وسائل إعلام إيرانية: المدمرة الأميركية غيّرت مسارها بعد تلقيها تحذيراً

أفادت وسائل إعلام رسمية في إيران بأن مدمرة أميركية غيّرت مسارها اليوم الأربعاء 16 يوليو (تموز) 2025، بعد تلقيها تحذيراً، وابتعدت عن منطقة خاضعة لمراقبة النظام الإيراني.

أفادت وسائل إعلام رسمية في إيران بأن مدمرة أميركية غيّرت مسارها اليوم الأربعاء 16 يوليو (تموز) 2025، بعد تلقيها تحذيراً، وابتعدت عن منطقة خاضعة لمراقبة النظام الإيراني.
وحتى الآن، لم يصدر أي تعليق من البحرية الأميركية أو القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، المسؤولة عن القوات الأميركية في الشرق الأوسط، بشأن هذا الادعاء.
ووفقاً لما بثّه التلفزيون الرسمي الإيراني، فإن "المدمرة الأميركية فيتزجيرالد" حاولت الساعة العاشرة من صباح الأربعاء 16 يوليو أن تقترب بشكل "استفزازي" من المياه التي تقول طهران إنها تحت مراقبتها.
وأضاف التقرير أن مروحية تابعة للبحرية الإيرانية تحركت بسرعة نحو المدمرة، وأصدرت لها تحذيراً "حاسماً" طالبتها فيه بمغادرة المنطقة فوراً.
وبحسب التلفزيون الإيراني، فإن المدمرة الأميركية هددت في البداية المروحية الإيرانية، لكن وبعد استمرار التحذيرات، اضطرت إلى التراجع والانسحاب من المنطقة.
وقالت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية إن القوات المسلحة الإيرانية أبلغت المدمرة عبر اتصال لاسلكي أن المروحية الإيرانية تحلّق تحت "حماية كاملة" من قبل القوات الإيرانية. كما طالبتها صراحةً بتغيير مسارها جنوباً.

أقدمت السلطات في إيران على تنفيذ حكم الإعدام شنقًا بحق ما لا يقل عن 74 شخصًا في مختلف السجون الإيرانية في الفترة من 22 يونيو (حزيران) إلى يوليو (تموز) الجاري.
وفيما أصدرت السلطة القضائية خلال هذه الفترة أحكامًا بالإعدام بحق 17 شخصًا آخرين، صادقت المحكمة العليا على حكم الإعدام بحق شخصين إضافيين على الأقل.
ونشرت منظمة "هرانا" الحقوقية تقريرها الشهري الجديد، الأربعاء 23 يوليو (تموز)، حول انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وأفادت بأنها سجلت في الفترة (22يونيو- 22يوليو) 93 حالة مرتبطة بحق الحياة (الإعدام)، تضمنت تنفيذ 74 حكمًا بالإعدام، وصدور 17 حكمًا جديدًا، وتأييد حكمين بالإعدام.
وأشار التقرير إلى صدور أحكام بالإعدام ضد 5 من معتقلي انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية" في مدينة أرومية، إضافة إلى 3 معتقلين سياسيين في الأهواز، باعتبارها من أبرز الأمثلة على إصدار أحكام بالإعدام خلال هذه الفترة.
وأكدت "هرانا" أن انتهاك الحق في الحياة يترك آثارًا مدمرة، منها إثارة مشاعر انعدام الأمن وعدم الاستقرار في المجتمع، كما يُسهم في تكريس ثقافة العنف، ويؤدي إلى تراجع ثقة المواطنين في الأجهزة الحكومية والقضائية.
وإلى جانب هذه الإعدامات، أشار التقرير إلى تدهور أوضاع السجناء، حيث وثّقت "هرانا" في الشهر الأخير 2,492 حالة احتجاز في بيئات غير مناسبة، و102 حالة من انعدام الوضوح في الوضع القانوني، و100 حالة حرمان من حق الاتصال، و74 حالة انقطاع الأخبار عن المعتقلين، و52 حالة من الضغط الممنهج على السجناء.
كما سجل التقرير 13 حالة من عدم تلقي الرعاية الطبية، و11 حالة نقل إلى الحبس الانفرادي، و8 حالات إضراب عن الطعام، وحالة واحدة من القتل داخل السجن.
وتناول جزء آخر من التقرير الاستخدام المفرط والمميت للقوة والسلاح من قبل القوات العسكرية والأمنية الإيرانية.
وبحسب التقرير، قُتل في هذه الفترة ما لا يقل عن 12 مواطنًا جراء إطلاق النار من قبل القوات الأمنية، وأصيب 20 آخرون بجروح.
