لا كهرباء ولا ماء ولا خُطة: في صيف إيران.. إن لم تبكِ فاضحك

أرسلت لي شقيقتي مقطع فيديو ساخرًا، الليلة الماضية، يظهر به شخص يتحدث مازحًا بأن الحكومة الإيرانية بدلاً من تعديل الساعة للتوقيت الصيفي، تجرّ 85 مليون شخص ذهابًا وإيابًا معها. المقطع كان مضحكًا، لكنّه لامس وجعًا حقيقيًا.
شقيقتي وزوجها يعملان في القطاع العام، وعليهما الآن أن يبدآ العمل من الساعة 6 صباحًا حتى 1 ظهرًا، بعدما فرضت الحكومة إغلاق الإدارات خلال ساعات ذروة الحرّ، لتقليل استهلاك الكهرباء.
وقالت شقيقتي: "الذين يتخذون هذه القرارات يظنون أن كل الناس يملكون سيارات، أو يستطيعون دفع أجرة سيارة كل يوم. معظمنا يعتمد على الحافلات، فليس الجميع يسكن على بُعد 30 دقيقة من مكان العمل، رحلتنا تستغرق على الأقل ساعة، والأمر مرهق حقًا".

ولكي يصلا إلى العمل في السادسة، يستيقظان في الرابعة والنصف؛ حيث إن المترو بعيد جدًا عنهما، ويعتمدان على الحافلات، التي بدأت الخدمة مبكرًا قليلًا فقط، في الساعة 5:30 صباحًا.
كما أن مدرسة أطفالهما لم تغيّر مواعيدها لتتلاءم مع هذا النظام الجديد، ودور الحضانة لا تفتح قبل الساعة 7:30 صباحًا، ما يترك الأهل العاملين في حالة تخبط- حرفيًا ومجازيًا- في الظلام.
ومنذ عام 1991 حتى 2022، اعتمدت إيران التوقيت الصيفي، لكن البرلمان ألغاه لاحقًا؛ بحجة أنه مربك ويضر بالاقتصاد. حاولت الحكومة التراجع من خلال مشروع قانون عاجل، لكن البرلمان منعه. وهكذا، علقنا في توقيت ثابت، كما علقنا مع حفنة من الفاشلين الذين يحكمون، ويدمّرون هذا البلد.
وأصبحت انقطاعات الكهرباء جزءًا من الروتين اليومي، وتطال المصانع، والمحال، والمنازل، حتى مع إعلان المرشد الإيراني، علي خامنئي، هذا العام عامًا لـ "الاستثمار من أجل الإنتاج".
وانتشرت صور لمزارعين يحرقون أكوامًا من البيض الفاسد؛ بسبب انقطاع الكهرباء، إلى جانب صور لمولدات ديزل مصطفّة أمام البيوت والمتاجر.
وأضافت شقيقتي: "إذا لم تضحك، فستبكي. معظم من ينشر هذه الصور أو يراها على مواقع التواصل يغلي من الداخل".
ولم تنفع التغييرات الطفيفة في جداول العمل في مدن كطهران كثيرًا، والحال أسوأ بكثير في المدن الصغيرة. العديد من المدارس ترفض تعديل ساعاتها، ما يخلق متاعب جمّة للأهالي، الذين يحاولون التوفيق بين تنقلاتهم ورعاية أطفالهم.
ثم تأتي أزمة المياه؛ فنحن نعيش في مبنى من أربعة طوابق، وقد انخفض ضغط المياه لدرجة أن الطوابق العليا بالكاد يصلها الماء.
وتحذر السلطات الآن أنه بحلول صيف هذا العام، ستنقطع المياه تمامًا عن الشقق فوق الطابق الثاني، ما لم تُركّب مضخات كهربائية. لكن مع الانقطاعات المتكررة للكهرباء، هذا الحل أيضًا غير عملي.

ويعني ذلك، عمليًا، أن سكان الطوابق السفلى ما زالوا يحصلون على بعض الماء، بينما يُترك من هم بالأعلى يعانون دون مياه. وكالعادة، يُنقل العبء إلى الناس.
ويعاني أكثر من 40 مدينة في إيران أزمة مياه، بحسب الأرقام الرسمية، والملايين متضررون، بل ويتعرضون أحيانًا للإهانة من رجال دِين يتحدثون عن العلاقة بين الجفاف والمعاصي.
مرّ زوج شقيقتي وهو يقول بنبرة ساخرة: "لا يمكن إلقاء اللوم على الحكومة لعدم هطول المطر".
وأضاف وهو يبتعد: "ولا يمكن لومها على البنى التحتية المتهالكة، أو على العقوبات، أو على الفشل في تنسيق وتنظيم جداول العمل. لديها مهمة واحدة فقط: أن تجعل حياتكم بائسة. وقد أدّتها ببراعة، إذا كان الضوء الخافت من شاشات هواتفكم مقياسًا لذلك".