوأ بكثير في المدن الصغيرة. العديد من المدارس ترفض تعديل ساعاتها، ما يخلق متاعب جمّة للأهالي، الذين يحاولون التوفيق بين تنقلاتهم ورعاية أطفالهم.
ثم تأتي أزمة المياه؛ فنحن نعيش في مبنى من أربعة طوابق، وقد انخفض ضغط المياه لدرجة أن الطوابق العليا بالكاد يصلها الماء.
وتحذر السلطات الآن أنه بحلول صيف هذا العام، ستنقطع المياه تمامًا عن الشقق فوق الطابق الثاني، ما لم تُركّب مضخات كهربائية. لكن مع الانقطاعات المتكررة للكهرباء، هذا الحل أيضًا غير عملي.

ويعني ذلك، عمليًا، أن سكان الطوابق السفلى ما زالوا يحصلون على بعض الماء، بينما يُترك من هم بالأعلى يعانون دون مياه. وكالعادة، يُنقل العبء إلى الناس.
ويعاني أكثر من 40 مدينة في إيران أزمة مياه، بحسب الأرقام الرسمية، والملايين متضررون، بل ويتعرضون أحيانًا للإهانة من رجال دِين يتحدثون عن العلاقة بين الجفاف والمعاصي.
مرّ زوج شقيقتي وهو يقول بنبرة ساخرة: "لا يمكن إلقاء اللوم على الحكومة لعدم هطول المطر".
وأضاف وهو يبتعد: "ولا يمكن لومها على البنى التحتية المتهالكة، أو على العقوبات، أو على الفشل في تنسيق وتنظيم جداول العمل. لديها مهمة واحدة فقط: أن تجعل حياتكم بائسة. وقد أدّتها ببراعة، إذا كان الضوء الخافت من شاشات هواتفكم مقياسًا لذلك".

مع تصاعد العقوبات الدولية وتفاقم الضغوط الداخلية، تواجه إيران واحدة من أصعب الظروف الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وهو ما يؤكده تقرير جديد صادر عن صندوق النقد الدولي.
رسم صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير صورة مقلقة للتدهور الاقتصادي، والتضخم الشديد، وانكماش الاقتصاد، وزيادة عجز الموازنة في إيران، مما قد يكون مؤشراً على عدم استقرار طويل الأمد.
توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الاقتصاد الإيراني في عام 2025 نسبة 0.3 في المائة فقط، في حين كان قد توقع في تقريره السابق في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 نمواً بنسبة 3 في المائة.
يعود هذا الانخفاض الحاد إلى الضغوط المتزايدة للعقوبات الأميركية التي تهدف إلى تقليص عائدات إيران النفطية وقطع وصولها إلى الموارد المالية.
سيشهد قطاع النفط، الذي يعد العمود الفقري للاقتصاد الإيراني، مزيداً من الضرر في الظروف الحالية. وقدّر صندوق النقد الدولي أن ينخفض إنتاج وتصدير النفط الإيراني في العام المقبل بمقدار 300 ألف برميل يومياً.
وسبق أن حذرت شركات استشارية في مجال الطاقة مثل "كيبلر" و"فورتيكسا" و"تانكر تراكرز"، في تصريحات لقناة "إيران إنترناشيونال"، من أن تصدير النفط الإيراني قد ينخفض بما يصل إلى 500 ألف برميل يومياً مع تشديد العقوبات.
في أبريل (نيسان) وحده، فرضت إدارة ترامب ثماني حزم عقوبات جديدة على ناقلات النفط وشبكات تصدير النفط الإيراني، وفي مايو (أيار)، فرضت ثلاث حزم عقوبات إضافية حتى الآن.
ووفقاً لإحصاءات قدمتها شركة "كيبلر" لقناة "إيران إنترناشيونال"، بلغ متوسط تفريغ النفط الإيراني في الموانئ الصينية من بداية يناير (كانون الثاني) حتى نهاية أبريل (نيسان) 2025 حوالي 1.38 مليون برميل يومياً، أي أقل بـ100 ألف برميل عن متوسط العام الماضي. وتُعتبر الصين المشتري الرئيسي للنفط الإيراني.
انخفاض الفائض التجاري وزيادة هروب رؤوس الأموال
وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي، ستنخفض إجمالي الصادرات الإيرانية (بما في ذلك النفط، والسلع غير النفطية، والخدمات) بنسبة 16 في المائة هذا العام، لتصل إلى 100 مليار دولار.
