بعد قصف سجن "إيفين" ونقل السجناء.. قلق واسع بشأن مصير المعتقلين السياسيين بإيران

بعد مرور ثلاثة أيام على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف سجن إيفين وأدى إلى تدمير أجزاء من أقسامه المختلفة ومكاتبه الإدارية، لا تزال المعلومات مقطوعة بشأن الحالة الصحية ومكان احتجاز المعتقلين السياسيين الذين كانوا محتجزين في السجن.
وغالبا ما يقبع المحتجزون السياسيون في زنازين وزارة الاستخبارات، واستخبارات الحرس الثوري، وجهاز حماية المعلومات التابع للسلطة القضائية للنظام الإيراني.
وتفيد التقارير الواردة إلى "إيران إنترناشيونال" أن مسؤولي الأجهزة الأمنية، ومنظمة السجون، والسلطة القضائية في النظام الإيراني، لم يقدّموا أي رد واضح للعائلات التي راجعت المؤسسات المعنية للاطلاع على مصير ذويها، واكتفوا بالقول إنه "عليهم الانتظار".
وقالت شقيقة أحد المعتقلين السياسيين، المحتجز في قسم تابع لوزارة الاستخبارات في سجن إيفين، في حديث لـ"إيران إنترناشيونال"، إنه لا توجد أي معلومات عن شقيقها المعتقل هناك منذ أسبوع، رغم نشر صور تُظهر الدمار الواسع في العنبر 209 من السجن.
كما عبّر نجل معتقل آخر كان محتجزًا في العنبر ذاته، عن قلقه الشديد، موضحًا أن والده كان يخضع لتحقيقات منذ شهور، وكان يجري اتصالًا أسبوعيًا بعائلته، لكنه منذ الهجوم لم يتصل إطلاقًا، مما يثير مخاوف بشأن وضعه الصحي.
وقالت والدة أحد المعتقلين: "من البداية قلت إن ابني بريء ويجب إطلاق سراحه. طلبت من المحكمة منحه إجازة مؤقتة بسبب ظروف الحرب، لكنهم رفضوا. واليوم لا يخبروننا بشيء. لا نعلم إن كان حيًا أو ميتًا. لقد كان محتجزًا لدى الاستخبارات، وبعد الهجوم الإسرائيلي لا نعلم ما الذي حدث له".
كما أعربت عائلات معتقلَين آخرَين مصابين بأمراض مزمنة كالتصلب اللويحي والربو، عن مخاوفهما، وطالبتا بالإفراج الفوري عنهما أو منحهما إجازة صحية عاجلة، ومحاسبة المسؤولين في النظام الإيراني على ما يجري.
وبالتزامن، أطلق عدد من النشطاء المدنيين والسياسيين تحذيرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معربين عن قلقهم حيال مصير المعتقلين في الأقسام الأمنية لسجن إيفين بعد القصف الإسرائيلي.
نرجس محمدي: أين نُقل معتقلو الأقسام الأمنية
نرجس محمدي، الناشطة الحقوقية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أكدت في تصريح لها أنه لا تتوفر أي معلومات عن أماكن احتجاز معتقلي العنبر 209 و240 التابعين لوزارة الاستخبارات، والعنبر 2-ألف التابع للحرس الثوري، والعنبر 241 التابع لجهاز حماية المعلومات القضائي.
ونشرت محمدي صورًا من آثار القصف على أقسام وزارة الاستخبارات، متسائلة عن أماكن نقل هؤلاء المعتقلين وظروف احتجازهم الحالية، محذّرة من أن يتم ترحيلهم إلى أماكن سرية وغير قانونية.
بدوره، كتب حسين رزاق، الناشط المدني والسجين السياسي السابق، مستندًا إلى صور بثتها وسائل الإعلام الحكومية تُظهر دمار العيادة الطبية في سجن إيفين: "من الواضح أن العنبر الأمني 209 قد دمّر أيضًا... ولا توجد أي أخبار عن المعتقلين فيه حتى الآن. على النظام الإيراني أن يوضح فورًا أين نُقلوا".
