وذكر موقع "جويش نيوز سنديكيت" الإسرائيلي أن أجهزة الاستخبارات الغربية رصدت ارتفاعًا ملحوظًا في دخول مواد ذات استخدام مزدوج إلى إيران. وتتركز المخاوف الكبرى حول "بيركلورات الصوديوم"، وهي مادة يتم تحويلها إلى "بيركلورات الأمونيوم"، المُكوّن الأساسي في وقود الصواريخ الباليستية العاملة بالوقود الصلب.
وكشفت تحقيقات شبكة "سي إن إن" أنه خلال الأشهر الماضية أُرسلت من الموانئ الصينية إلى بندر عباس بين 10 و12 شحنة، تحمل أكثر من ألفَي طن من المواد اللازمة لإنتاج الوقود الصاروخي؛ وهي من كبرى الشحنات المسجّلة في السنوات الأخيرة.
وقال مدير مشروع منع الانتشار النووي في شرق آسيا، جيفري لويس، إن حجم هذه الشحنات يشير إلى محاولة عاجلة من طهران لإعادة بناء قدرتها التصنيعية، مؤكدًا أن هذه الكمية تكفي لإنتاج نحو 500 صاروخ، وهو رقم مهم، لكنه لا يكفي لعودة إيران إلى وتيرة إنتاج نحو 200 صاروخ شهريًا، كما كان سابقًا.
مع ذلك، حذّر محللون آخرون من المبالغة. إذ قال الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ألكسندر غرينبرغ، إن التقارير حول تدفّق المواد الكيميائية قد تكون "مضخّمة"، مؤكدًا أن المسافة بين توفير المواد الخام وإنتاج صواريخ جاهزة للاستخدام "لا تزال كبيرة".
إعادة بناء منشآت المُدمرة في عملية "الأسد الصاعد"
أظهرت صور الأقمار الصناعية، التي راجعها موقع "جويش نيوز سنديكيت"، أن إيران تُعيد بسرعة بناء منشآت الوقود الصلب التي استهدفتها إسرائيل خلال عملية "الأسد الصاعد" التي استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي، بما في ذلك قاعات الإنتاج ومبانٍ تُستخدم لوضع أجهزة خلط الوقود.
لكن غرينبرغ يكرر أن هذه الصور لا تعني بالضرورة عودة القدرة الإنتاجية الكاملة، وأن جزءًا مما يبدو نشاطًا صاروخيًا قد يكون مجرد "ترميم تقني" بعد تدمير الموقع.
وبحسب الموقع، فإن إسرائيل كانت تقدّر مخزون إيران قبل الحرب بنحو 2700 صاروخ، بينما تقول الآن إن طهران أعادت بناء "نصف هذا المخزون على الأقل"، ويعمل على رفعه إلى ما فوق المستوى السابق للحرب.
ويترافق هذا مع اندفاع إيراني لزيادة مدى الصواريخ. فقد تحدّث مسؤولون في طهران عن استراتيجية "صواريخ بلا حدود"، مؤكدين أن المدى "سيُزاد إلى أي مستوى مطلوب".
وذهبت وسائل إعلام مقربة من النظام الإيراني إلى حدّ نشر ادعاءات حول صاروخ "شهاب-6" بمدى 10 آلاف كيلومتر، وهو مدى يصل إلى العاصمة الأميركية واشنطن.
لكن خبراء غربيين أكدوا أن الوصول إلى صواريخ عابرة للقارات يتطلب تقنيات متقدمة متعددة المراحل وقدرات على إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي، وهي قدرات لم تُظهرها إيران حتى الآن.
ضغط على أنظمة الدفاع الإسرائيلية والأميركية
وأفاد التقرير بأن هجمات إيران في يونيو الماضي أجبرت إسرائيل والولايات المتحدة على استخدام عدد كبير من منظومات الاعتراض، وهو أمر تدركه طهران جيدًا. وذكر "معهد السياسة الخارجية الأميركية" أن منظومات الدفاع "تعرّضت لضغط شديد" خلال صدّ موجات الهجوم الإيراني.
وفي المقابل، تكبّدت إيران خسائر كبيرة، شملت تدمير منصّات الإطلاق والمخازن وتعطيل شبكة القيادة والسيطرة. وبحسب بهنام بن طالب لو، من "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، فإن التجربة تؤثر مباشرة في استراتيجية طهران لإعادة بناء قوتها الصاروخية، محذرًا من أنها "قد تتقدم بسرعة تفوق إسرائيل".
ويرى التقرير أن إيران "لا ترغب حاليًا في الدخول في مواجهة واسعة"، وقال غرينبرغ إن الوضع الداخلي لإيران "منهار"، وإن أي هجوم مباشر سيمنح إسرائيل "مبررًا قويًا للحرب".
كما أكد أن إيران لم تُعد بعد بناء دفاعها الجوي، وأن إسرائيل يمكنها "تكرار سيناريو هجمات يونيو بسهولة"، مضيفًا أن كثيرًا من التقديرات الغربية "تعكس رسائل إيران الدعائية أكثر مما تعكس الواقع".
جولة جديدة من الحرب
نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين قولهم إن تطورات الأسابيع الأخيرة تُظهر أن "حرب الـ 12 يومًا لم تنتهِ"، وأن احتمال استئنافها "مرتفع".
وقال مسؤولون إن مخزون اليورانيوم الإيراني "الكافي لصنع 11 سلاحًا نوويًا" إما دُفن تحت الأنقاض أو نُقل إلى مواقع آمنة، ما رفع مستوى القلق.
ونُقل عن مسؤول إسرائيلي كبير أن "هدف إسرائيل هو إسقاط النظام الإيراني قبل نهاية ولاية الرئيس دونالد ترامب".
ووفق التقرير، إذا استؤنفت الحرب، يتوقع مسؤولو الأمن الإسرائيليون أن تكون المعركة المقبلة "أوسع وأطول". وقال مسؤول دفاعي: "هذه المرة سترد إسرائيل بشكل أكثر هجومية"، وتستعد لمواجهة قد "تستمر أكثر من 12 يومًا".
ويقول المسؤولون إنهم "يراقبون إيران يوميًا"، وإنه إذا تجاوزت طهران "الخطوط الحمراء"، "فستكون هناك عمليات بلا تردد".
وقد دفع هذا القلق إسرائيل إلى بدء استثمارات بمليارات الدولارات في أنظمة الإنذار، والدفاع الجوي، والاستخبارات، والقدرات الهجومية، بينما يرى المسؤولون أن الحرب مع إيران "شبه حتمية"، وأن تأجيل شراء المعدات قد يشكّل "خطرًا وجوديًا".
كما تعكس الخلافات حول موازنة 2026- وفق التقرير- قناعة متزايدة بأن الحرب "ليست احتمالًا بعيدًا، بل قريبة".