وكشفت الرسالة أن السجناء السياسيين كانوا يخرجون جثث المحققين من عنبر 209 بأيديهم.
وكتب براتي في رسالته: "بعد سقوط الصواريخ، وسط الدخان والسعال والأنقاض والدم، هرعتُ أولاً إلى زميلي في الزنزانة محمد نجفي لأطمئن عليه، ثم خرجنا معًا إلى الممر".
وأوضح أنهما حاولا النظر من النوافذ إلى الخارج، لكن "الدخان الأسود حال دون ذلك"، مما دفعهما للنزول إلى الطابق السفلي، وهناك شاهدا أن عنبر رئيس القسم قد تدمّر بالكامل.
وأضاف في رسالته: "مبنى العيادة دُمّر. ساق امرأة كانت تعمل هناك قُطعت. إيفين تحولت إلى غزة".
وكانت إسرائيل قد شنت في صباح هذا اليوم قبل يوم من إعلان وقف إطلاق النار، هجومًا صاروخيًا على سجن إيفين، وهو السجن الذي يُعدّ منذ أربعة عقود رمزًا لقمع النظام الإيراني، ويحتضن آلاف السجناء.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في 6 يوليو (تموز) 2025، واستند إلى صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو المتداولة، فقد تم استهداف ما لا يقل عن أربعة مواقع داخل السجن، من بينها المبنى الإداري، ومكان لقاء السجناء بعائلاتهم، والمركز الطبي، وعنابر الحبس الانفرادي.
وقد شملت الأضرار الهياكل التي تبعد عن بعضها حتى 600 متر، وكان من بين أكبر تلك الأضرار، الدمار الذي لحق بجزء من مبنى عنبر 209.
براتي: "الجلادون كانوا بيننا"
وصف شهريار براتي في رسالته مشاهد الدمار والانفجارات، مشيرًا إلى أن السجناء السياسيين كانوا ينتشلون جثث المحققين من عنبر 209.
وقال: "المحققون... الجلادون! الأحياء منهم كانوا يحدّقون بنا. وقفوا بين عدوين؛ إسرائيل والسجناء السياسيين... وهذه لعنة خالدة عليهم. سألتُ نفسي سؤالًا وجوديًا: نظراتنا المؤلمة كانت أشد أم صواريخ إسرائيل؟".
يُذكر أن عنبر 209 يخضع لإشراف وزارة الاستخبارات الإيرانية، ويقع خارج نطاق الرقابة القضائية الرسمية، وقد وصفته منظمة "هيومان رايتس ووتش" بأنه "سجن داخل سجن"، حيث يُحتجز المعتقلون في عزلة طويلة، محرومين من المحامين، ويتعرضون لتحقيقات عنيفة، وهو ما يمثل شكلًا من أشكال التعذيب.
نقل تعسفي ومهين
في جزء آخر من رسالته، كتب براتي أنه بعد الهجوم بفترة وجيزة، أُبلغ السجناء: "اجمعوا أغراضكم، سيتم نقلكم".
ووصف طريقة النقل قائلًا: "عند الغروب، كان هناك ضوء خافت في الساحة. لم يكن هناك أحد سوانا. اصطففنا كأسرى حرب، بأيد مكبّلة وأرجل مقيّدة... نسير اثنين اثنين. الشيوخ كانوا يعرجون".
وكان عدد من السجناء السياسيين في سجن إيفين قد أصدروا في 30 يونيو (حزيران) 2025 بيانًا يشرحون فيه طريقة نقلهم بعد الهجوم الإسرائيلي، وجاء فيه: "كُبّل السجناء بالأصفاد في أيديهم وأرجلهم، وتم ربطهم اثنين اثنين، وكل واحد منهم يحمل على كتفه عدة أكياس وأمتعة من بقايا حاجياته الضرورية".
وأشاروا إلى أن عملية النقل تمت في ظروف مهينة وعنيفة، حيث نُقل السجناء من إيفين إلى سجن طهران الكبرى، وسط إجراءات مشددة وظروف قاسية.