وأضافت الصحيفة أنّه في أعقاب الحادثة، امتنع بعض أصحاب المحال التجارية في همدان عن بيع السلع للطلاب العراقيين، كما رفض عدد من سائقي تطبيق النقل الذكي "سناب" (النظير الإيراني لأوبر) نقلهم.
وأشارت "هم ميهن"، يوم الأربعاء 15 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى أنّها لم تحصل على معلومات حول عدد الطلاب المستدعين، ولا الجهة التي استدعتهم. كما ذكرت أن أنباء غير رسمية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حول اعتقال عدد من الطلاب لفترة قصيرة.
وكانت نشرة "أميركبير" الإخبارية قد أفادت، يوم الثلاثاء 14 أكتوبر الجاري، بأن مجموعة من طلاب جامعة همدان اعتُقلوا؛ بسبب احتجاجهم على تصرفات طلاب عراقيين يُزعم أنهم مرتبطون بميليشيا "الحشد الشعبي" العراقية، وتعرّضوا لمعاملة عنيفة من قِبل قوات الأمن الإيرانية.
وبحسب مقاطع الفيديو، التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، فقد تجمع طلاب جامعة بوعلي سينا بمدينة همدان، في يوم 6 أكتوبر الجاري، بمشاركة عددٍ من السكان، احتجاجًا على وجود طلاب عراقيين مرتبطين بالحشد الشعبي، وما وصفوه بتجاوزاتهم بحق الطالبات الإيرانيات، وطالبوا بطردهم من الجامعة.
كما أفادت المعلومات الواردة إلى "إيران إنترناشيونال" بأن قوات الأمن الإيرانية فرّقت بالقوة تجمعًا شعبيًا، في 11 أكتوبر، في همدان كان يُندّد بـ "التحرش بطالبة إيرانية على يد طالب عراقي".
تأكيد عراقي للحادثة ونفي لاحق من المتهم
في سياقٍ متصل، أكّد موقع "الجبال" العراقي أن طالبًا عراقيًا يُدعى "سيف صدام حسين" قد أساء وتحرّش بطالبة إيرانية في جامعة همدان.
لكن صحيفة "هم ميهن" نقلت عن هذا الطالب قوله إنّه تم استدعاؤه من قِبل الشرطة بعد انتشار الفيديو المتعلق بسيارته الأجنبية في شارع إرم بمدينة همدان، مضيفًا أن التحقيقات لم تُثبت أي تهمة بحقه.
وقال الطالب العراقي: "تم التحقيق معنا لمدة أربع ساعات، وبعد أن تأكدت الشرطة من صحة أقوالنا وأننا لم نتحرش بأحد ولم نقم بأي عمل غير قانوني، أُفرج عنا وقدّموا لنا اعتذارًا".
وأضاف أن شرطة الهجرة استدعته لاحقًا وطلبت من صاحب السيارة مغادرة البلاد حفاظًا على أمنه وممتلكاته، مشيرًا إلى أنهم غادروا إيران في اليوم نفسه؛ لأن الناس كانوا ينظرون إليهم "بنظرات كراهية" دون أن يعرفوا ما حدث فعلاً.
وقال طالبٌ عراقي آخر متحدّثًا باسم زملائه لصحيفة "هم ميهن": "بعد حادثة سيف حسين، انتشرت صور قيل إنها لمحادثة بينه وبين الطالبة الإيرانية، لكننا تحققنا وتبيّن أن ذلك غير صحيح".
وأضاف أن الطلاب العراقيين يواجهون حاليًا معاملة عدائية، إذ يرفض بعض أصحاب المحال التجارية بيع السلع لهم، ويمتنع بعض سائقي "سناب" عن نقلهم، ويتعرضون للإهانات من طلاب آخرين.
ووفقًا له، فقد انخفض عدد الطلاب العراقيين في همدان إلى نحو 50 طالبًا فقط.
تجاهل من مسؤولي الجامعة للتجاوزات
في جزءٍ آخر من تقرير "هم ميهن"، نقلت الصحيفة عن أمين رابطة الطلبة الإسلامية، في جامعة بوعلي سينا، علی رضا علي محمدي، قوله إن إدارة الجامعة تجاهلت بعض مظاهر "كسر القواعد والآداب العامة"، مما أثار استياء الطلاب الإيرانيين.
