وأشار التقرير الذي نشر يوم الأربعاء 5 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن التطورات الأخيرة في الأسعار تُظهر صورة مقلقة حول السياسة الاقتصادية للحكومة. ووفقًا للبيانات، فقد ارتفعت أسعار الخبز والحبوب والفواكه والمكسرات بنسبة 100 في المائة في السنة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، كما كان التضخم في الخضراوات أكثر من 77 في المائة.
وأضاف التقرير أن الأزمة الحالية لا تنبع فقط من فشل السياسات الاقتصادية الحكومية، بل تعود إلى اختلالات هيكلية وعدم الكفاءة الإدارية في مختلف جوانب الاقتصاد الوطني.
وأشار التقرير أيضًا إلى "الفجوة الكبيرة" بين معدل نمو العملة وزيادة أسعار السلع، موضحًا أنه في حين ارتفع سعر العملة الأجنبية بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40 في المائة في النصف الأول من العام الجاري، فإن العديد من السلع، بما في ذلك السيارات والمواد الغذائية والملابس والسكن، شهدت زيادات تتراوح بين 60 في المائة إلى 100 في المائة في الأسعار.
وفي هذه الظروف، وصلت معدلات التضخم في المناطق الريفية إلى أكثر من 53 في المائة، بينما تجاوز التضخم في المواد الغذائية 60 في المائة، مما أدى إلى تعميق الفجوة الطبقية في المجتمع.
وسبق أن تعرضت سياسة حكومة مسعود بزشکیان للنقد في وسائل الإعلام. فموقع "خبر أونلاین" في أول نوفمبر أكد على "انتشار الفقر"، مشيرًا إلى أن مركز أبحاث البرلمان كان قد أعلن عن نسبة فقر تقدر بنحو 30 في المائة من المجتمع في السنوات الماضية، في حين تظهر التوقعات الجديدة ارتفاع هذه النسبة إلى 36 في المائة.
كما أضاف "خبر أونلاین" أنه في ظل التضخم الحالي، يمكن التنبؤ بزيادة في "شدة الجوع وعدد الجياع في السنوات القادمة".
في الوقت نفسه، حذر مرتضى أفقه، الخبير الاقتصادي وأستاذ جامعة الأهواز، في حديثه مع الموقع نفسه، من أن إيران قد تواجه "ركودًا تضخميًا كبيرًا" إذا لم تنجح حكومة بزشکیان في التعامل مع التوترات الاقتصادية، وتوقع أن يتجاوز معدل التضخم 60 في المائة بحلول نهاية العام.
وفي هذا السياق، ذكرت وكالة "ركنا" في تقرير لها يوم الأربعاء 5 نوفمبر، أن آلاف الموظفين الحكوميين في وزارات مثل الزراعة والرفاه والتعليم يتحدثون عن "العيش تحت خط الفقر".
وأفادت "ركنا" أن موظفي وزارة الزراعة ذكروا أن رواتبهم الأساسية تتراوح بين 13 إلى 15 مليون تومان، وحتى مع العمل الإضافي والبدلات، لا يستطيعون دفع تكاليف الإيجار والمصاريف اليومية.
وتشهد إيران أيضًا وضعًا مشابهًا بالنسبة للعمال، حيث يبلغ الحد الأدنى للأجر الشهري للعمال الذين يخضعون لقانون العمل أقل من 11 مليون تومان، وعند إضافة البدلات، يصل إلى حوالي 15 مليون تومان.
وفي المقابل، ذكرت بعض النقابات العمالية الرسمية أن تكلفة المعيشة في إيران حاليا حوالي 50 مليون تومان.
من جهة أخرى، صرحت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) أن خط الفقر في عام 2024 بلغ 6,128,739 تومان لكل فرد. وقد أثار هذا التصريح العديد من الانتقادات. ففي 5 نوفمبر، ذكرت وكالة "إيلنا" أن خط الفقر المطلق الذي أعلنه البنك المركزي الإيراني لعام 2024 يقدر بـ11 مليون و200 ألف تومان لكل فرد.
وفي جزء من تقريرها يوم الأربعاء، اعتبرت وكالة "مهر" أن السياسات الحكومية المؤقتة والتفاعلية لمكافحة التضخم غير كافية، وأكدت أن "التنسيق المؤسسي وضعف الانسجام بين الأجهزة الاقتصادية" هما من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة.
كما تم الحديث عن "عدم الاستقرار في تأمين مستلزمات الإنتاج الحيواني" و"الزيادة المستمرة في أسعار الأعلاف" التي أدت إلى انخفاض إنتاج الدواجن وحتى ذبح المواشي المنتجة. وقد اعتبر الخبراء أن هذه الظاهرة تمثل "جرس إنذار للأمن الغذائي في الأشهر القادمة".
وأعربت "مهر" عن ضرورة أن تتمكن الحكومة من إعادة بناء التصور العام حول الوضع الاقتصادي، محذرة من أن أي تحسن في المؤشرات الاقتصادية لن يؤدي إلى "ترميم الأمن النفسي والاستقرار الاجتماعي" دون بناء الثقة العامة.
وفي ظل السياسات غير الفعّالة للنظام الإيراني في المجالات الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية على مدار العقود الماضية، فقد أثر التضخم المتزايد بشكل حاد على حياة المواطنين، خاصة الفئات ذات الدخل المنخفض، وزادت أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق.