لماذا يحرص النظام الإيراني على استمرار "حالة الحرب"؟

لا يستخدم النظام الإيراني الحرب للدفاع عن الوطن، بل يسيء استخدامها للدفاع عن نفسه؛ لخنق المجتمع، من أجل البقاء. ولتحقيق هذا البقاء، يحتاج إلى استمرار "حالة طوارئ دائمة".
لا يستخدم النظام الإيراني الحرب للدفاع عن الوطن، بل يسيء استخدامها للدفاع عن نفسه؛ لخنق المجتمع، من أجل البقاء. ولتحقيق هذا البقاء، يحتاج إلى استمرار "حالة طوارئ دائمة".
إيران اليوم ليست منخرطة في حرب حقيقية، بل غارقة في حالة وهمية ومصطنعة من الحرب؛ حالة لا يكون فيها النظام مسؤولاً عن شيء، بل لا يكف عن طرح أسئلة زائفة وتهديدات موهومة.
اليوم، لا الأجواء هادئة، ولا الأوضاع مطمئنة. أي نظام طبيعي، بعد مروره بأزمة، يسعى أولاً إلى استعادة الأمن، ثم يعيد الطمأنينة إلى المجتمع. لكن النظام الإيراني يسير في الاتجاه المعاكس.
بعد وقف إطلاق النار، لم ترجع الحياة إلى طبيعتها، بل ازداد الضغط في كل المجالات: الإنترنت أصبح بطيئًا للغاية ومحدودًا، جودة الهواء في العديد من المدن باتت خطرة، وأسعار المواد الأساسية شهدت ارتفاعًا غير مسبوق. ومع ذلك، لم يقدّم المسؤولون أي خطة لتحسين الأوضاع.
بدلاً من ذلك، استند النظام إلى "حالة الحرب" ليكثّف القمع الأمني، ويوسّع نقاط التفتيش داخل المدن، وينتهك خصوصية المواطنين بشكل غير مسبوق.
في النظام الإيراني، لا تُدار الأزمات، بل تتحوّل إلى فرصة للقمع والسيطرة والاحتكار.
وفقاً للتقارير، تم اعتقال أكثر من 700 شخص في خمس محافظات فقط. والتهمة الأكثر شيوعًا؟ "التجسس".
في الوضع الراهن، أصبحت تهمة التجسس بديلًا لكل التهم: من النقد البسيط والمطالبة بالحقوق الأساسية، إلى مجرد كون الشخص مهاجرًا.
وقد صادق البرلمان الإيراني مؤخرًا على مسودة قانون، تنصّ على إمكانية إصدار حكم الإعدام في قضايا التجسس من دون محاكمة، من دون محامٍ، ومن دون حق الدفاع.
حتى داخل أجهزة النظام نفسها، اندلع الخلاف بشأن الجهة التي ينبغي أن توقع على أحكام الإعدام، وهو مؤشر واضح على انهيار النظام القضائي، واستسلام المؤسسات الرسمية أمام آلة القمع.
الانهيار الاقتصادي.. بتبرير أمني
الاقتصاد الإيراني في حالة كارثية. أسعار السلع الأساسية، من اللحوم والألبان إلى الأرز، ارتفعت بشكل غير مسبوق. المتاجر تعاني من نقص حاد.
وردّ النظام على هذه الأزمة عبارة واحدة فقط: "نحن في حالة حرب!"
هذه الجملة تُستخدم لتبرير كل شيء: من خفض سرعة الإنترنت، إلى غياب الرقابة على الأسواق، نقص الدواء، الفوضى الإدارية، وحتى القمع السياسي.
لقد تحوّلت "حالة الحرب" إلى غطاء للتستّر على الفشل والفساد والقصور البنيوي.
وتحوّلت هيئة الإذاعة والتلفزيون التابعة للنظام الإيراني إلى ساحة للعروض العسكرية، والاعترافات القسرية، والترويج لـ"الوحدة الوطنية"؛ وحدة لا تقوم إلا على أساس الخوف والصمت.
وحذّرت بعض وسائل الإعلام الدولية من أن النظام الإيراني يتجه تدريجياً نحو نموذج شبيه بالنظام الكوري الشمالي: تطهير داخلي، تصفية المعارضين، انعدام الثقة بالداخل والخارج، وحكم يقف على أنقاض شرعيته، ولا يحكم إلا بالقبضة الحديدية.