كما أُعلن عن مقتل 3 من حاملي البضائع على الحدود (العتالين) و2 من ناقلي الوقود خلال هذه الفترة، إلى جانب إصابة عتال واحد وثلاثة من ناقلي الوقود. كما تسببت ألغام أرضية انفجرت في المناطق الحدودية في مقتل شخصين على الأقل وبتر أحد المدنيين.
ومن أبرز الحوادث الصادمة التي سجلها التقرير هذا الشهر، إطلاق النار من قبل قوات الحماية التابعة لمركز عسكري في مدينة خمين، والذي أسفر عن مقتل 4 مواطنين، بينهم طفلة في الرابعة من عمرها تُدعى "رها شيخي".
وفي حادثة أخرى بمنطقة "تاريك دره" في همدان، قُتل مواطنان وأصيب آخر بجروح.
وختمت منظمة "هرانا" تقريرها بالتأكيد على أن الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في إيران، من الإعدامات المتكررة والظروف غير الإنسانية في السجون، إلى قمع حرية التعبير والعنف المميت من قبل القوات المسلحة، لا يمكن الحد منها إلا من خلال إصلاح البنى القضائية والأمنية، ومحاسبة المسؤولين، واستمرار الضغط من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.

أظهر تقرير "تقييم وضع سوق العمل تحت تأثير الحرب التي استمرت 12 يومًا"، والذي نشرته منصة التوظيف "جاب ويجن"، أن هذه الحرب تركت أثرًا كبيرًا على سوق العمل في إيران، حيث انخفض عدد فرص العمل بعد الحرب بنسبة 24 في المائة مقارنةً بالفترة التي سبقتها.
وقد سجّلت أكبر نسبة انخفاض في فرص العمل في مجالات "السياحة والفندقة، والتسويق والإعلانات، والشركات الخدمية والمقاولات".
وفي المقابل، وبحسب التقرير، فإن صناعات المصارف والأدوية والسلع الاستهلاكية سريعة الدوران كانت الأقل تضررًا.
وخلال فترة الحرب، انخفض مؤشر عدد فرص العمل بنسبة 81 في المائة ورغم حدوث بعض التحسّن بعد ذلك، إلا أن هذا المؤشر لا يزال أدنى بنسبة 21 في المائة من مستواه قبل الحرب.
ويعتمد تقرير "جاب ويجن" على استطلاع رأي أُجري بين 9 و12 يوليو (تموز) بمشاركة أكثر من أربعة آلاف باحث عن عمل، ويُظهر أن 20 في المائة من الباحثين عن العمل فقدوا وظائفهم بسبب الحرب.
وبحسب التقرير، فإن سوق العمل بعد الحرب يشهد حالة من الغموض وعدم الاستقرار، وقد أشار جزء كبير من العاملين إلى أن غياب الأمان الوظيفي، وضبابية المستقبل، وسوء الأوضاع المعيشية تُعد من أبرز مصادر قلقهم.
في السياق نفسه، قدّم ستّار هاشمي، وزير الاتصالات في حكومة مسعود بزشکیان، يوم الثلاثاء 22 يوليو (تموز)، تقريرًا حول الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الرقمي والبُنى التحتية السيبرانية للبلاد جرّاء الحرب التي استمرت 12 يومًا، بما في ذلك تراجع التوظيف بنسبة 30 في المائة، مرجعًا السبب إلى "القيود المفروضة على الإنترنت" خلال تلك الفترة.
وقال هاشمي في جلسة علنية للبرلمان الإيراني إن حوالي 10 ملايين مواطن في إيران يعتمدون بشكل مباشر أو غير مباشر في معيشتهم على الاقتصاد الرقمي، وإن هذا النوع من التوظيف شهد انخفاضًا بنسبة 30 في المائة خلال الحرب.
وبحسب قول الوزير، فقد تسببت الحرب في خسائر يومية تُقدّر بألف مليار تومان لقطاع الاقتصاد الرقمي، أي ما مجموعه نحو 15 ألف مليار تومان شهريًا، وهو ما يعادل الميزانية السنوية لبعض الوزارات.
وقد نسب وزير الاتصالات هذه الخسائر الكبيرة إلى الانقطاع الواسع النطاق والتعطيل المتعمّد لخدمة الإنترنت.
وخلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت على نطاق واسع في إيران، وهو إجراء نُفّذ من قِبل الجهات الأمنية للنظام الإيراني بذريعة "الحفاظ على الأمن القومي".
