وأظهرت أرقام شركة المعلومات السلعية «كبلر» أن حجم النفط الإيراني الذي فُرِّغ الشهر الماضي في الموانئ الصينية شهد قفزة كبيرة، ما يؤكد أن أكبر مستورد للنفط في العالم لم يتأثر بمحاولات واشنطن لتقييد صادرات طهران.
هذا الارتفاع الكبير أدّى إلى خفض المخزونات العائمة من النفط الإيراني غير المباع في البحار الآسيوية – التي كانت في تزايد خلال الأشهر الماضية – إلى النصف خلال شهر واحد فقط.
ووفقًا لـ"كبلر"، بلغ حجم تفريغ الخام الإيراني في الموانئ الصينية خلال أغسطس/آب 1.68 مليون برميل يوميًا، بزيادة نسبتها 23% مقارنة بيوليو/تموز. وانخفضت المخزونات العائمة بحلول 7 سبتمبر/أيلول إلى 15 مليون برميل، بعدما كانت نحو 30 مليونًا في مطلع أغسطس، ومعظمها متمركز قرب ماليزيا.
منذ بداية 2025، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 127 ناقلة نفط، إلى جانب عشرات الأفراد والشركات والشبكات المتهمة بالالتفاف على العقوبات، في محاولة تقول واشنطن إنها تستهدف حرمان طهران من تمويل أنشطتها العسكرية. لكن البيانات تكشف أن وعود الإدارة الأمريكية بإيصال صادرات إيران النفطية إلى «الصفر» لا تزال بعيدة عن الواقع.
الصين استوردت خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025 نحو 1.45 مليون برميل يوميًا من الخام الإيراني في المتوسط، أي أكثر قليلًا من الفترة نفسها من العام الماضي، مع اتجاه عام صعودي رغم التقلّبات الشهرية.
الدور الحاسم لبكين
ترى واشنطن أن شبكات تهريب النفط الإيراني – من عمليات النقل بين السفن إلى الوثائق المزيفة والقنوات المالية السرية – قد تتعرض للشلل على المدى الطويل. غير أن استعداد الصين لشراء النفط الإيراني بكميات متزايدة قلب المعادلة لصالح طهران، ما يجعل نجاح استراتيجية «الضغط الأقصى» مرهونًا بموقف بكين.
زيارة الرئيس الإيراني مسعود پزشکیان إلى بكين هذا الشهر، بدعوة من شي جين بينغ وبمشاركة قادة روسيا وكوريا الشمالية ودول أخرى مناوئة لواشنطن، عُدّت استعراضًا للقوة ورسالة رفض للسياسات الأمريكية في العقوبات والتجارة.
إصرار الصين على شراء النفط الإيراني لا يعود فقط إلى الأسعار المخفّضة – التي تقدَّر بـ4 إلى 6 دولارات أقل للبرميل – بل يدخل أيضًا في سياق مواجهة تجارية مع واشنطن، خصوصًا أن ترامب أعاد فرض رسوم جمركية متعددة على البضائع الصينية.
النفط مقابل السلع
العلاقة التجارية بين طهران وبكين تقوم على تبادل واسع: جزء من مستحقات النفط الإيراني يُسدّد عبر واردات سلع صينية، ما يعزّز موقع الصين كأكبر شريك تجاري لطهران.
وإلى جانب الخام، تعدّ الصين المشتري الرئيسي للمنتجات النفطية والبتروكيماويات الإيرانية التي تشكّل نحو نصف الصادرات الإيرانية. فرغم العقوبات الأمريكية على تسع ناقلات غاز مسال (LPG) هذا العام، سجّلت صادرات الغاز المسال في أغسطس 1.1 مليون طن، ذهب منها 80% إلى الصين.
ومع اعتماد إيران المتزايد على السوق الصينية، بات أكثر من ربع وارداتها السلعية مرتبطًا مباشرة ببكين، ما يجعل الدور الصيني عنصرًا حاسمًا في بقاء الاقتصاد الإيراني.