وفي مقابلة مع موقع "خبر أونلاین"، يوم الثلاثاء 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، وصف راغفر سوء التغذية الذي يعانيه 7 ملايين شخص في إيران، قائلاً: "إذا أنفق هؤلاء الأشخاص كل دخلهم على الطعام، فإنهم لن يحصلوا على ما يكفي من السعرات الحرارية".
ورأى راغفر أن هذه الحالة هي نتيجة لـ "نظام تخصيص الموارد والفرص التمييزي"، وأضاف: "اليوم نرى أن كل من هو أقرب إلى هيكل السلطة قد حصل على موارد أو فرص أكبر".
وأشار الأستاذ الجامعي إلى ملاحظة اجتماعية أخرى: "من جهة، يزداد الفقر، ومن جهة أخرى، ظهرت طبقة صغيرة لكنها غنية للغاية لها نفوذ داخل النظام وتوجه السياسات لصالحها".
وقارن راغفر الوضع الحالي للجوع بالمجاعة، التي حدثت خلال الاحتلال البريطاني لإيران في الحرب العالمية الأولى، وقال: "كانت تلك القضية نتيجة للإجراءات المتعمدة من قبل البريطانيين، ولكن الجوع الحالي ناتج عن الغباء والطمع المصحوب بالخيانة".
ووصف هذا الاقتصادي تصور "الانتظار الأبدي" للناس بـ "التصور الفارغ والطفولي"، وقال: "فكرة أن الناس سيجلسون فقط لمشاهدة جوعهم هي فكرة خاطئة بشكل متزايد. استمرار هذا الوضع سيؤدي في النهاية إلى ردود فعل اجتماعية حادة".
وفي جزء من حديثه مع "خبر أونلاین"، أشار راغفر إلى استيراد السيارات في عهد الرئيس الإيراني الحالي، مسعود بزشكيان، وقال إن حكومته أنفقت نحو 4 مليارات دولار في السنة الماضية على استيراد السيارات، في حين أنها لا تملك ما يكفي من العملة لاستيراد الأدوية والسلع الأساسية.
ويسعى راغفر إلى القول إن هذه القرارات تأتي نتيجة "أولوية مصالح كبار رجال الأعمال على احتياجات الناس"، ويؤكد أن هذه الإجراءات تؤدي إلى أن "أقلية صغيرة" هي المستفيدة، بينما يبقى ملايين الأشخاص جائعين.
جوع متزايد وأجور لا تكفي لتغطية النفقات
أفادت وسائل الإعلام في إيران، خلال الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأن نحو 35 في المائة من حالات الوفاة المسجلة في إيران ناتجة عن سوء التغذية.
ووفقًا لتقديرات وزارة الصحة، يموت كل عام ما لا يقل عن 10 آلاف شخص بسبب نقص الأحماض الدهنية "أوميغا 3"، ونحو 10 آلاف آخرين بسبب تناول غير كافٍ للفواكه والخضراوات، وما يقارب 25 ألفًا آخرين بسبب نقص الحبوب والخبز الكامل في النظام الغذائي.
ويعاني 50 إلى 70 في المائة من سكان إيران أيضًا نقصًا في فيتامين د؛ وهي أزمة لها تبعات مباشرة على ضعف الجهاز المناعي وزيادة الأمراض العظمية.
وفي الأيام الأخيرة، حذر عضو هيئة التدريس في جامعة تربيت مدرس الإيرانية، مجيد ميرلطیفی، من أن "سعر الزبادي سيرتفع قريبًا إلى الضعف، ولن يستطيع الناس حتى تناول الزبادي والخبز".
وفي هذا السياق، قال الناشط العمالي والعضو السابق في لجنة الأجور في المجلس الأعلى للعمل، فرامرز توفیقی، يوم الأحد 9 نوفمبر الجاري لوكالة "إيلنا" الإيرانية: "وصلت قيمة نفس سلة المعيشة غير الواقعية وفقًا للمعايير الرسمية إلى نحو 58 مليون تومان".
وقد اُعلن عن هذا الرقم في وقت كان فيه المجلس الأعلى للعمل قد حدد الحد الأدنى للأجور للعمال، الذين يشملهم قانون العمل في مارس (آذار) الماضي بأقل من 11 مليون تومان. ويبلغ هذا الأجر مع الحسابات الإضافية نحو 15 مليون تومان.
واستنادًا إلى الفقرتين التوضيحتين في المادة 41 من قانون العمل، يجب تحديد الحد الأدنى لأجور العمال بناءً على معدل التضخم وتكاليف المعيشة لأسرة عاملة.
ومع ذلك، فإن الفقرة الثانية لم تُؤخذ في الحسبان في حسابات الأجور التي يجريها "المجلس الأعلى للعمل" خلال العقود الأخيرة.
وقد وُصفت هذه الإجراءات من قبل نشطاء ومنظمات العمال والنقابات بـ "قمع الأجور".
ويعتبر قمع الأجور من الآليات التيتعمل لصالح المقربين من السلطة ضمن نظام توزيع الموارد والفرص غير العادل، وفقًا لقول راغفر.
في الأشهر الأخيرة، تم نشر العديد من التقارير حول مشاكل معيشة غالبية الناس في إيران. وفي هذا الصدد، تم إرسال العديد من الرسائل من قِبل متابعي "إيران إنترناشيونال". على سبيل المثال، كتب أحد المتابعين: "لقد تم استبعاد اللحوم الحمراء من مائدة عائلتنا منذ أسابيع".
وكتب متابع آخر: "كل أسبوع أفكر في أي مادة غذائية يجب أن أحذفها من قائمة المشتريات الأسبوعية كي أتمكن من الصمود حتى نهاية الشهر".
