وأضاف أن القائم بأعمال مكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن، أبو الفضل مهرآبادي، أبلَغهم عند مغادرتهم بأن نحو 2500 إيراني محتجزون لدى سلطات الهجرة الأميركية، ومن المتوقع إعادتهم إلى إيران عبر رحلات خاصة.
وذكر هذا المواطن الإيراني، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنه تم ترحيل 3 نساء و117 رجلاً على متن طائرة مستأجرة، وتحت رقابة عناصر أمنية أميركية، في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأوضح أن الطائرة وصلت إلى إيران في اليوم التالي مباشرة.
ظروف الاحتجاز وحرمان من حقوق اللجوء
أوضح أن ظروف الاحتجاز كانت قاسية جدًا، مضيفًا: "كنت أعاني مشكلة في المعدة وطلبت العلاج على مدى خمسة أشهر ولم أتلقَ أي رعاية. مرضى السكري أو المصابون بمشاكل نفسية لم يحصلوا على الدواء أو الغذاء المناسب. أقصى ما كان يُقدّم من علاج هو مسكنات بسيطة مثل الأسيتامينوفين (تايلينول) أو الإيبوبروفين.
حتى عند الإصابة بنزلة برد حادة لم يُعطونا سوى قرص واحد من "Mucinex"
وأكد أن عملية النقل كانت مشددة: "قُيّدنا بأغلال في الأيدي والأرجل، وزُنجِرنا معًا لساعات دون ماء أو استعمال دورات المياه. ولم يكن هناك أي مراعاة لاحتياجاتنا الإنسانية".
وأشار إلى أن السلطات الأميركية فصلت بين الأزواج والزوجات، بل وحتى بين الأطفال المولودين في الولايات المتحدة وذويهم. وقال: "كثير منا لم يحظَ بفرصة المثول أمام محكمة الهجرة. أنا شخصيًا كان ملفي في مرحلة الاستئناف، لكن لم يُنظر إليه".
وفي هذا السياق، أوضح المحامي المختص بالهجرة، علي هِريِسْجي، في حديث مع "إيران إنترناشيونال"، أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كانت ترفض قبول طلبات اللجوء على الحدود، رغم أن ذلك يخالف الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين.
وأضاف أن المحاكم في بعض الولايات، مثل تكساس، أوقفت هذه السياسة بشكل مؤقت، إلا أن الشاكين لم ينجحوا بعد في الحصول على حكم نهائي يمنع تطبيقها.
وقال هِريسْجي: "إن جلسات المحاكم لا تتجاوز عشر دقائق، ويُمنح طالب اللجوء وقتًا محدودًا لشرح قضيته. وحتى إذا صرّح بأنه سيواجه التعذيب في حال عودته إلى إيران، فإنه قد يُرحّل إلى بلد ثالث دون حق الاستئناف".
وأكد أن بعض طالبي اللجوء احتُجزوا لشهور طويلة، ومن بينهم متنصرون مسيحيون يواجهون خطرًا مضاعفًا في حال إعادتهم إلى إيران.
محاولات انتحار قبل الترحيل
أكد المُرحّل الإيراني أن طهران نسّقت مع واشنطن لإتمام هذه العملية، وأضاف: "لو لم توافق إيران على الرحلات الخاصة، لما استطاعت أميركا إجبارنا على العودة. في الظروف العادية، كانوا يشترون تذاكر سفر للذين يحملون وثائق. لكن مع الطائرة المستأجرة، حتى الذين رفضوا العودة أُجبروا على الصعود".
وأوضح: "كانوا يسحبوننا مقيّدين ويجلسوننا بالقوة على المقاعد. أحد المعتقلين أقدم على شق شرايين يده وابتلاع عشرات الحبوب؛ حتى لا يُعاد إلى إيران. ومع أنه أصيب بتشنجات، فقد حمَلَه الضباط على نقالة. معتقل آخر جرح يديه لكنهم ضمدوهما بالشاش، وأعادوه معنا على الطائرة".
وبحسب روايته، فقد أقلعت الطائرة من ولاية لويزيانا، وتوقفت في بورتوريكو ومصر، ثم هبطت في قاعدة عسكرية بقطر.
وأضاف: "هناك أجبرتنا قوات قطرية باستخدام الصعق الكهربائي على الصعود إلى الطائرة الإيرانية، وكانوا يجرّون من يقاوم على الأرض ويشتمونه قبل إدخاله بالقوة".
الدخول إلى إيران: مزيج من الخوف والمفاجأة
أوضح هذا المواطن المرحّل أنه وزملاءه كانوا قلقين جدًا عند وصولهم إلى مطار الإمام الخميني بطهران، قائلاً: "توقعنا أن يسيء مسؤولو النظام معاملتنا، لكنهم فاجأونا بمعاملة محترمة. قدّم لنا عناصر استخبارات الحرس الثوري استمارات سرية لكتابة سبب وجودنا في أميركا، ثم أعادوا لنا جوازات سفرنا وأوراقنا. حتى من لم يكن لديه مال أو أقارب، خصصوا له سيارة أجرة مجانية وتذكرة حافلة".
وأضاف: "هذا السلوك أدهشنا. كنا نتوقع الاعتقال فورًا، لكنه لم يحدث".
لكن المحامي هِريسْجي شدّد على أن التجربة السابقة تُظهر أن السلطات الإيرانية غالبًا ما تتعامل لاحقًا مع هؤلاء المرحَّلين بشكل أمني صارم.
اتهام وكالة الهجرة الأميركية بـ "فبركة الأدلة"
أكد المواطن الإيراني أنه شخصيًا كان شاهدًا على ما وصفه بـ "تلفيق الأدلة"، وقال: "مكالماتي الهاتفية جرى تحريفها، ولم يُقدّم النص الأصلي للمحكمة. استُخدم نص مزيف كدليل ضدي. كثير منا كان ضحية لهذه الأساليب".
وأشار إلى التكاليف الباهظة التي تكبدها بعض المرحلين، وقال: "إن بعضنا أنفق أكثر من 50 ألف دولار للوصول عبر غابات بنما ودول أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة. لكن في النهاية لم يُسمع لنا، ولم يُتح لنا تقديم الأدلة التي تثبت استحقاقنا للجوء".
ومن جانبه، صرح المدير العام للشؤون البرلمانية والقنصلية في وزارة الخارجية الإيرانية، حسين نوش آبادي، يوم 30 سبتمبر الماضي، تعليقًا على هذه القضية بأن "إدارة الهجرة الأميركية تعتزم إعادة ما يقرب من 400 إيراني إلى البلاد".
وكانت مصادر فيدرالية أميركية قد صرّحت لشبكة "فوكس نيوز"، في 29 يونيو (حزيران) الماضي، بأن عناصر وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) اعتقلوا 130 مواطنًا إيرانيًا، خلال أسبوع واحد، في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، مما رفع عدد الإيرانيين المحتجزين آنذاك في مراكز هذه الوكالة الفيدرالية إلى 670 شخصًا.
كما أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية أن وكالة "ICE" اعتقلت 11 إيرانيًا في 8 ولايات مختلفة، أحدهم عضو سابق في الحرس الثوري الإيراني، اعترف- بحسب المسؤولين الأميركيين- بوجود صلة له مع حزب الله اللبناني.