وفي وقت سابق، قبل نحو أسبوع، صرّحت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، بأن أهداف إسرائيل في الحرب الأخيرة "كانت تُدار عبر الإنترنت، ومن الطبيعي أنه كان من الضروري الانتقال إلى الإنترنت الوطني حفاظًا على الأمن".

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا استنادًا إلى ثلاثة مسؤولين في النظام الإيراني- لم تُذكر أسماؤهم- أفادوا فيه بأن العديد من الانفجارات التي قيل إنها ناجمة عن تسربات غاز، وكذلك حرائق الأيام الماضية، كانت في الحقيقة "عمليات تخريبية" يُحتمل أن إسرائيل تقف وراءها.
فخلال أكثر من أسبوعين، شهدت مناطق متفرقة من إيران انفجارات وحرائق غامضة، طالت مجمعات سكنية، ومصافي نفط، وحتى طرقًا قرب مطارات ومصانع أحذية، جميعها اندلعت فيها النيران في ظروف مريبة.
وعلى الرغم من أن كثيرًا من المواطنين الإيرانيين ينسبون هذه الحوادث إلى هجمات إسرائيلية، فإن المسؤولين في النظام الإيراني أصرّوا على تفسيرها بأنها مجرد حوادث عرضية بسبب تسرب غاز، أو حرق نفايات، أو اشتعال أعشاب، أو تهالك البنية التحتية.
لكن خلف الأبواب المغلقة، قال ثلاثة مسؤولين من النظام- أحدهم من الحرس الثوري- للصحيفة الأميركية، إنهم يعتقدون أن العديد من تلك الحوادث كانت نتيجة "تخريب متعمد".
ووفقًا للتقرير، رغم أن للنظام الإيراني "أعداءً كثر"، فإن المصادر الحكومية اعتبرت إسرائيل المشتبه به الأول، مشيرة إلى سجلها المعروف في تنفيذ عمليات سرّية داخل إيران، مثل التفجيرات والاغتيالات.
وتزايدت هذه الشكوك بشكل خاص بعد تعهد أحد كبار المسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية بمواصلة العمليات في إيران حتى بعد نهاية الحرب التي استمرت 12 يومًا.
وأكد مسؤول أوروبي مطّلع على الملف الإيراني أن الهجمات تحمل طابعًا تخريبيًا، وعزاها إلى إسرائيل بناءً على سجل عملياتها السابقة داخل الأراضي الإيرانية.
وقال إن إسرائيل قد تنفّذ هذه الهجمات إما في إطار "حرب نفسية" أو "لاستهداف شخصيات بعينها".
ولم تقدّم سلطات النظام حتى الآن تفسيرًا مقنعًا علنيًا للحرائق المتزايدة، التي يُرجعها الخطاب الرسمي إلى تسربات غاز. وقد وصلت وتيرة هذه الحوادث المشبوهة إلى واحدة أو اثنتين يوميًا في أنحاء إيران.
بعض الحوادث وقعت في مواقع بنى تحتية حساسة؛ مثل الحريق الذي اندلع يوم 19 يوليو (تموز) في مصفاة نفط كبرى بمدينة عبادان، وأسفر عن مقتل شخص، وإصابة عدد آخر، وتعطيل أحد خطوط الإنتاج.
كما وقعت انفجارات في مجمعات سكنية ومصانع، ما زاد من أجواء الفوضى وعدم الاستقرار.
كانت بعض التفجيرات شديدة القوة إلى حد أنها خلفت أعمدة دخان كثيفة، وتسببت بانهيار جدران وأسقف.
في مدينة قم، لحقت أضرار جسيمة بأحد المباني وكأن قنبلة انفجرت فيه؛ جدران الطابق الأرضي انهارت، والنوافذ تحطمت، وسيارة أجرة صفراء كانت مركونة في الشارع سُحقت تحت الأنقاض.
وغطّت قوة الانفجار- الذي أدى إلى إصابة سبعة أشخاص- الحي المحيط بأكمله بالحطام.
وكشف اثنان من المسؤولين الإيرانيين للصحيفة أن المبنى المنفجر على الأرجح استُخدم من قِبل "عملاء ميدانيين تم استئجاره من قِبل جهة ما"، حيث قاموا بفتح صمامات غاز الموقد والفرن قبل مغادرة الموقع، وكأن الهدف إشعال حريق.
وفي حادثة مشابهة محتملة، وقع انفجار في مجمع سكني شاهق بمنطقة جيتكر في طهران، وهو مخصص لسكن موظفي السلطة القضائية للنظام.