الهجوم الإسرائيلي على إيفين أسفر عن قتلى ومصابين
في 23 يونيو، شنّ الجيش الإسرائيلي غارة جوية على سجن إيفين، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر الأمن، والقضاة، وعناصر الحرس، وأفراد من عائلات المعتقلين.
وقد سبق هذا الهجوم تصاعد الدعوات من عائلات المعتقلين السياسيين للإفراج عن ذويهم، وسط التوترات المتصاعدة بين النظام الإيراني وإسرائيل.
نقل المعتقلين إلى سجون أخرى وسط ظروف مأساوية
وتفيد التقارير بأن المعتقلين من العنابر 4 و8 وعنبر النساء في إيفين قد نُقلوا إلى سجني قرتشك ورامين وطهران الكبرى، حيث يُحتجزون في ظروف شديدة السوء، ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة الإنسانية.
أبرز هذه الظروف تشمل: الاكتظاظ الحاد داخل الزنازين، والنوم على الأرض بسبب نقص الأسرّة، ونقص مياه الشرب النظيفة، وانعدام الرعاية الصحية، وعدم توفر الأدوية الشخصية، و الحرمان من الاتصال الهاتفي والزيارات.
وتفيد المعلومات بأن أكثر من 70 معتقلة سياسية نُقلن إلى صالة رياضية في سجن قرتشك، من دون تسجيل أسمائهن في النظام الإداري للسجن، وحرمن من التواصل مع عائلاتهن، أو تلقي الرعاية الطبية.
كما أن المعتقلين في سجن طهران الكبرى حُرموا من الماء والغذاء والخدمات الطبية الأساسية، وسط تحذيرات من تفشي الأمراض بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
صوت من داخل الزنازين: "إلى الموت نُساق
فاطمة الوندی، والدة الناشط المدني مهدي محموديان، قالت في حديث لموقع "امتداد" إن ظروف اعتقال ابنها في سجن طهران الكبرى كارثية، مشيرة إلى الاكتظاظ وسوء الخدمات الصحية.
كما نشرت مهوش (سایه) صیدال، السجينة السياسية، تسجيلًا صوتيًا على "إنستغرام" وصفت فيه الوضع في سجن قرتشك بأنه "مميت"، وقالت: "أميركا وإسرائيل لم تقتلانا، لكن النظام الإيراني أرسلنا إلى مكان يقتلنا يومًا بعد يوم... إنه موت بطيء".
تنديد دولي وتحذيرات من الأمم المتحدة
وقالت ماي ساتو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، في 25 يونيو (حزيران)، عبر منصة إكس: "وصلتنا تقارير مقلقة عن نقل السجناء خلال هجمات إسرائيل على سجن إيفين... الوضع المتعلق بالمعتقل علي يونسي مثير للقلق بشكل خاص".
وأكدت أن يونسي نُقل قسرًا من العنبر 4 في 19 يونيو، ومنذ ذلك الحين فُقد أثره، ولا تملك عائلته أي معلومات عن مكان احتجازه.
قلق من مصير المعتقلين الأجانب ومزدوجي الجنسية
عائلات عدد من المعتقلين الأجانب و مزدوجي الجنسية، من بينهم الفرنسيان سيسيل كوهلر وجاك باريس، أعربت عن قلقها الشديد بشأن مصيرهم، خصوصًا مع انقطاع التواصل بعد الهجوم الإسرائيلي.
وكان الصحفي والناشط الحقوقي رضا أكوانیان قد صرّح سابقًا لـ"إيران إنترناشيونال" بأن عائلات كثيرة زارت سجن إيفين بعد الهجوم لمعرفة مصير أبنائها، لكن لم يُجَب أحد، ولم تتحمّل أي جهة المسؤولية.