وأعربت النقابة في بيان، صدر يوم الجمعة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، عن "قلقها العميق" إزاء الأحكام التي وصفتها بـ "الظالمة"، مؤكدة أن الاتهامات الموجهة إليهما من قِبل الأجهزة الأمنية والقضائية الإيرانية لا أساس لها من الصحة، وقد رُفضت سابقًا من قِبل النقابات العمالية في فرنسا وعلى المستوى الدولي.
وأضاف البيان أن استمرار احتجازهما يشكّل "انتهاكًا صارخًا لأبسط المبادئ الإنسانية وللحقوق الأساسية المعترف بها دوليًا".
وكانت وكالة "ميزان"، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، قد أعلنت يوم الثلاثاء 14 أكتوبر الجاري، صدور أحكام سجن طويلة بحق مواطنَين فرنسيين بتهم تتعلق بـ "التجسس"، دون الكشف عن اسميهما، قبل أن يتبيّن لاحقًا أنهما كوهلر وباريس.
وبحسب الوكالة، فقد حُكم على أحد المتهمين بالسجن 31 عامًا، والآخر 32 عامًا، بتهم تتضمن "التجسس لصالح الاستخبارات الفرنسية"، و"التآمر ضد الأمن القومي الإيراني"، و"التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل"، واعتُبرت الأخيرة في حكم "المحاربة".
وتُعد سيسيل كوهلر عضوًا في الاتحاد الوطني للتعليم والثقافة التابع لنقابة القوى العاملة الفرنسية، فيما يشغل جاك باريس منصب الأمين العام السابق للقسم التعليمي في النقابة نفسها. وقد اعتُقلا في طهران عقب لقائهما عددًا من المعلمين والناشطين النقابيين الإيرانيين.
وأعقبت ذلك حملة اعتقالات واسعة شملت عددًا من المعلمين والناشطين النقابيين في طهران ومدن أخرى، مما أثار موجة تنديد دولية من النقابات العمالية ومنظمات المعلمين في مختلف الدول، التي أكدت أن اللقاءات بين النشطاء النقابيين من دول مختلفة تندرج ضمن الحقوق المشروعة، التي تضمنها اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
وشددت النقابة الإيرانية، في بيانها، على تضامنها مع عائلتَي كوهلر وباريس، معتبرة أن "الاعتقال التعسفي وإصدار أحكام قاسية ضد النشطاء النقابيين والمدنيين يمثل عملاً غير إنساني، ويناقض مبدأ حرية التنظيم والعمل النقابي".
كما دعت إلى ضمان أمن وحرية النشطاء النقابيين والمدنيين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إيران، بعيدًا عن الصراعات السياسية أو الصفقات بين الحكومات.
وطالبت النقابة المنظمات العمالية الدولية والمدافعين عن حقوق العمال بممارسة ضغط فعّال على السلطات الإيرانية "لمنع استمرار مثل هذه الانتهاكات" والدفاع عن حقوق النشطاء النقابيين في كل مكان.
وأشار البيان إلى أن كوهلر وباريس يعيشان ظروفًا "غير إنسانية" داخل السجن، وأن المعلومات الصادرة عن عائلتيهما تكشف عن تدهور خطير في حالتيهما الصحية والنفسية؛ حيث قالت كوهلر في رسالة مسرّبة: "إن تحمّل أسابيع أخرى في السجن صار فوق قدرتي، أشعر بأن الموت يقترب مني".
ومن جانبها، نددت وزارة الخارجية الفرنسية، يوم الخميس 16 أكتوبر، بهذه الأحكام، ووصفتها بأنها "عقوبات تعسفية مبنية على اتهامات باطلة"، مطالبة بالإفراج الفوري عنهما.
وقال المتحدث باسم الوزارة، باسكال كونفافرو: "تمت إدانتهما بطريقة تعسفية، والاتهامات الموجهة إليهما لا أساس لها إطلاقًا. نطالب بالإفراج الفوري عنهما".
وفي مؤتمر صحافي بباريس، قالت عائلتاهما ومحاموهما إن ما جرى في المحكمة لم يكن سوى "عرض هزلي للعدالة"، مؤكدين أن المحاكمة افتقرت إلى أدنى معايير النزاهة والشفافية.
ويُذكر أن فرنسا وعددًا من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اتهمت السلطات الإيرانية بانتهاج سياسة "احتجاز الرهائن"، واستخدام الأجانب كورقة ضغط سياسية، وهو ما تنفيه طهران، مؤكدة أن الاعتقالات "تجري وفق القانون".
وتأتي هذه التطورات في ظل توتر دبلوماسي بين البلدين، بعد تصريحات لمسؤولين في طهران حول احتمال تبادل السجينين الفرنسيين بمواطنة إيرانية محتجزة في فرنسا، تُدعى مهدية أسفندياري، بتهمة "تمجيد الإرهاب" ودعم حركة "حماس"، وهو ما لم تؤكده باريس رسميًا.