كما ستنخفض الواردات بنسبة 10 في المائة لتصل إلى 98 مليار دولار. ونتيجة لذلك، سيكون الفائض التجاري الإيراني 2 مليار دولار فقط، مقارنة بـ10 مليارات دولار في العام الماضي.
على الرغم من الفائض التجاري الإيجابي في السنوات الماضية، لا يزال هروب رؤوس الأموال من إيران عند مستوى مقلق.
وأعلن البنك المركزي الإيراني أن حوالي 14 مليار دولار من رؤوس الأموال غادرت البلاد في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، مقارنة بـ20 مليار دولار في العام السابق له.
ومنذ إعادة فرض العقوبات في عام 2018، تضاعف هروب رؤوس الأموال من البلاد حوالي ست مرات.
انهيار التومان وانكماش الاقتصاد
لكن الصدمة الأكبر تتعلق بالناتج المحلي الإجمالي الاسمي، وهو مؤشر يعكس حجم اقتصاد الدولة على المستوى العالمي بناءً على الأسعار الجارية وبحساب الدولار الأميركي.
وقدّر صندوق النقد الدولي أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لإيران في عام 2025 إلى 341 مليار دولار، أي أقل بـ60 مليار دولار عن عام 2024.
السبب الرئيسي لهذا الانخفاض هو الانهيار الحاد في قيمة التومان، الذي خسر حوالي نصف قيمته في العام الماضي وحده.
على الرغم من أن إحصاءات النمو الاقتصادي في إيران بناءً على الأسعار الثابتة (لعام 2016) ودون احتساب آثار التضخم وانخفاض قيمة التومان قد تبدو مستقرة، إلا أن الأخذ بالأسعار الجارية يكشف بوضوح الحقيقة المريرة لانكماش الاقتصاد.
في عام 2000، كان اقتصاد إيران أكبر من اقتصادات المملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة، لكن اليوم أصبح اقتصاد السعودية أكبر بأكثر من ثلاثة أضعاف، واقتصاد تركيا أكبر بأربعة أضعاف، واقتصاد الإمارات أكبر بـ1.6 مرة من اقتصاد إيران.
تضخم على مستوى دول مثل فنزويلا وزيمبابوي
ويتسارع التضخم في إيران بسرعة. ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته لتضخم إيران في عام 2025 من 37 في المائة في تقريره السابق إلى 43.3 في المائة، ليضع إيران إلى جانب دول مثل فنزويلا والسودان وزيمبابوي في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث التضخم.
ويمكن إرجاع هذا التضخم الشديد إلى انهيار قيمة التومان، والقيود على استخدام الاحتياطيات الأجنبية، وزيادة اقتراض الحكومة الداخلي بشكل حاد، وارتفاع تكاليف الواردات في ظل العقوبات.
موازنة غير مستدامة وبعيدة عن الواقع
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن صندوق النقد الدولي أشار إلى أن إيران ستحتاج لبيع النفط بسعر 163 دولاراً للبرميل لتتمكن من موازنة ميزانيتها لعام 2025 دون عجز، في حين أن متوسط سعر النفط العالمي يبلغ حوالي 66 دولاراً.
وأعدت الحكومة الإيرانية ميزانية العام المقبل بناءً على تصدير 1.85 مليون برميل نفط يومياً بسعر 67 دولاراً، لكن صندوق النقد الدولي يقدّر أن تصدير النفط الخام الإيراني الفعلي لن يتجاوز حوالي 1.1 مليون برميل يومياً.
وتصدر إيران أيضاً حوالي 200 ألف برميل يومياً من المكثفات الغازية، لكن الفجوة بين الصادرات الفعلية وأرقام الموازنة لا تزال ضخمة، مما سيؤدي إلى نقص كبير في إيرادات الحكومة.
وليست هذه الوضعية جديدة على إيران. في السنوات الأخيرة، واجهت الحكومات عادةً عجزاً في الموازنة يعادل حوالي ثلث إجمالي النفقات، ولتغطية هذا العجز، لجأت إما إلى طباعة النقود أو الاقتراض من البنوك وصندوق التنمية الوطني، وهي خطوات أدت إلى تأجيج التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة دين الحكومة الإيرانية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 39.9 في المائة هذا العام، وإلى 41.9 في المائة في العام المقبل، وهي أرقام مقلقة للغاية بالنسبة لاقتصاد يعاني من عقوبات قاسية.

