وعلى الرغم من أن الحديث في الندوة كان حول الأفكار السياسية لفيلسوف القرن العاشر ابن سينا، فقد كان خطاب لاريجاني مليئًا بالمصطلحات السياسية الحديثة بما في ذلك خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية والمشاركة السياسية والقدرة التنافسية. وكتب الصحافي في صحيفة "مستقل" أمير رضا نوزري، تعليقا على صفحته في "تويتر"، حول كلمة لاريجاني في الندوة، أن رئيس البرلمان السابق حذر من استمرار الوضع الحالي في البلاد.
وكان لاريجاني ومرشحون آخرون قد منعوا من خوض الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) الماضي، مما يضمن انتخاب المتشدد إبراهيم رئيسي. وفي ذلك الوقت، تنبأ كثيرون بنهاية عهد لاريجاني.
وقال لاريجاني في كلمته على قناته الرسمية في "تلغرام"، إن "نظرية الثورة الإسلامية استندت إلى العقلانية والفلسفة الإسلامية، لكن الجمهورية الإسلامية أصبحت تدريجياً حكومة شعبوية".
وقد أجرى لاريجاني تشبيهات متكررة بين نظرية ابن سينا في الحكم والنظام السياسي الديني الحالي. ونقلاً عن ابن سينا، قال لاريجاني إن "الحكومة المقبولة هي التي يمكن أن تخلق فرص عمل للمواطنين". وشرح لاريجاني كيف تفشل المجتمعات البشرية، مضيفاً أن "الحكومة الشرعية التي تحترم القانون لن تواجه الانهيار.في مثل هذه الحكومة يوجد تضامن بين المواطنين، وتعمل الحكومة على أساس عقلاني".
وأوضح أن الانهيار يحدث داخل المجتمعات "ليس بسبب الغزو الأجنبي؛ فالغزو الأجنبي يستغل دائما العيوب داخل النظام".
وأضاف لاريجاني في جزء آخر من خطابه أن "الحكومات شديدة الصرامة والإهمال تؤدي إلى الفساد والفوضى في المجتمع، وإذا لم يتمكن القادة من إقناع المواطنين فلن يثق المواطنون في الحكومة و سينهار المجتمع".
ويفسر المراقبون السياسيون هذا الظهور على أنه إشارة إلى رغبة لاريجاني في تولي زمام القيادة في إحياء معسكر إيران المعتدل والإصلاحي. وأن هذا الخطاب جزء من البيان السياسي للاريجاني.
وكجزء من رؤيته الجديدة لمجتمع سياسي قائم على نظرية ابن سينا، قال لاريجاني إنه "يجب أن تكون هناك مشاركة سياسية [في إيران] وأن تكون الأنشطة الاقتصادية قائمة على المنافسة".
وفي غضون ذلك، شدد لاريجاني على أن "وجود طبقة وسطى ضروري لاستعادة العدالة في كل مجتمع".
وقد اتهم الاقتصاديون في إيران مؤخرًا المتشددين بتدمير الطبقة الوسطى في البلاد وجعل النخب وجهاً لوجه مع الطبقة العاملة المحرومة في مواجهة عدائية.
ويشير مراقبون إلى أن معسكر الإصلاح خسر بوفاة الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، وأن لاريجاني يحاول الآن ملء الفراغ السياسي الذي خلفه البرغماتي رفسنجاني.
يشار إلى أن خلفية لاريجاني بصفته نجل رجل دين، وضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني، وسياسي محترف، كان له دور في موافقة البرلمان على الاتفاق النووي عام 2015، وهو ما يجعله- حسب مراقبيت- مرشحاً مثالياً لملء مكان رفسنجاني، "وسيرحب أولئك الذين يُعتبرون إصلاحيين ومعتدلين بظهور زعيم بعد حرمانهم من قبل المتشددين من لعب دور في السياسة الإيرانية".
ومع ذلك، تكمن نقطة ضعف لاريجاني في تورط إخوته في عمليات فساد مالي كشف عنها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد في نفس البرلمان الذي ترأسه علي لاريجاني في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وقد ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن إشارة لاريجاني إلى الكيفية التي قد ينهار بها النظام السياسي هي تحذير خطير للقادة الإيرانيين، الذين فقدوا الثقة الشعبية.