وجاء في نص البيان، الذي حصلت "إيران إنترناشيونال" على نسخة منه: "لقد أظهرت التجارب المريرة في العقود الماضية أن بثّ الاعترافات التلفزيونية ونشر تصريحات أشخاص وهم في ظروف احتجاز وانعزال وتحت ضغوط نفسية وجسدية، لا يسهم في كشف الحقيقة، بل يُعدّ انتهاكاً واضحاً لمبادئ المحاكمة العادلة وحقوق المواطنين".
يُذكر أن نشر مقاطع فيديو للاعترافات القسرية من قِبل السلطات الإيرانية له تاريخ طويل، يعود إلى أيام الثورة عام 1979.
فبعد استقرار النظام، لجأت السلطات إلى التعذيب الجسدي والنفسي للمعتقلين السياسيين من مختلف التوجهات الفكرية، وقامت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية مراراً، ولا سيما خلال ثمانينات القرن الماضي، ببث اعترافات قسرية لعدد من المعتقلين.
ومن بين أبرز الحالات الحديثة التي جرى بث اعترافاتها القسرية:
أميرحسين موسوي، الناشط السابق في شبكات التواصل الاجتماعي.
آرش صيادي أشكان شكاريان مقدم ورسام سهرابي (ثلاثة من مغني الراب الإيرانيين).
نويد أفكاري (المصارع والمعارض الذي أُعدم لاحقاً).
علي يونسي وأميرحسين مرادي (طالبان معتقلان).
وأحمدرضا جلالي (الطبيب الإيراني-السويدي).
وأكد بعض هؤلاء السجناء السياسيين لاحقاً أن اعترافاتهم ومقابلاتهم التلفزيونية كانت نتيجة التعذيب والضغوط النفسية الشديدة.
وقال أميرحسين موسوي، أحد السجناء السياسيين: "اعترافاتي التي بُثت في التلفزيون الرسمي كانت قسرية وتمت تحت ضغط المحقق".
ورغم ذلك، استند القضاء الإيراني مراراً إلى هذه الاعترافات القسرية في إصدار أحكام بالإعدام أو السجن أو الجلد.
وأثار هذا النهج انتقادات واسعة من قبل الناشطين المدنيين داخل إيران ومن المنظمات الحقوقية الدولية حول العالم.
وشدّد الموقعون على البيان على أن "ممارسة الضغط لانتزاع الاعتراف أو عرض تصريحات منتقاة ومشوّهة ومجتزأة في الإعلام الرسمي "تمثل" انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وتعدياً على الخصوصية واعتداءً على كرامة المواطنين".
وأكدوا أن هذه الممارسات تتناقض تماماً مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وحتى مع القوانين الداخلية التي تؤكد على حرية الإرادة وحق الدفاع وحظر التعذيب.
ومن بين الموقّعين على البيان: أبو الفضل قدیاني، مصطفى تاجزاده، سعيد مدني، نرجس محمدي، عبدالله مومني، مصطفى ملكيان، وبروين فهيمي.
وجاء في فقرة أخرى من البيان: "لا يمكن لأي نظام قضائي شرعي أن يحقق العدالة الحقيقية من دون احترام حقوق المتهم وضمان حرية المواطنين وحرية التعبير".
وأشار الناشطون المدنيون الموقّعون إلى أن: "الامتناع عن أي شكل من أشكال الإكراه في الاعتراف، واحترام حق الصمت، وضمان الوصول إلى محامٍ بحرية، وتوفير محاكمة عادلة، هي من أبسط المتطلبات الأخلاقية والقانونية التي تصب في مصلحة المجتمع والعدالة والحقيقة".
واختتم البيان بدعوة موجهة إلى السلطات القضائية والأمنية والإعلامية في إيران جاء فيها: "بدلاً من تكرار العروض المهينة واللاإنسانية المعروفة باسم الاعترافات القسرية، يجب على هذه المؤسسات أن تتحمّل مسؤوليتها في مواجهة الانتهاكات الواسعة لحقوق المواطنين، وأن تنتهج مساراً تكون فيه سيادة القانون وكرامة الإنسان واستقلال القضاء فوق إرادة ومصالح الحاكمين".
وختم الموقّعون بيانهم بالقول: "إن العدالة الحقيقية لا تتحقق إلا عندما لا تكون هناك قوة فوق القانون، ولا يُترك أي إنسان أعزل وصامتا في مواجهة آلة القمع والدعاية الرسمية".