وسط تصاعد القلق من عجز النظام الإيراني عن توفير الماء والكهرباء مع اقتراب فصل الصيف، أعلنت سميه رفيعي، رئيسة كتلة البيئة في البرلمان الإيراني، أن وضع الموارد المائية في 44 سدًا داخل إيران بات في حالة حرجة، وأن لهذا الوضع تأثيرًا سلبيًا مباشرًا على إنتاج الكهرباء.
وقالت رفيعي يوم الثلاثاء 6 مايو (أيار): "منذ بداية السنة المائية 2024–2025 حتى الآن، انخفضت نسبة تدفّق المياه إلى خزانات السدود بنسبة 37% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. كما تراجع حجم المياه المخزنة بنسبة 18% مقارنةً بالعام الماضي، و15% مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية".
يُذكر أن السنة المائية 2024–2025 بدأت في سبتمبر (أيلول) 2024 وتنتهي في 22 سبتمبر 2025.
وأشارت رفيعي إلى ما وصفته بـ"أزمة مائية خطيرة" في إيران، مرجعة أسبابها إلى: "التغيرات المناخية"، و"سوء الإدارة في مجال دبلوماسية المياه"، و"نقص الاستثمارات في إعادة تدوير المياه واستخدام التكنولوجيا الحديثة"، و"عدم تغيير نمط استهلاك المياه في مجالي الشرب والزراعة"، و"سوء الإدارة في زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه".
وكان حسام خسرويان، المدير التنفيذي لشركة مياه طهران، قد حذر في 3 مايو (أيار) من دخول العاصمة عامها الخامس على التوالي من الجفاف، قائلًا إن "صيفًا صعبًا في الطريق".
وفي أبريل (نيسان)، حذّر النائب البرلماني أبو الفضل أبو ترابي من تفاقم أزمة شحّ المياه ووقوع "حرب مياه" بين المحافظات الإيرانية مستقبلاً.
الوضع الحرج لمحطات الكهرباء المائية
وفي سياق متصل، تحدثت رفيعي عن تأثير شحّ المياه في تفاقم أزمة الطاقة بإيران، وقالت: "أكثر من 12,500 ميغاواط من قدرة محطات الكهرباء المائية في إيران تراجعت نتيجة انخفاض منسوب المياه".
ووصفت وضع إنتاج الكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة بـ"غير المستقر"، مشيرة إلى "غياب تحديث وتطوير محطات الطاقة المتجددة"، وحذرت من أن "فصلي الربيع والصيف لهذا العام سيكونان حرجين للغاية من ناحية المياه والكهرباء، ولا يوجد حاليًا أي خيار سوى التزام المواطنين بنمط استهلاك معتدل لتجاوز هذه المرحلة".
كما دعت إلى "رصد إلكتروني فوري لجميع الأجهزة الحكومية" بهدف مواجهة مؤسسات الدولة التي تُعد من كبار مستهلكي الطاقة.
يُشار إلى أن الانقطاعات المتكررة في الماء والكهرباء خلال الأيام الأخيرة أثارت موجة من الانتقادات الواسعة تجاه أسلوب إدارة النظام الإيراني.
وفي 6 مايو (أيار)، قال أحمد بخشايش أردستاني، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، تعليقًا على أزمة الطاقة بالتزامن مع المفاوضات مع الولايات المتحدة: "بعد 47 عامًا على الثورة، من العيب أننا - رغم كوننا قوة إقليمية عظمى ونتفاوض مع أميركا ونتظاهر بالقوة - نفتقر إلى الكهرباء، وضعف المياه واضح، والإدارة فاشلة".
الوضع الكارثي للمياه الجوفية
ووصفت رفيعي الاستغلال المفرط للمياه الجوفية في إيران بأنه "كارثي للغاية"، محذرة من ظاهرة "الهبوط الأرضي" التي باتت تُشاهد في 30 محافظة إيرانية.
كما أشارت إلى الوضع المتأزم للبحيرات والمسطحات المائية، قائلة: "66% من بحيرات البلاد تحولت إلى مصادر للغبار والعواصف الرملية".
وتأتي هذه التصريحات في وقت تسببت فيه أزمة الغبار وتلوث الهواء بإغلاق المدارس والجامعات في ما لا يقل عن أربع محافظات، من بينها كردستان، ولرستان، وبوشهر.
وكان موقع "دیده بان إيران" قد حذر في يناير (كانون الثاني) الماضي من أن خُمس سكان إيران باتوا معرضين لتبعات الهبوط الأرضي.
