وفي الوقت نفسه، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن هذا المسؤول الإيراني الرفيع التقى أمس الخميس بمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في الدوحة، عاصمة قطر.
وأعلن عباس عراقجي في اليوم نفسه أن التطورات الأخيرة، بما في ذلك هجمات إسرائيل والولايات المتحدة على المواقع النووية الإيرانية خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، "تقتضي" تحديد إطار جديد لهذا التعاون.
وزعم أيضًا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد "قبلت" بأنه في ظل الظروف الجديدة هناك حاجة لإطار جديد للتعاون.
هذا الموقف من وزير الخارجية الإيراني قد يشكل ردًا على المساعي الأوروبية للتوصل إلى "حل قائم على التفاوض"، وهو ما طرحته وكالة الصحافة الفرنسية في تقريرها عن لقاء الدوحة.
ونقلت الوكالة عن مسؤول أوروبي لم يُذكر اسمه أن كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ناقشت مع عباس عراقجي في الدوحة موضوعات عدة، منها وصول مفتشي الوكالة إلى المواقع النووية الإيرانية، وكذلك وضع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بعد هجمات الولايات المتحدة على هذه المواقع.
وجاء موقف عراقجي بشأن العلاقة مع الوكالة بعد يوم واحد من تصريحات رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، الذي أكد في مقابلة مع وكالة "رويترز" أنه يجري مفاوضات مع طهران بشأن كيفية استئناف عمليات التفتيش، لكنه شدد على أن هذه المفاوضات "لا يمكن أن تستمر لأشهر" ويجب أن تصل إلى نتيجة في أقرب وقت، مضيفًا أن الاتفاق بين الطرفين يمكن أن يتم "حتى هذا الأسبوع".
وقال غروسي: "ليس لدينا أي مؤشر يقودنا إلى الاستنتاج بحدوث تحويل كبير في المواد [النووية]".
وقد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها منذ بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو/حزيران، لم تحصل على أي معلومات عن حالة أو موقع مخزونات اليورانيوم المخصب أو عن وضع المنشآت النووية الإيرانية.
وفي تقرير سري قُدم إلى الدول الأعضاء يوم الأربعاء، قالت الوكالة إنها لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع إيران لاستئناف التفتيش في المواقع التي استهدفتها الولايات المتحدة وإسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا.
وأكد غروسي في التقرير أنه "يجب دون تأخير إنهاء الإجراءات الفنية اللازمة لاستئناف عمليات التفتيش الكاملة للوكالة".
في الوقت نفسه، تطالب فرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي بدأت عملية تفعيل آلية الزناد التي تستغرق 30 يومًا، بأن تستأنف إيران تعاونها مع الوكالة خلال هذه الفترة.
وكانت كايا كالاس قد شددت هذا الأسبوع عبر حسابها على منصة "إكس" على أهمية "الشفافية والتعاون الكامل" من جانب طهران مع الوكالة، وذلك بعد إعلانها لقاءها مع رافائيل غروسي.
وبناءً على قرار البرلمان الإيراني، عقب الحرب التي استمرت 12 يومًا، علقت طهران تعاونها مع الوكالة. وبموجب هذا القرار، الذي أصبح قانونًا بعد إبلاغ الحكومة به، يتعين على المجلس الأعلى للأمن القومي أن يبتّ في موضوع التعاون مع الوكالة.
وقد وصل مفتشو الوكالة المقيمون في فيينا إلى إيران الأسبوع الماضي للإشراف على عملية استبدال الوقود في محطة بوشهر النووية. وأعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن اثنين من مفتشي الوكالة غادرا إيران.
وفي الأثناء، أعاد عباس عراقجي يوم الأربعاء التأكيد على "سلمية" البرنامج النووي الإيراني قائلاً: "لذلك لا نخشى التفاوض، كما لا نخشى الحرب. نحن دائمًا مستعدون للتفاوض والحرب معًا".
وبشأن تحرك الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل "آلية الزناد" التي قد تعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وكذلك تداعياتها الاقتصادية، ادعى عراقجي أن "المخاوف النفسية قد ضُخمت، والضجة المحيطة بآلية الزناد أكبر من حقيقتها. ومع ذلك، فإن إيران تعارض مبدئيًا أي نوع من العقوبات وتسعى لرفعها".
من جانبه، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني يوم الأربعاء إن "العدو" لا يمتلك القدرة على شن حرب جديدة، "لكنه يريد إبقاء البلاد في أجواء حرب مصحوبة بالقلق والتوتر".
وخاطب علي محمد نائيني الشعب الإيراني قائلاً: "لا تقلقوا، لأنه إذا اندلعت حرب أخرى، فنحن نملك اليد العليا ولدينا قوة ردع ستجعلهم يندمون".
وأضاف أن البلاد تعيش في "أمن كامل"، لكن إسرائيل والولايات المتحدة تبقيان "ظل الحرب فوق إيران" وتركزان على "الحرب الاقتصادية والنفسية وزعزعة استقرار البلاد".
وتدّعي السلطات الإيرانية، ومن بينها علي خامنئي، أنه بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، فإن إيران قد "انتصرت". غير أن هذه الحرب، التي بدأت بهجوم مفاجئ من إسرائيل فجر 13 يونيو، أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، بينهم عشرات القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين.
وردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة نحو إسرائيل، مما تسبب في أضرار ومقتل 31 شخصًا.
وخلال هذه الحرب، استهدفت الولايات المتحدة فجر 22 يونيو ثلاثة مواقع نووية في فوردو ونطنز وأصفهان باستخدام قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ متوسطة المدى. وأكد دونالد ترامب مرارًا أن هذه الغارات "دمرت بالكامل وبشكل مطلق البرنامج النووي الإيراني"، رغم أن بعض التقييمات داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية شككت في هذا الاستنتاج.