ويحذّر خبراء البيئة وناشطوها، وعدد من أعضاء البرلمان الإيراني من كارثة بيئية واقتصادية وحتّى إنسانية؛ إذا استمر الوضع على حاله.
اتهامات لوزارة الطاقة بالتقصير في إدارة الأزمة
وجّه النائب في البرلمان الإيراني عن أصفهان، عباس مُقتدائي، انتقادات حادة إلى وزارة الطاقة الإيرانية، متهمًا إياها بالفشل في إدارة الأزمة المتفاقمة في حوض "زاينده رود".
وقال في تصريحات صحافية: "المشكلات البيئية، من هبوط الأرض والعواصف الغبارية إلى نقص مياه الشرب والزراعة، جميعها نتيجة مباشرة لتقصير وزارة الطاقة".
كما اتهم النائب البرلماني وزير الطاقة الإيراني، عباس علي آبادي، بعدم تقديم خطة واضحة أو تقرير مقنع لحل الأزمة، داعيًا إلى اعتماد نهج علمي وتخطيط دقيق من قبل الجهات البيئية والمزارعين.
اختلال التوازن البيئي بسبب التنمية غير المستدامة
يرى الخبير البيئي، منصور سهرابي، أن الكارثة الحالية ناتجة عن فقدان التوازن في الحوض المائي للنهر. وقال في حديث لـ "إيران إنترناشيونال": "إن التوسع المفرط في الصناعات كثيفة الاستهلاك للمياه، وتوسيع النشاط الزراعي في منطقة جافة، والنمو السكاني السريع، كلها عوامل أدت إلى استنزاف موارد المياه".
وانتقد سهرابي السياسات الحكومية، التي تركز فقط على نقل المياه بين المحافظات دون معالجة الأسباب الجذرية، مؤكدًا أن الترشيد في استهلاك المياه والتخطيط وفق التغيرات المناخية هما السبيلان الوحيدان لتفادي الكارثة.
أزمة تهدد مياه الشرب لملايين السكان
في تحذير آخر، قال البرلماني الإيراني، حامد يزديان، إن السحب غير القانوني للمياه من أعالي النهر في محافظتي أصفهان وجهارمحال وبختياري فاقم من حدة الأزمة.
وأضاف أن تراجع معدلات الأمطار بنسبة 40 في المائة وانخفاض منسوب سد "زايِنده رود" قد يعرض إمدادات المياه لأكثر من خمسة ملايين شخص في أصفهان للخطر خلال الأشهر المقبلة.
مزارعون بلا مياه واحتجاجات متكررة
من جانبه، كشف الأمين التنفيذي لاتحاد نقابات المزارعين في أصفهان، أسفنديار أميني، أن المزارعين لم يتمكنوا من استخدام مياه النهر إلا 176 يومًا فقط خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرًا إلى أن التوزيع غير العادل للمياه بين القطاعات الزراعية والصناعية كان السبب الأبرز في الأزمة.
وأوضح أن حجم تخصيص المياه ارتفع من 725 مليون متر مكعب عام 1968 إلى نحو ملياري متر مكعب عام 2013، دون ضوابط واضحة، ما تسبب في استنزاف الحوض المائي وازدياد عمليات الضخ العشوائي.
وشهدت السنوات الأخيرة احتجاجات متكررة للمزارعين، وصلت إلى حد تخريب خطوط نقل المياه إلى محافظة يزد؛ احتجاجًا على ما وصفوه بـ "الحرمان من حقهم التاريخي في مياه زايِنده رود".
دعوات لجعل إحياء النهر أولوية وطنية
في بيان مشترك صدر عشية المناسبة، حذر عدد من الناشطين البيئيين والأكاديميين في أصفهان من تفاقم الوضع في نهر "زاينده رود" وبحيرة "كاوخوني"، داعين الحكومة إلى إدراج مشروع الإحياء ضمن أولوياتها الوطنية.
وقال البيان إن الغبار السام المنبعث من قاع النهر الجاف وبحيرة "كاوخوني" يمتد لمئات الكيلومترات، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة والبيئة.
كما حذر الموقعون من أن تجاهل حقوق المياه البيئية، وخاصة الحصة المخصصة لبحيرة كاوخوني، إلى جانب أزمات مياه الشرب والصرف الصحي، يكشف عن غياب العدالة المائية وسوء إدارة الموارد في البلاد.
"زاينده رود".. نهر الحياة الذي أصبح رمزًا للجفاف
كان نهر "زاينده رود" لعقود رمزًا للجمال والازدهار في أصفهان، لكن اليوم تحوّل مجراه الجاف إلى مرآة لأزمة بيئية متفاقمة تعكس آثار سوء الإدارة، والتغير المناخي، والتوسع الصناعي غير المنظم في إيران.
ويرى خبراء أن إنقاذ هذا النهر لم يعد مجرد مسألة محلية، بل هو تحدٍ وطني واختبار لقدرة الحكومة على إدارة مواردها الطبيعية في ظل أزمة مناخية عالمية متصاعدة.