نائب أميركي لـ"إيران إنترناشيونال": واشنطن لديها فرصة تاريخية لإنهاء نفوذ طهران في دمشق

قال كوري ميلز، أول مشرّع أميركي، يلتقي الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، إنه إذا كانت الولايات المتحدة تسعى فعلًا إلى إنهاء نفوذ النظام الإيراني في سوريا، فعليها أن تمنح الحكّام الجدد في دمشق فرصة.
وأكّد النائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، خلال حديثه إلى بودكاست "عين على إيران"، التابع لقناة "إيران إنترناشيونال"، أن مفتاح النجاح في هذا المسار هو دعم الرئيس المؤقّت، أحمد الشرع، حتى يتمكّن من إزالة ما تبقّى من نفوذ النظام الإيراني داخل الأراضي السورية.
وفي حديثه، كشف ميلز أن رحلته إلى دمشق لم تكن آمنة بالكامل. وقال: "كان لدى داعش مخطّط لاغتيالي أثناء وجودي في سوريا"، مضيفًا: "لقد حدّدوا حتى موقع التفجير بواسطة سيارة مفخّخة".
ورغم هذه التهديدات، يرى ميلز أن تغيّر المشهد السياسي في سوريا يمنح الولايات المتحدة فرصة غير مسبوقة للمشاركة في رسم مستقبل ما بعد الحرب "مستقبل تُهمَّش فيه إيران"، وتُفتح فيه قنوات دبلوماسية جديدة، ويُعزّز فيه الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.
وقال ميلز: "بدعمنا لأحمد الشرع، ماذا نخسر فعلاً؟ لكننا نعلم تمامًا ما سنخسره لو أعاد النظام الإيراني تشكيل حكومة وكيلة في سوريا، وندرك تمامًا ماذا يعني ذلك للمنطقة ولحلفائنا".
وبحسب قول ميلز، فإن القيادة الجديدة في سوريا، بعد بضعة أشهر فقط من إسقاط نظام الأسد، تعمل حاليًا على اقتلاع أنشطة النظام الإيراني من البلاد.
وأضاف أن دمشق تطرد القوات الموالية لإيران، وتقطع مسارات تهريب الأسلحة إلى حزب الله، وتسعى إلى إقامة علاقات دبلوماسية جديدة في المنطقة، بما في ذلك علاقات محتملة مع إسرائيل.
وقال: "لن يسمح أحمد الشرع بعد اليوم بوجود الميليشيات الوكيلة على غرار ما كان يحدث في عهد الأسد".
سوريا للسوريين
واعتبر كوري ميلز هذا التحوّل فرصة دبلوماسية واقتصادية للولايات المتحدة، مشدّدًا على أهمية ألّا تترك واشنطن الفراغ الحالي لملئه من قِبل روسيا أو الصين أو إيران.
وقال: "سيكون رائعًا لو نفتح الأبواب فعلاً أمام العقود ومشاريع إعادة بناء البنية التحتية".
وأشار إلى مجالات مثل المياه والكهرباء والاتصالات، مضيفًا أن "هذه واحدة من أكثر المواقع الجغرافية الاستراتيجية في المنطقة بأسرها".
وأكّد أن مثل هذا التعاون لا يساهم فقط في مواجهة الاستبداد، بل يوفّر أيضًا فرصًا للشركات الأميركية، ويُعزّز الاستقرار الإقليمي، ويحول دون انزلاق سوريا مجددًا إلى صراعات طائفية.
وأضاف ميلز: "الشعب الإيراني يمكن أن يتعلّم الكثير ممّا يحدث في سوريا الآن. هذا التغيير يمكن أن يحصل لديهم أيضًا، لكنّه يجب أن يكون تغييرًا نابعًا من استراتيجية إيرانية داخلية، وليس استراتيجية أميركية مفروضة".
وفي حديثه إلى "إيران إنترناشيونال"، شدّد كوري ميلز على ضرورة تبنّي مقاربة واقعية في التعامل مع الشرع، قائلًا: "ثق، لكن تحقّق".
وأضاف: "أعتقد أنه يعرف تمامًا ما المطلوب منه. إلى الآن، لم تكن أفعاله مجرّد وعود؛ بل خطوات ملموسة".
الدبلوماسية والاستقرار الإقليمي
أكّد ميلز أن أحمد الشرع عبّر، وبحذر، عن استعداده واهتمامه بتطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل.
ورغم وجود تقارير عن بعض المحادثات، لم تُجرِ دمشق وتل أبيب حتى الآن أي حوار رسمي، لكن مجرّد هذا الاستعداد يمثّل تحوّلاً كبيرًا مقارنة بعهد الأسد، الذي تميّز بالعداء تجاه إسرائيل وبالتحالف مع إيران وحزب الله.
وقال ميلز: "لقد قال بوضوح إنه يفكّر في إقامة علاقات طيبة مع إسرائيل، وهو يعرف تمامًا المخاطر التي ينطوي عليها هذا الخيار".
وختم النائب الجمهوري الأميركي بالتأكيد على ضرورة احترام أي تسوية مستقبلية لسيادة سوريا، مضيفًا: "أنا ضدّ تقسيم الأراضي المستقلّة. أعتقد أن الحدود الواضحة تصنع جيرانًا جيّدين".
وكان ميلز قد زار دمشق في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، حيث التقى أحمد الشرع لمدّة 90 دقيقة.
وعقب عودته من الزيارة، قال لموقع "بلومبرغ" إنه يحمل رسالة شخصية من أحمد الشرع موجّهة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
وقد جاءت هذه الزيارة في إطار مهمّة تقصّي حقائق غير رسمية، نظمها عدد من الأميركيين- السوريين النافذين.
العقوبات والقيادة الجديدة في سوريا
كان الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، خاضعًا للعقوبات الأميركية، حتى وقت قريب، وكانت واشنطن قد عرضت مكافأة مقابل أي معلومات عنه؛ بسبب تعاونه السابق مع القاعدة.
ومع ذلك، وخلال زيارة دونالد ترامب إلى السعودية- وبناءً على طلب وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان- لم تكتفِ الإدارة الأميركية برفع العقوبات عن سوريا، بل أجرى ترامب نفسه لقاءً مع أحمد الشرع.