وقد تسبب الانفجار في تدمير الجدران والنوافذ، وقال ثلاثة من مسؤولي النظام إنهم يعتقدون أن الهدف من الهجوم "نشر الرعب في صفوف القضاة والمدعين العامين"، وشبهوه بالهجمات الإسرائيلية السابقة على خبراء البرنامج النووي الإيراني.
وصرّح أحد أعضاء الحرس الثوري لـ "نيويورك تايمز" أن "عدد وشدة هذه الانفجارات شبه اليومية، حتى وإن كانت بعض الحالات حوادث فعلية، تؤدي إلى تنامي مشاعر القلق لدى المسؤولين وكذلك بين عامة الناس".
وبحسب هذه المصادر، يتجنّب النظام الإيراني الحديث العلني عن احتمال ضلوع إسرائيل، لأنه "لا يريد أن يُجبر على الردّ عليها".
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تنفّذ منذ سنوات عمليات سرّية داخل إيران، من تفجيرات وهجمات بالطائرات المسيّرة، إلى اغتيالات استهدفت أفرادًا ومنشآت نووية وعسكرية.
بالمقابل، ردّت طهران بمهاجمة سفن إسرائيلية في الخليج، وقصفت منشآت في العراق مرتبطة بإسرائيل، ودعمت فصائل مسلّحة كحماس في غزة ماليًا وعسكريًا.
ورفض المسؤولون الإسرائيليون التعليق على التقرير، لكن جهاز الاستخبارات "الموساد" أعلن بوضوح أنه سيواصل العمليات داخل إيران حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار.
وفي بياناته العلنية، يحاول النظام الإيراني أن ينسب أسباب هذه الحرائق إلى عوامل غير أمنية.

أعلن رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إيجه إي، أن أكثر من ألفي شخص اعتُقلوا في مدن مختلفة من البلاد عقب حرب الـ12 يومًا مع إسرائيل. وقال إن بعض هؤلاء المعتقلين متهمون بـ"التعاون المنظَّم مع العدو" وقد يواجهون أحكامًا بالسجن المؤبد أو الإعدام.
وفي مقابلة تلفزيونية أُجريت معه يوم الثلاثاء 22 يوليو (تموز)، قال إيجه إي إن المعتقلين ينقسمون إلى فئات عدّة، مشيرًا إلى أن بعضهم "كانوا فقط حاضرين في الشوارع بعد القصف الإسرائيلي أو يصوّرون بهواتفهم"، دون نية واضحة للقيام بما وصفه بـ"أعمال معادية للثورة" أو "التعاون مع العدو".
وأضاف: "هؤلاء مثل الأشخاص الذين يصوّرون حوادث السير، ولا يمكن مساواتهم بمن تربطهم صلات مباشرة مع جهات معادية."
رئيس القضاء الإيراني قدّر العدد الإجمالي للمعتقلين بأكثر من ألفي شخص، وقال إن عددًا كبيرًا منهم ممن لم تثبت بحقهم تهم "التجسس" أو "الارتباط بالعدو" قد تم الإفراج عنهم بكفالة أو خضعوا لإجراءات قانونية مخففة.
لكن إيجه إي أشار إلى وجود معتقلين لديهم "سوابق أمنية ويتعاونون تنظيمياً مع العدو"، مضيفًا أن القانون الإيراني ينص على أن "أي تعاون مع العدو في زمن الحرب يمكن أن يُواجَه بعقوبات شديدة، من بينها السجن المؤبد أو الإعدام."
ورغم عدم كشفه عن عدد المعتقلين الذين ما زالوا قيد الاحتجاز لدى الأجهزة الأمنية، فقد كانت تقارير حقوقية سابقة قد أفادت بأن أكثر من ألفي شخص اعتُقلوا في أنحاء إيران منذ اندلاع الحرب مع إسرائيل.
وشملت حملة الاعتقالات تلك ناشطين مدنيين، ومواطنين من الأقليات الدينية مثل اليهود والبهائيين والمسيحيين، بالإضافة إلى بعض الأجانب.
وخلال الأسابيع الماضية، أكدت السلطات القضائية الإيرانية أن القضايا المتعلقة بتهم "التجسس" وغيرها من التهم الأمنية سيتم التعامل معها على وجه السرعة وخارج الترتيب المعتاد.
وكان إسماعيل خطيب، وزير الاستخبارات الإيراني، قد صرّح يوم 16 يوليو بأن بعض الأشخاص المتهمين بـ"التجسس" قد أُعدموا بالفعل، مهددًا بأن "البقية سينالون جزاءهم."
