وتناولت صحيفة "اعتماد" الإيرانية، في تقرير لها يوم السبت 6 سبتمبر (أيلول)، تأثير انقطاع الكهرباء على حياة المواطنين، مشيرة إلى آثاره المدمرة على بعض المرضى، وتعطّل المعدات الطبية، وكذلك خطورة تذبذب التيار الكهربائي أثناء العمليات الجراحية.
معاناة مرضى "الفراشة"
نقلت الصحيفة عن مرضى "الفراشة" أن الحرارة والتعرق الناتج عن انقطاع الكهرباء يؤديان إلى تحوّل جروح الجلد إلى فقاعات جديدة، ما يضطرهم لتغيير الضمادات يوميًا أو حتى مرتين يوميًا، بعد أن كان ذلك يتم كل يومين.
وقال شاب يُدعى مجتبی، في الخامسة والعشرين من عمره، أحد سكان محافظة يزد، إنه اضطر لشراء مروحة تعمل بالشحن لتخفيف الآلام، لكن في أيام الانقطاع تتضاعف مشقة الاستحمام وتكاليف تغيير الضمادات.
وفي أردبيل، أوضح عادل صحبت زاده، أنه حتى وجود المكيف لا يخفف من المعاناة، ومع الانقطاعات التي تستمر من ساعتين إلى أربع ساعات تتفاقم الحكة والفقاعات الجلدية.
كما أكد مدير جمعية مرضى الفراشة في إيران ""EB، حميد رضا هاشمي كلبايكاني، أن الحرارة الشديدة تؤدي إلى حروق في الجلد وزيادة خطر العدوى لدى الأطفال، مشيرًا إلى أن انقطاع الكهرباء يتسبب غالبًا في انقطاع المياه أيضًا، ما يعرقل الاستحمام وتنظيف الجروح.
معاناة ذوي الإعاقة والمعدات المنزلية
أشارت الصحيفة أيضًا إلى أن انقطاع الكهرباء بالنسبة لذوي الإعاقة الحركية أو إصابات النخاع الشوكي لا يعني مجرد الظلام، بل يعني توقف المصاعد، وأجهزة التنفس، والأسرة الطبية الخاصة التي تمنع تقرحات الفراش.
عبّر مواطن آخر يُدعى "بويا"، من إحدى القرى قرب أرومية، عن قلقه من احتراق فراشه الكهربائي بسبب تقلبات التيار الكهربائي، قائلاً: "إذا تعطل هذا الفراش سأُصاب بتقرحات خطيرة".
وفي منزل آخر، يعني انقطاع الكهرباء توقف مضخة مياه البئر، ومِن ثمّ انقطاع الماء أيضًا.
وسردت "سحر"، وهي سيدة من ذوي الإعاقة، تجربتها مع العرق والاختناق خلال ساعات طويلة من الانقطاع، حيث اضطرت لقضاء النهار كاملاً دون مكيّف أو تهوية.
غرف العمليات تحت الخطر
حتى المستشفيات المزوّدة بمولدات لم تسلم من أعطال الأجهزة الدقيقة بسبب تقلبات التيار الكهربائي.
وفي شيراز، تحوّلت عملية جراحية للعين كان من المفترض أن تستغرق من 10 إلى 15 دقيقة إلى عملية استغرقت 90 دقيقة بسبب احتراق مصباح الميكروسكوب الجراحي مرارًا، ما ألحق ضررًا بعين المريض اليمنى.
وبحسب الفريق الفني، كان من الممكن أن يحول جهاز تثبيت الجهد (Stabilizer) دون هذا الضرر، لكن العديد من المراكز لا تزال غير مجهزة لمثل هذه الظروف، كما أن خطط صيانة المعدات لم تُحدث بما يتناسب مع هذه التقلبات.
وأرسل عدد كبير من المواطنين الإيرانيين شكاوى إلى "إيران إنترناشيونال" عن الانقطاعات المتكررة للكهرباء والماء في مختلف أنحاء البلاد، وأكدوا أن هذا الوضع هو نتيجة سوء إدارة النظام الإيراني.
وأرسل مواطن من مشهد مقطعًا يظهر تعرض والدته، التي كانت تجري عملية جراحية بالعين، لانقطاع الكهرباء داخل المستشفى.
وقال مواطن آخر إن انقطاع الكهرباء لأربع ساعات جعل من المستحيل نقل والدته، مريضة الرئة المقيمة في الطابق التاسع، إلى المستشفى، حيث أعلنت الإسعاف أنها غير قادرة على الوصول من دون مصعد.
وفيات متسلسلة
أشار التقرير إلى أن خمسة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في الأشهر الأخيرة بسبب انقطاع الكهرباء؛ ففي إحدى قرى محافظة غلستان، أدى انقطاع طويل تلاه عودة مفاجئة للكهرباء إلى شرارة أشعلت انفجارًا في منزل، فقتل طفلين.
وفي محافظة فارس، توفي شابان (16 و18 عامًا) اختناقًا بعد لجوئهما إلى سيارة، لتشغيل جهاز التكييف الخاص بها داخل مرآب، هربًا من الحر.
وفي "تبريز"، توفي مواطن في حادث مرتبط بالمصعد الكهربائي، لكن فرق الإنقاذ نسبت السبب إلى عطل فني وسوء معايير السلامة.
في الوقت نفسه، تضاعفت بشكل كبير حالات احتجاز الأشخاص في المصاعد؛ حيث ارتفعت هذه الحوادث في أصفهان بنسبة 284 في المائة خلال شهر واحد فقط، وفي ياسوج، وصلت بعض الحالات إلى احتجاز 20 شخصًا معًا، وفي خرم آباد، ارتفعت هذه الحوادث من ثلاثة إلى أربعة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.
أزمة صحية عامة
تكشف الوقائع والإحصائيات أن انقطاع الكهرباء لم يعد مجرد اضطراب يومي في إيران، بل تحوّل إلى أزمة صحية عامة تهدد حياة المرضى في المنازل والمستشفيات، وتربك حياة الناس وأعمالهم.
فمن غرف العمليات إلى المنازل، ومن المصاعد المتوقفة إلى أجهزة التنفس، أصبح الظلام المتكرر يساوي الموت والمعاناة؛ حيث يحذّر الخبراء من أن كل انقطاع قد يتسبب في سقوط ضحايا جدد.