لندن: إيران تشكل تهديدا أمنيا معقدا.. وعداؤها لإسرائيل جزء من "الحمض النووي" للنظام

قالت الحكومة البريطانية، في تقييم جديد، إن إيران تشكّل "تهديداً أمنياً معقداً وواسعاً"، مؤكدة أن العداء لإسرائيل جزء من طبيعة النظام الإيراني.
قالت الحكومة البريطانية، في تقييم جديد، إن إيران تشكّل "تهديداً أمنياً معقداً وواسعاً"، مؤكدة أن العداء لإسرائيل جزء من طبيعة النظام الإيراني.
وتناول التقرير أيضاً أنشطة طهران داخل بريطانيا، بما في ذلك تهديد موظفي قناة "إيران إنترناشيونال".
ووفقاً للتقرير الصادر يوم الخميس 4 سبتمبر (أيلول)، أوضحت بريطانيا أن إيران منذ اندلاع الاحتجاجات عقب وفاة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022 خططت لما لا يقل عن 20 عملية اغتيال أو خطف للمعارضين داخل الأراضي البريطانية.
هذا التقرير جاء رداً على تقرير لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني بشأن التهديدات الإيرانية.
وكانت اللجنة قد نشرت يوم الخميس 10 يوليو (تموز) الماضي تقريراً حذّرت فيه من تزايد نزعة طهران لتنفيذ الاغتيالات والتجسس والهجمات السيبرانية داخل بريطانيا، ودعت الحكومة إلى "مراجعة جذرية" لاستراتيجيتها تجاه إيران.
جاء في التقرير أن التهديدات الإيرانية المباشرة تشمل دعم الميليشيات، العمليات الاستخباراتية، النشاطات السيبرانية، ومحاولات التصفية الجسدية للمعارضين.
كما أكد أن المرشد الإيراني هو صاحب القرار النهائي في السياسات الداخلية والخارجية، وأن العداء الأيديولوجي لإسرائيل جزء من "الحمض النووي للنظام".
وأشار إلى أن التنافس بين المؤسسات الأمنية والاستخباراتية- بما فيها الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات- جعل سلوك النظام الإيراني غير مستقر وصعب التنبؤ.
أما على الصعيد الإقليمي، فأهداف إيران تتمثل في أن تصبح القوة المهيمنة، مواجهة النفوذ الغربي، ودعم الشيعة والمقدسات الدينية.
وكشفت الحكومة البريطانية أنه منذ عام 2022 تم رصد ما لا يقل عن 15 محاولة إيرانية لقتل أو خطف معارضين وصحفيين ناطقين بالفارسية وكذلك استهداف الجالية اليهودية والإسرائيلية داخل بريطانيا.
وحتى لتنفيذ تلك العمليات، استعانت طهران بعصابات إجرامية أوروبية مثل شبكة فوكس تروت (Foxtrot).
وفي مارس (آذار) 2025، أعلن نائب وزير الداخلية للأمن، دان جارفيس، أن أي شخص يعمل لصالح النظام الإيراني داخل بريطانيا دون تسجيل هويته سيواجه عقوبة السجن.
كما حذرت بريطانيا من أن الأعمال العدائية الإيرانية لن تمرّ دون رد.
وسلط التقرير الضوء على العلاقات الوثيقة بين إيران وروسيا بعد حرب أوكرانيا، واعتمادها الاقتصادي على الصين، إلى جانب استخدامها شبكة من الوكلاء مثل حزب الله والحوثيين كأدوات نفوذ إقليمية.
وقالت الحكومة البريطانية إن إيران باتت على أعتاب امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي، وإن مخزونها من اليورانيوم المخصب لا يملك أي مبرر مدني.
وأكدت لندن أن طهران لا يجب أن تمتلك سلاحاً نووياً أبداً، مشيرة إلى أن الحل الوحيد المستدام هو الدبلوماسية.
وقالت باربرا وودوارد، سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، يوم 30 أغسطس (آب) الماضي عقب اجتماع مغلق لمجلس الأمن بشأن تفعيل آلية "سناب باك" ضد إيران، إن طهران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج يورانيوم مخصباً عالي المستوى، مضيفة أن إيران منذ عام 2019 تخلت عملياً عن كل التزاماتها في الاتفاق النووي (JCPOA).
استهداف الإعلام والمعارضين
وأبرز التقرير أن النشاط الإيراني داخل بريطانيا يتركز على ترهيب المعارضين والصحفيين، وخصوصاً العاملين في قناة "إيران إنترناشيونال".
وقال إن هذه الضغوط أثّرت بوضوح على الجالية الإيرانية في بريطانيا، حيث أصبح كثير من النشطاء يتجنبون الأنشطة العلنية أو الانتقادات خوفاً من التعرّض للاستهداف.
ورغم هذه التهديدات، أكدت الحكومة البريطانية أنها تدعم عودة مقر قناة "إيران إنترناشيونال" إلى لندن، لكنها شددت على أن البيئة البريطانية ما تزال سهلة للغاية أمام عمليات إيران، داعية إلى تعزيز التدابير الوقائية لحماية المؤسسات الإعلامية.
في عام 2023، وبالتعاون مع شرطة العاصمة البريطانية (Met Police)، اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات الأمنية لحماية قناة "إيران إنترناشيونال"، منها نشر قوات مسلحة حول مكاتبها.
وأدت هذه التدابير إلى اعتقال وإدانة مواطن نمساوي من أصل شيشاني، بتهمة التجسس على مكاتب القناة في لندن.
وأكدت الحكومة أنها لن تتسامح مع أي تهديد أو ترهيب على أراضيها، وستستخدم كل الوسائل الاستخباراتية والشرطية لمواجهة إيران.
في مايو (أيار) الماضي، أعلنت الشرطة البريطانية أن ثلاثة إيرانيين في لندن متهمون بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية، حيث سعوا إلى تحديد هوية صحفيين يعملون مع "إيران إنترناشيونال".
كما كشفت صحيفة التايمز أن إيرانيين معتقلين في بريطانيا كانوا يخططون لاستهداف السفارة الإسرائيلية في لندن.
وقالت الحكومة البريطانية إن الميزانية المخصصة لمواجهة تهديدات إيران ستزيد حتى عام 2029 لتصل إلى 5.4 مليار جنيه إسترليني، مؤكدة أن التعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها هو السلاح الأهم في هذا المسار.
وأضافت أن أكثر من 500 فرد و1100 كيان إيراني خضعوا للعقوبات البريطانية. وبدلاً من إدراج الحرس الثوري الإيراني رسمياً على قائمة المنظمات الإرهابية، أنشأت لندن إطاراً قانونياً جديداً يسمى "أداة شبيهة بالإرهاب للتهديدات التي مصدرها دول"، يتيح التعامل مع تهديدات الدول بالطريقة نفسها التي يتم التعامل بها مع الإرهاب.