وفي 8 يوليو، نشرت وكالة أنباء "فارس"، التابعة للحرس الثوري، مقالًا أشادت فيه بعمليات الإعدام الجماعية التي نُفذت عام 1988 بحق المعارضين، واعتبرتها "تجربة ناجحة" يجب تكرارها في مواجهة المعارضين الحاليين.
وفي ظل هذه الأجواء، حذّرت منظمات حقوقية من تصاعد القمع السياسي واحتمال تكرار مجازر عام 1988، المعروفة باسم "الصيف الدامي"، والتي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين.

خرج أهالي سبزوار إلى الشوارع للّيلة الثانية على التوالي، حيث تجمعوا أمام مبنى قائمقامية المدينة، ورددوا شعارات مثل: "حقوقنا لا تُنتزع إلا من الشارع"، و"الماء، الكهرباء، الحياة... حقوقنا الأساسية". وذلك احتجاجًا على الانقطاعات المتكررة للكهرباء في المنطقة.
وفي ظل عجز النظام الإيراني عن تقديم أي حل عملي لأزمة المياه، يطرح السؤال نفسه: هل ستتوسع احتجاجات سبزوار لتشمل مناطق أخرى من إيران؟
أعلنت الحكومة عن تعطيل الدوام الرسمي يوم الأربعاء، في مشهد يُظهر بوضوح أن الأزمة شلّت البلاد، والمواطنون الذين بلغ بهم الغضب ذروته، باتوا في مواجهة نظام أثبت هذه المرة عجزه التام عن إدارة شؤون الدولة.
ما نشهده الآن هو نتيجة مباشرة لإنكار الأمس؛ عندما فُضّل الأمن القمعي على التنمية، وحين تنصلت الدولة من مسؤولياتها، وطلبت من المواطنين أن يتحملوا المسؤولية، أن يقتصدوا، أن يبقوا في منازلهم. هذا السرد المكرور لا يصمد اليوم في وجه أزمة غير مسبوقة.
وفي حادثة لافتة، أعلنت شركة المياه والصرف الصحي في طهران عن نيتها توزيع مياه معبأة على المواطنين، لكنها سرعان ما نفت الخبر بعد دقائق.
رضا سبهوند، عضو البرلمان الإيراني، حذّر من احتمال فرض تقنين شامل في طهران ومحافظات أخرى. ولكن، مثل هذه التحذيرات لم تعد تفاجئ أحدًا. إذ لطالما دقّ الناشطون البيئيون ناقوس الخطر، فتم قمعهم وسجنهم. والآن، بات النظام نفسه يتحدث بلغة التحذير، وكأن الأزمة سقطت من السماء.
وفي مواجهة موجة الحر الشديد، وصفت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة بزشکیان، قرار تعطيل الأربعاء بأنه "فرصة للتنفس"، في اعترافٍ مريرٍ بأن المواطنين باتوا عاجزين حتى عن التنفس.
واقترحت على الناس أن يستريحوا، وأن يسافروا، ويقضوا الوقت مع عائلاتهم- في خضم حرارة خانقة، وغياب الماء والكهرباء! وصفات عبثية كهذه لا تفعل سوى صبّ الزيت على نار الغضب الشعبي، خاصة أن المجتمع الإيراني يجلس فوق برميل بارود، وأي شرارة قد تُفجّره في وجه النظام.
تجدر الإشارة إلى أن الإيرانيين لا يستطيعون اليوم أن يعيشوا دون مولد كهربائي، وخزان مياه، أو منزل مكيّف. أما بقية الناس، فيُجبرون على الوقوف في طوابير طويلة مع أوعية بلاستيكية بحثًا عن قطرة ماء. وهكذا صُمّم الحكم في إيران: طبقة تحيا، والبقية تعيش بـ"القدر والمطر".
لكن الإنسان ليس حبة قمح أو شعير ليعيش بالقدر. الإنسان بحاجة إلى الماء... إلى الحياة.
والنظام الذي يعجز عن توفير الماء لمواطنيه، محكوم عليه بالسقوط. وأيامه معدودة.
حتى عيسى كلانتري، الرئيس السابق لمنظمة البيئة، حذر صراحة بقوله: "يجب أن نقلق على بقاء إيران نفسها". أما مسعود بزشکیان، الرئيس الحالي، فقد اعترف قائلًا: "إذا لم نتحرك الآن، فقد لا نجد غدًا أي حل ممكن".
هذه الاعترافات المتأخرة لا تُسقط المسؤولية عن النظام؛ فالحكومة لا تملك اليوم أي خطة واقعية لمعالجة الكارثة، والغد لا يبدو مختلفًا عن اليوم.
