وأكدت أردكاني، يوم الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول)، ضرورة كشف الحقيقة بشأن وفاة علي كردي، قائلة: "من المهم جدًا بالنسبة لنا أن تنكشف حقيقة ما جرى، ولا سيما في قضية علي كردي، وكذلك في قضايا جميع المحامين الذين قُتلوا على يد النظام الإيراني".
وأضافت أن الجهة الوحيدة القادرة على كشف هذه الحقيقة هي "العدالة الدولية"، ووصفت المحكمة الجنائية الدولية بأنها "المرجع الوحيد الضامن" لإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة.
وبحسب هذه المحامية، لا ينبغي النظر إلى وفاة علي كردي كقضية منفصلة، بل في إطار أوسع من قمع المحامين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان في إيران؛ وهم، على حد قولها، "لم يفعلوا شيئًا سوى الدفاع عن السجناء السياسيين والحرية".
وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، قد أشارت في رسالة على منصة "إكس"، في 15 ديسمبر الجاري، إلى اعتقال عدد من المواطنين خلال مراسم تأبين علي كردي، مؤكدة أنها تتابع التقارير المتعلقة بهذا الموضوع "بدقة وبشكل مستمر".
كما نشرت الناشطة الباكستانية في مجال حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، ملالا يوسفزي، رسالة على "إكس"، أشادت فيها بشجاعة نرجس محمدي وأعلنت تضامنها معها، مطالبة بالإفراج غير المشروط عن هذه الناشطة الحقوقية.
غياب القضاء المستقل في إيران
أشارت أردكاني إلى وضع القضاء الإيراني قائلة: "إن وجود عدالة مستقلة أمر ضروري، لكن مثل هذه العدالة غير موجودة في إيران".
وأضافت أن القضاء الإيراني يفتقر إلى الضمانات اللازمة لتمكين المتهمين، ومنهم محمدي، من الوصول إلى محامٍ مستقل، كما لا تتوافر إمكانية الدفاع العادل أمام المحاكم.
وذكّرت بأن محمدي طالبت مرارًا، لنفسها ولغيرها، بالحق في اختيار محامٍ بحرية، وبإمكانية الاطلاع على الملف الجنائي واللقاء بالمحامي، إلا أن ذلك "غير ممكن للأسف في إيران اليوم"، بحسب قولها.
وشددت محامية عائلة محمدي على أن هذا هو السبب في مطالبتهم بتدخل المحكمة الجنائية الدولية في ملف "الجرائم ضد الإنسانية" المنسوبة، على حد تعبيرها، إلى النظام الإيراني.
وأوضحت أنه في الأيام المقبلة سيُرسل تقرير قضائي رسمي، استنادًا إلى المادة 15 من نظام روما الأساسي، إلى مكتب مدعي المحكمة الجنائية الدولية.
وأشارت أردكاني إلى أن نظام روما هو معاهدة وقّعت عليها إيران، لكنها لم تصادق عليها، ومع ذلك سيُطلب من المدعي العام دراسة إمكانية فتح "تحقيقات مستقلة ومحايدة في الجرائم التي ارتكبها النظام الإيراني"، بما في ذلك الوفاة المشبوهة لعلي كردي، وأوضاع المحامين والصحافيين الذين قُتلوا أو اعتُقلوا على يد سلطات النظام، وعلى نحو أوسع قمع المواطنين منذ مقتل جينا (مهسا) أميني في سبتمبر (أيلول) 2022.
وقالت إن هذا التقرير قد يكون بداية لمسار يؤدي، في حال خلص المدعي العام إلى وجود أدلة كافية، إلى فتح تحقيق رسمي.
كما ذكّرت بأن لجنة تقصّي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة تواصل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 توثيق المؤشرات والأدلة المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية في إيران.
ما الهدف؟
بحسب هذه المحامية، يتمثل الهدف النهائي من هذه الإجراءات في محاسبة النظام الإيراني يومًا ما على هذه الجرائم.
وأكدت أن التطورات الأخيرة تُظهر أيضًا أنه كلما تجمع المواطنون للمطالبة بالحرية، يرد النظام بـ "العنف، والاعتقالات التعسفية، والسجن السياسي، وفي أسوأ الحالات الموت".
وأشارت أردكاني، في سياق حديثها عن اعتقال محمدي وعشرات النشطاء الآخرين، إلى أن "موكلتي و39 ناشطًا آخرين اعتُقلوا بشكل تعسفي وباستخدام العنف، ولم يفعلوا شيئًا سوى ممارسة حق يتمتع به جميع مواطني العالم: حق حرية التعبير".
وأضافت أن محمدي وبقية المعتقلين قالوا فقط: "نحن هنا في بيتنا، في بلدنا"، وطالبوا قوات الأمن بمساءلتها عن أفعالها.
وبحسب أردكاني، فإن التعبير عن هذه المواقف ليس جريمة، ولا ينبغي أن يؤدي إلى السجن (السياسي).
وشددت قائلة: "كشف الجريمة ليس جريمة".
وأضافت أن الاعتقالات التعسفية، وفقء عيون المتظاهرين، واستخدام عقوبة الإعدام لقمع المعارضين، والعنف المنهجي، كانت جزءًا من واقع أداء النظام الإيراني، خلال العقود الماضية، وأن من يكشف هذه الحقائق أبرياء.
وفي ختام حديثها، أكدت أردكاني أن محمدي وبقية النشطاء الذين يقبعون حاليًا في "الاعتقال السياسي" لا ينبغي أن يتعرضوا لمثل هذه الظروف لمجرد ممارستهم حقهم الطبيعي في التعبير عن الرأي، مشددة على أن هذه القضية "يجب متابعتها ومعالجتها".
مطالبات بالإفراج عن معتقلي مراسم خسرو علي كردي
أثارت الاعتقالات التي جرت خلال مراسم "اليوم السابع" لذكرى خسرو علي كردي، في الأيام الماضية، ردود فعل واسعة؛ حيث أدان عدد من نشطاء حقوق الإنسان ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هذه الإجراءات، مطالبين بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
وأُقيمت مراسم اليوم السابع لعلي كردي يوم الجمعة 12 ديسمبر، في مدينة مشهد، وردّد المشاركون خلالها شعارات احتجاجية لإحياء ذكراه.
وكان جثمانه قد عُثر عليه، يوم الخميس 6 ديسمبر الجاري، داخل مكتبه، ووصف عدد من المستخدمين وبعض المحامين والنشطاء وفاته بأنها "قتل حكومي".