وقد نُشرت الرسالة، يوم الأحد 24 أغسطس (آب)، بعنوان "اللبنة المعوجّة للتخصيب وقضية إيران الغد" عبر قناة "تحكيم ملت" على تطبيق "تلغرام".
وكتب مدني في رسالته: "البدء بتخصيب اليورانيوم قبل بناء محطة للطاقة النووية يشبه النفخ في البوق من جهته الواسعة؛ وهو مثل القول: لم يُحفر البئر بعد، لكن المئذنة سُرقت".
وأضاف: "لم يُنشر أي تقرير رسمي عن كلفة مشروع التخصيب منذ بدايته حتى اليوم، ومن الصعب الحكم بدقة، لكن بعض التقديرات تشير إلى أن كلفة المشروع تعادل على الأقل عائدات سنة كاملة من بيع النفط، وربما أكثر".
وقد امتنعت طهران حتى الآن عن تقديم تقدير دقيق وشفاف لتكاليف برنامجها النووي المباشرة وغير المباشرة، غير أنّ بعض المسؤولين أشاروا إلى أرقام تقريبية. فعلى سبيل المثال، قال وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، عام 2020، إن العقوبات الناجمة عن البرنامج النووي كلّفت البلاد نحو تريليون دولار حتى ذلك التاريخ.
برنامج نووي عقيم ومفاوضات مسدودة
أدى إصرار طهران على تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها إلى وصول المفاوضات النووية مع واشنطن إلى طريق مسدود. وخلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا، قصفت الولايات المتحدة وإسرائيل مواقع نووية إيرانية، بينها منشآت تخصيب اليورانيوم.
وكتب مدني أيضًا: "لا يمكن وفق أي مفهوم من مفاهيم التنمية أن يُعطى مشروع التخصيب موقعًا واضحًا. وكأن المسؤولين وصنّاع القرار لم تكن لديهم أصلاً أي رؤية للتنمية، أو لم يجدوا ضرورة لربط هذا المشروع الضخم ببرامج التنمية الوطنية".
وتابع: "من حق الشعب الإيراني أن يعرف أسباب وتبريرات مثل هذا الاستثمار الهائل من الموارد الوطنية، خاصة أن المشروع لم يحقق أي فائدة للناس، بل على العكس، تزايدت أضراره يومًا بعد يوم".
وفي السنوات الأخيرة، كان للعقوبات الاقتصادية المرتبطة بالبرنامج النووي أثر متصاعد على الاقتصاد الإيراني، حيث أوصلته إلى مستوى غير مسبوق من الضعف والأزمة.
تساؤلات حول جدوى المشروع
طرح مدني في رسالته سؤالًا لافتًا: "هل يمكن أن يساهم تضاعف مخزون اليورانيوم المخصّب عشرات المرات في تخفيف الفقر، الذي يطال ما يقرب من نصف سكان البلاد؟ وهل يمكن الاعتماد على هذه المخزونات لخفض 1 في المائة فقط من معدل التضخم البالغ 40 في المائة؟".
كما انتقد الدعاية الرسمية التي تبرر التخصيب بالحاجة إلى إنتاج "الأدوية المشعة" أو "استخدام الطاقة النووية في الزراعة"، مضيفًا: "السؤال الأهم: هل لم يكن بالإمكان الحصول على مثل هذه المنتجات من دون إنفاق مليارات الدولارات وتحمل الخسائر الهائلة الناجمة عن المشروع؟".
تحولات سياسية ومخاوف دولية
تزايدت في الأيام الأخيرة، التكهنات بشأن مستقبل البرنامج النووي، خصوصًا مخزونات اليورانيوم المخصّب.
وذكرت صحيفة "التلغراف" البريطانية، يوم الأحد 24 أغسطس، أنّ بعضًا من مسؤولي النظام الإيراني، بقيادة الأمين الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي لاريجاني، مستعدون لتخفيض مستوى التخصيب بشكل كبير لتفادي إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في النظام أنّ طهران ترغب في التراجع عن مواقفها المتشددة للحؤول دون مزيد من الهجمات الإسرائيلية والأميركية، ومنع تفعيل "آلية الزناد".
دعوات لحق تقرير المصير
وكان مدني، إلى جانب عدد من الشخصيات المدنية والحقوقية البارزة، قد أصدروا في وقت سابق بيانًا بعنوان "نحن قلقون على مستقبل إيران"، حذروا فيه من أنّ البلاد تمر بأخطر فترة في تاريخها المعاصر.
وأكد البيان أنّ السبيل الوحيد لإنقاذ إيران هو إعادة حق تقرير المصير إلى الشعب من خلال استفتاء حر بإشراف المنظمات الدولية.