اللحم المجمد أصبح حُلمًا بعيدًا
قال منصور بوریان، رئيس مجلس تأمين الماشية في البلاد، يوم الثلاثاء 11 نوفمبر، في حديثه مع موقع "دیده بان ایران"، إن الأسعار قد ارتفعت إلى درجة أن "جزءًا كبيرًا من المجتمع لم يعد لديه القدرة على شراء اللحوم المجمدة البرازيلية".
وأضاف أن هذه اللحوم التي كانت تُباع سابقًا بسعر "385 إلى 420 ألف تومان، تُباع الآن بـ 600 إلى 700 ألف تومان".
كما تحدث بوریان عن اللحوم المجمدة الهندية قائلًا: "السعر الحقيقي لهذه اللحوم لا ينبغي أن يتجاوز 400 ألف تومان، ولكنها الآن تُباع في السوق بما يصل إلى 650 ألف تومان".
اعتصامات واحتجاجات للعمال والموظفين والمتقاعدين
مع استمرار عجز النظام الإيراني عن تلبية مطالب مختلف الفئات، شهدت الأسابيع والشهور الماضية اعتصامات واحتجاجات من قبل العمال والموظفين والمتقاعدين في مختلف أنحاء إيران.
أعلن المجلس التنسيقي للنقابات التعليمية في إيران، يوم الثلاثاء 11 نوفمبر، احتجاجات واسعة لموظفي منظمة الشؤون الاجتماعية، وذكر أنهم في أكثر من 20 مدينة رفعوا لافتات احتجاجية في أماكن عملهم اعتراضًا على ظروف العمل، والظلم، والوضع المعيشي.
وبحسب التقارير، فقد تم تنظيم هذه التجمعات الاحتجاجية أمام المقر الرئيسي لمنظمة الشؤون الاجتماعية في طهران وفي إدارات المدن مثل أصفهان، خرمآباد، كبودرآهنكگ، بستانآباد، تبريز، قروه، مرند، كناباد، وخرمدره.
واعترض هؤلاء الموظفون في هذه التجمعات على "الأجور المنخفضة، والمدفوعات غير العادلة، وصعوبة ظروف العمل، وغياب الشروط الواضحة للترقية، وتفويض العديد من خدمات المنظمة إلى أطراف خارج المنظمة".
وأشار المجلس إلى أن رد المسؤولين في منظمة الشؤون الاجتماعية على احتجاجات الموظفين في السنوات الماضية لم يكن سوى "التبريرات والقمع".
وذكرت تقارير لـ "المجلس التنسيقي للنقابات التعليمية" أن رئيس مكتب رئيس منظمة الشؤون الاجتماعية أنه حضر بين الموظفين المحتجين وهددهم بأن "الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تراقب الاعتصام".
كما قام رئيس الشؤون الاجتماعية في طهران بإغلاق الباب أمام المبنى لمنع الموظفين من التواجد في ساحة الإدارة، وهدد الأمن في معظم المحافظات الموظفين باتخاذ إجراءات تأديبية ضدهم.
وذكر موقع "خبرأونلاین"، في تقريره، دون الإشارة إلى تهديد الموظفين من قبل الأمن في المنظمة أن التمييز في دفع مزايا الموظفين أصبح الآن معقدًا لدرجة أن أصوات احتجاج جميع الموظفين في جميع أنحاء البلاد قد ارتفعت.
تجمع 3 آلاف عامل في "عسلویه"
في وقتٍ متزامن مع احتجاجات موظفي الشؤون الاجتماعية، تجمع أكثر من ثلاثة آلاف عامل مؤقت في مجمع غاز بارس الجنوبي أمام المبنى الرئيسي لهذا المجمع في عسلویه مطالبين بتطبيق خطة توحيد الأجور، وتغيير نمط العمل، وإلغاء جميع المقاولين.
وكان هؤلاء العمال الذين يعملون في مشاريع مختلفة بمجمع بارس الجنوبي ومصفاة "فجر جم" قد حملوا لافتات تطالب بتحقيق العدالة في الأجور وإلغاء المقاولين.
كما تم طرح مطالب أخرى مثل تعديل دورة العمل للعمال إلى العمل لمدة أسبوعين واستراحة أسبوعين، وتنظيم أوضاع السائقين غير المالكين للسيارات المستأجرة، ودفع بدل السفر الجوي للعمال المؤقتين، وإعادة توفير المرافق المعيشية وحق السكن.
وفي بداية الشهر الجاري، عبر عمال الصناعات النفطية في تجمع في طهران أمام مؤسسة رئاسة الجمهورية عن اعتراضاتهم على الوعود غير المحققة للحكومة بشأن إلغاء المقاولين والوسطاء.
استمرار احتجاجات الموظفين الحكوميين في قطاع النفط
كما استمر تجمع الموظفين الرسميين في شركة النفط في مناطق سيري ولافان في احتجاجاتهم العمالية، مطالبين بـ "إصلاح أساسيات رواتب العاملين بأقل الأجور، وإلغاء سقف الرواتب للموظفين العاملين، وإلغاء الوظائف الوهمية في المناطق التشغيلية".
وطالب الموظفون أيضًا بـ "دفع المكافآت المتعلقة بالسنوات الخدمة بالكامل، وإعادة الضرائب الزائدة التي تم تحصيلها، وتنفيذ كامل للفقرة 10 من القانون المتعلق بالموظفين الرسميين ودفع الرواتب المتأخرة الخاصة بهم، وكذلك الاستقلال الكامل لصندوق التقاعد الخاص بشركة النفط.