ووفق تقرير الوكالة الصادر، يوم الجمعة 19 سبتمبر (أيلول)، فإن العراق، رغم امتلاكه احتياطيات نفطية ضخمة، يواجه صعوبات كبيرة في تأمين الكهرباء بشكل دائم لمواطنيه، منذ الغزو الأميركي عام 2003، وسقوط نظام صدام حسين.
ودفع هذا الوضع العديد من المواطنين للاعتماد على مولدات خاصة باهظة الكلفة، ما سبب أعباء اقتصادية ملحوظة، وأدى حتى إلى اضطرابات اجتماعية.
وكان المشروع، الذي طُرح لأول مرة عام 2023، يهدف إلى تصدير الغاز التركماني إلى العراق عبر الأراضي الإيرانية.
وبموجب آلية "المقايضة" كان من المفترض أن تنقل إيران الغاز المستلم إلى العراق، لكن ذلك كان يتطلب موافقة الولايات المتحدة، بسبب خطر انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
ولم تتحقق هذه الموافقة قط، بل على العكس شددت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران.
وذكرت "رويترز"، بعد محادثات مع أربعة مسؤولين عراقيين ومراجعة سبع وثائق، أن بغداد سعت لعدة أشهر للحصول على موافقة واشنطن لاستيراد نحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز التركماني عبر إيران.
وبحسب مسودة عقد المقايضة، التي اطلعت عليها الوكالة، كان العراق يعتزم استيراد 5.025 مليار متر مكعب من الغاز التركماني سنويًا بوساطة الشركة الوطنية للغاز في إيران.
ووفقًا لإحدى الوثائق، لم تكن إيران ستتلقى أي أموال مقابل هذه العملية، لكنها كانت ستحتفظ بحقها في اقتطاع ما يصل إلى 23 في المائة من حجم الغاز اليومي لتغطية احتياجاتها الداخلية.
كما اقترحت بغداد أن يشرف طرف ثالث دولي على تنفيذ الاتفاق وضمان الالتزام بالعقوبات الأميركية وقوانين مكافحة غسل الأموال.
غير أن معارضة الولايات المتحدة، رغم أشهر من المفاوضات، أحبطت المشروع في نهاية المطاف.
وأضافت "رويترز" أن تصعيد إدارة ترامب ضغوطها على طهران بشأن برنامجها النووي جعل من الصعب أكثر على بغداد التوفيق بين حليفَيها: واشنطن وطهران.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الكهرباء، عادل كريم، في مقابلة مع "رويترز": "إن تنفيذ العقد (مع تركمانستان) قد يؤدي إلى فرض عقوبات على البنوك والمؤسسات المالية العراقية، ولهذا السبب فهو معلق حاليًا".
ورفضت وزارة الخزانة الأميركية التعليق، لكن مصدرًا مطلعًا في واشنطن قال إن إدارة ترامب لن توافق على أي اتفاق يعود بالنفع على طهران، رغم أنها تتعاون مع العراق لتلبية احتياجاته من الطاقة.
وخلال العقد الماضي، اعتمد العراق بشكل كبير على استيراد الغاز والكهرباء من إيران.
ووفقًا لمسؤول عراقي في قطاع الكهرباء- لم يُكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع- فإن الغاز الإيراني يغطي نحو ثلث إنتاج الكهرباء في العراق، وقد بلغت واردات الغاز من إيران عام 2024 نحو 9.5 مليار متر مكعب.
وحذّر كريم قائلاً: "إذا توقف الغاز الإيراني، سيواجه إنتاج الكهرباء في العراق أزمة خطيرة".
ويأتي ذلك بينما يقوم العراق، رغم كونه ثاني أكبر منتج للنفط في "أوبك"، بحرق كميات ضخمة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط بسبب نقص الاستثمارات والبنية التحتية اللازمة لجمعه ومعالجته.
وفي مارس (آذار) 2025، صرّح ثلاثة مسؤولين عراقيين كبار في قطاع الطاقة بأن البلاد لا تملك حاليًا بدائل فورية لتعويض واردات الطاقة من إيران، الأمر الذي يسبب تحديات كبيرة خاصة في فصل الصيف لتأمين الكهرباء اللازمة.