وأوضح أن "المسألة بدأت من تدخين بعض الطلاب في الحرم الجامعي وطريقة لباسهم، وتفاقمت حين بدأ بعض الطلاب الأجانب بقيادة سياراتهم الخاصة داخل الجامعة رغم أن ذلك ممنوع".
وأشار إلى أن السيارة نفسها شوهدت تجوب شوارع المدينة، مسبّبةً مضايقات قبل دخولها الجامعة.
وانتقد علي محمدي ما وصفه بـ "الامتيازات الخاصة للطلاب الأجانب" قائلًا: "الطالب الإيراني إذا خالف القوانين يُحال إلى لجنة الانضباط، أما الطلاب الأجانب فلا يُتخذ بحقهم أي إجراء مماثل".
طلاب عراقيون يقررون الانسحاب وتصاعد المشاعر المعادية للأجانب
أفادت "هم ميهن" بأن عددًا من الطلاب العراقيين الجدد قرروا الانسحاب من الجامعة بعد هذه الأحداث، مشيرةً إلى تصاعد موجة عداء ضدهم داخل الحرم الجامعي وخارجه.
ونقلت الصحيفة عن عالم الاجتماع والباحث في قضايا الهجرة، عَرَش نصر إصفهاني، قوله إنّ ما يحدث في همدان استمرارٌ لموجة "رُهاب الأجانب" و"كراهية المهاجرين"، التي استهدفت سابقًا اللاجئين الأفغان في إيران.
وأضاف أن الأحداث الأخيرة تذكّر بحوادث مشابهة تعرّض فيها الزوّار العراقيون لمعاملة عدائية في مشهد، مشيرًا إلى أنّ جذور هذه السلوكيات تكمن في تصوراتٍ ذهنية وعنصرية تجاه الأجانب داخل المجتمع الإيراني.
سياسة جديدة تمنح الطلاب الأجانب الإقامة في "المناطق المحظورة"
في سياق متصل، ذكرت نشرة "أميركبير"، في تقريرٍ لها، أن منظمة شؤون الطلاب الإيرانية، ضمن سياسة توصف بـ "الأمنية والعسكرة الجامعية"، أصدرت لائحة جديدة تسمح للطلاب الأجانب بالدراسة والإقامة في مناطق "محظورة"، بينها مناطق عسكرية وأمنية.
ونقلت النشرة عن مساعد مدير المنح الدراسية في المنظمة، عباس قنبري باغستان، قوله إن اللائحة الجديدة تُعرف باسم "تسهيل استقطاب الطلاب الدوليين"، وجرى إقرارها العام الماضي في مجلس الوزراء.
وأوضح أن التطبيق بدأ هذا الأسبوع بالتعاون مع وزارات التعليم، الداخلية، الاستخبارات، الشرطة (فراجا) ووزارة الخارجية، مضيفًا أن الإجراءات الجديدة ترفع القيود على تنقل الطلاب الأجانب وتسمح لهم بالخروج المتكرر من البلاد خلال مدة دراستهم.
وحذّرت نشرة "أميركبير" من أن هذا القرار قد يؤدي إلى توسّع نشاطات العناصر شبه العسكرية المرتبطة بإيران داخل الجامعات، مثل عناصر حماس وحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين، الذين يتم استقدام بعضهم بصفة "طلاب دوليين".
كما أشارت إلى أن السلطات تسعى من خلال هذه السياسات إلى "تغيير التركيبة الطلابية والسيطرة على الأجواء الجامعية" عبر إحلال طلاب موالين للنظام محل الطلاب المستقلين.
ووفقًا للتقارير، بلغ عدد الطلاب العراقيين في إيران، خلال السنوات الأخيرة، عشرات الآلاف، فيما يتراوح عدد المبتعثين منهم من قِبل الحشد الشعبي والحرس الثوري بين خمسة وعشرة آلاف طالب، بهدف تعزيز الروابط الأيديولوجية مع النظام الإيراني.