وأوضح المعهد، في تقرير نُشر يوم الجمعة 3 أكتوبر (تشرين الأول)، أن هذه الأنشطة، التي رُصِدت منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، باتت في المراحل النهائية من عمليات البناء والتعزيز الأمني، ولا تعني توسيعًا أو تسريعًا للأنشطة النووية.
وشدّد التقرير على أن التحليلات تشير إلى أن هذه الإجراءات لا تُظهر قدرة على إعادة بناء سريعة لأجزاء مدمَّرة من البرنامج النووي.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قد ذكرت، يوم الجمعة 26 سبتمبر الماضي، استنادًا إلى صور أقمار اصطناعية وآراء محللين، أن إيران تواصل بناء منشأة عسكرية عميقة تحت الأرض في منطقة جبل كلنغ أو كلنغ كزلا، جنوب الموقع النووي في نطنز.
وقد استقطبت هذه المنطقة اهتمام المراقبين بعد الهجمات الأميركية والإسرائيلية.
وأكد تقرير "واشنطن بوست" أيضًا أن مراجعة الصور الفضائية تُظهر أن إيران كثّفت الأشغال الإنشائية في هذه المنشأة تحت الأرض، خلال الأشهر الأخيرة.
ويشير هذا المسار إلى أن إيران لم توقف عملها على برنامجها النووي العسكري بالكامل، وربما تعيد بناء قدراتها المفقودة بحذر.
ويُنفّذ هذا المشروع في موقع يُعرف باسم "جبل كلنغ كزلا" أو "جبل كلنغ"، حيث شرع المهندسون الإيرانيون منذ عام 2020 في حفر أنفاق داخل سلسلة جبال زاغروس، على بُعد نحو 1.5 كيلومتر من "نطنز".
وفي وقت سابق خلال مايو (أيار)، ذكر معهد العلوم والأمن الدولي أن النظام الإيراني يبني محيطًا أمنيًا بأسوار جديدة حول جبل "كلنغ كزلا".
خياران أمام إيران
بحسب ديفيد آلبرایت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي وأحد كاتبي التقرير الجديد، يبدو أن إيران أمام مسارين رئيسين لهذه المنشأة: إما إزالة المعدات المتبقية فيها، وهي تخضع لرقابة مشددة، ومِن ثمّ تصبح عرضة لهجمات جديدة، أو المضي في بناء تدريجي لقدرات جديدة، وحينها يجب فحص أي واردات أو إنتاج محلي خارج الصناعات العسكرية من حيث الجودة واحتمال التخريب.
الخلفية والوضع الحالي
يتابع معهد العلوم والأمن الدولي هذه المنشأة منذ بدء إنشائها في أواخر عام 2020، وكان قد أشار سابقًا إلى العمق والأبعاد المحتملة للأنفاق، والمداخل المُحصّنة، والتدابير الأمنية مثل بناء الجدار والسياج حول الجبل.
وأكد التقرير أنه حتى يونيو (حزيران) من هذا العام لم يكن هناك تقييم بأن هذه المنشآت دخلت طور التشغيل، والأنشطة الأخيرة تؤكد الفكرة ذاتها.
وبحسب المعهد، فإن أحد أسباب عدم شنّ هجوم جوي مباشر على هذا الموقع خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا قد يكون هذا الأمر، رغم أن احتمال الهجمات غير التقليدية لا يزال واردًا.
استكمال الجدار والسياج الأمني
ذكر التقرير الجديد، الصادر يوم الجمعة 3 أكتوبر الجاري، أن الصور التي اُلتقطت في 22 سبتمبر الماضي، تُظهر أن المحيط الأمني حول الجبل اكتمل، وهو في طور التحوّل إلى "سياج مزدوج"؛ أي أنه يتم تشييد سياجات خلف الجدار، ويمكن أن تتحوّل المسافة بين الجدار والسياج إلى منطقة مراقبة إلكترونية.
ويتوقع المعهد إضافة أبراج حراسة وطرقات دوريات مستقبلاً، إلا أن غياب الكاميرات والمستشعرات والكشافات وأنظمة الإنذار يجعل هذه العوائق في الأغلب فيزيائية وذات فاعلية محدودة ضد المتسللين المحترفين.
المدخل الشرقي ومؤشرات نهاية الحفر
أشار التقرير أيضًا إلى أن الصور، بين يونيو وأغسطس (آب) الماضيين، تُظهر نشاطًا عند المدخل الشرقي الرئيس للنفق؛ وهو المدخل الذي خضع حتى الآن لأقل قدر من أعمال التدعيم، كما أن تدفق المياه المستمر يُعد مؤشرًا على مشكلات جيولوجية محتملة في المنطقة.
وأوضح أن إيران تركز حاليًا على استكمال هذا المدخل. كما أن تغيّر شكل تكدس أتربة الحفر يُظهر أن الأعمال تتجه نحو استكمال الهياكل بدلاً من توسيع النفق.
تعزيز منشآت الأنفاق
بحسب التقرير، تُظهر صور فضائية التُقطت في 10 أغسطس الماضي بواسطة شركة "مكسر"، أن مداخل منشآت الأنفاق الأقدم، التي شُيّدت منذ عام 2007، يجري تدعيمها بطبقة سميكة من الخرسانة ثم تُغطى بالتراب. ويُنفّذ هذا الإجراء بوضوح بهدف التحصين ضد الهجمات الجوية أو أعمال التخريب.
وكان هذا المجمع غير فعّال لسنوات، لكنه أعيد تشغيله تدريجيًا، خلال الأعوام الخمسة الماضية، وظهرت تغييرات ملموسة خلال السنتين الأخيرتين على صعيد الأسوار الأمنية وبناء ملحقات للمداخل. ويمكن أن تُستخدم بعض هذه الملحقات لحفظ المعدات والمنشآت الداعمة للأنفاق.
تساؤلات أساسية حول نقل المواد النووية
وجاء في التقرير أيضًا أن أسلوب تدعيم المداخل شوهد من قبل في منشأة فوردو، حيث تم تعزيز فتحات التهوية بجدران خرسانية قبل الهجوم الأميركي في عملية "مطرقة منتصف الليل".
ويثير قيام النظام الإيراني بعد ذلك بإضافة طبقات مماثلة في "نطنز" التساؤل عمّا إذا كان قد تمكن قبل الضربات الأميركية من نقل مواد ثمينة، مثل مخزونات اليورانيوم المخصب أو المعدات النووية، إلى هذه المنشآت أم لا.
وقد ازدادت هذه المخاوف بعد صور فضائية التُقطت في 18 يونيو الماضي، تُظهر خروج شاحنة من محيط النفق قرابة الساعة التاسعة صباحًا.