الخوف من "فخ أميركي" يفجّر انقسامًا بشأن المفاوضات بين المتشددين في إيران

بدأت بوادر التصدع تظهر في الإجماع الأولي بإيران، الداعم للمفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، إذ أعرب بعض المتشددين عن قلقهم إزاء ما يرونه تصاعدًا في لهجة واشنطن.

وقد حذر البعض من أنه لا أحد يتوقع ما سيفعله الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقد يغيّر مساره في أي لحظة، بينما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، واصفين المحادثات بأنها "فخ". كما طُرحت اتهامات بالتخريب من الداخل، موجهة إلى أولئك الذين يُعتقد أنهم يستفيدون من استمرار العقوبات.

ما الذي يقوله المشككون؟

قال المحلل المحافظ البارز، فؤاد إيزدي، في مقابلة مع موقع "ديده بان إيران" يوم الخميس 8 مايو (أيار) الجاري: "إن الحكومة الأميركية ستعرقل رفع العقوبات عن مبيعات النفط الإيرانية والتعاملات المصرفية الدولية".

وحذّر إيزدي من أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فإن تخفيف العقوبات بشكل ملموس غير مرجح، بسبب وجود تيار متشدد راسخ في واشنطن يعمل على تقويض أي اتفاق.

وقد زادت تعليقات الرئيس ترامب وفريقه، إلى جانب تدخلات من أمثال السيناتور تيد كروز والنائب مايك لولر، من المخاوف في طهران، ما دفع شخصيات متشددة مثل إيزدي إلى كسر صمتها المتحفظ.

وأضاف المحلل، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة: "قد يهاجم الأميركيون إيران حتى أثناء المحادثات أو بعدها، إذا اعتقدوا أن الكلفة ستكون ضئيلة. لقد فعلوا الشيء نفسه مع ليبيا".

ما علاقة ليبيا بالأمر؟

تخلى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عن البرنامج النووي والصاروخي لبلاده عام 2003، في محاولة لتحسين العلاقات مع الغرب.

ولكن من وجهة نظر طهران، فقد تم "خيانته" بعد اندلاع احتجاجات شعبية في 2010 تحولت إلى ثورة مسلحة، مدعومة بغارات جوية من حلف "الناتو"، انتهت بمقتله بطريقة بشعة على يد المتمردين.

وقال النائب الإيراني السابق، إلياس نادران، لموقع "خبر أونلاين": "بعض الساسة الإيرانيين يعتقدون أننا إذا تخلينا عن برامجنا النووية والصاروخية، فإن الولايات المتحدة ستعاملنا كما تعامل السعودية. لكن في الواقع، سيعاملوننا كما عاملوا سوريا وليبيا".

وأضاف نادران أنه طالما أن إيران في حالة صراع مع إسرائيل، فلن يكون هناك تقارب مع الولايات المتحدة.

وتُشير تصريحاته إلى عودة الخطاب المتشدد التقليدي، الذي يساوي بين نزع السلاح والضعف أمام عداء أميركي لا يتزحزح، مما يسرّع من سقوط النظام الإيراني.

مَنْ المتهم بالتخريب؟

يتهم بعض المعتدلين والوسطيين رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني السابق، علي شمخاني، بتسريب تفاصيل سرية عن المحادثات الجارية.

وتكتسب هذه الاتهامات مزيدًا من المصداقية؛ لأن نجل شمخاني متورط- حسب معارضيه- في تصدير النفط الإيراني، وقد تتضرر أعماله إذا رُفعت العقوبات.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نشر موقع إلكتروني مقرب من شمخاني تقريرًا يحتوي على بعض تفاصيل المحادثات الجارية بين طهران وواشنطن، بما في ذلك ادعاء بأن الحكومة الأميركية قبلت بأن إيران لا تملك أسلحة نووية.

وكتب موقع "انتخاب" الوسطي في افتتاحيته: "إن تسريب شمخاني زاد من الضغط، الذي يمارسه المحافظون الجدد في أميركا على ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مما يعرّض المفاوضات للخطر".

ما مغزى هذه الانتقادات؟

رغم أن طهران تواصل محادثاتها الدبلوماسية الحذرة مع واشنطن، فإن هذه التصريحات العلنية تعكس نخبًا منقسمة تكافح للتوصل إلى توافق بشأن ما إذا كانت الدبلوماسية درعًا واقية أم فخًا محكمًا.

إن عودة المقارنات بليبيا، والتحذيرات من الحرب، والاتهامات بالتخريب، كلها تشير إلى قلق عميق بشأن مآلات هذه المفاوضات، ومصير النظام الإيراني نفسه.