أُعدموا سرًا ودُفنوا في مكان مجهول.. الغموض يحيط بمصير جثث 5 سجناء سياسيين في إيران
رغم مرور 15 عامًا على إعدام المعلم والناشط الحقوقي الإيراني، فرزاد كمانكر، و4 سجناء سياسيين آخرين، لا يزال مصير جثثهم ومكان دفنهم مجهولاً حتى اليوم، بعد إعدامهم شنقًا في سجن إيفين، يوم 9 مايو (أيار) 2010، بطريقة سرية.
وتُظهر تحقيقات قناة "إيران إنترناشيونال" أن السلطة القضائية والأجهزة الأمنية الإيرانية منعت تسليم جثامين فرزاد كمانكر، وكل من: علي حيدريان، وشيرين علم هولي، وفرهاد وكیلي، ومهدي إسلاميان، إلى عائلاتهم أو الإعلان عن مكان دفنهم.
وخلال أكثر من أربعة عقود، كرر النظام الإيراني انتهاكه الصريح لحقوق عائلات ضحايا الإعدام أو القتلى لأسباب سياسية، وذلك عبر رفض تسليم جثث الضحايا أو إخفاء أماكن دفنها.
ويُعد إخفاء الجثث، وعدم تسليمها للعائلات أو الكشف عن أماكن دفنها، أحد أشكال الإخفاء القسري، والذي يمثل انتهاكًا للمادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن "لكل إنسان الحق في أن يُعترف له بالشخصية القانونية في كل مكان".
وفي يوليو (تموز) 2024، أعلنت داية سلطنة، والدة فرزاد كمانكر، برفقة عدد من أمهات الضحايا في كردستان، في بيان مشترك، أنهن لن يتوقفن عن المطالبة بالعدالة حتى محاكمة ومعاقبة الجناة والقتلة، الذين تسببوا في موت أبنائهن.
الاعتقال والإعدام
اعتقلت قوات الأمن الإيرانية كمانكر وحيدريان، وعلم هولي ووكیلي وإسلاميان خلال الفترة من أغسطس (آب) 2006 إلى مايو 2010، وتعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي لشهور، قبل أن تُصدر المحكمة الثورية ضدهم أحكام إعدام في ثلاث قضايا منفصلة.
وقد نُفذت أحكام الإعدام ضدهم يوم 9 مايو 2010 بشكل سري، دون محاكمة عادلة أو إعلام محاميهم وعائلاتهم، وتم تنفيذها في ساحة موقف السيارات داخل سجن إيفين.
وأثارت هذه الإعدامات ردود فعل غاضبة محليًا ودوليًا، واتهم محامي كمانكر النظام القضائي الإيراني بأنه مسيّس ويفتقر إلى الاستقلال، قائلاً: "المحكمة لم تستمع إلى أقوال موكلي، وموكلي بريء".
وأكدت المنظمات الحقوقية أن الإجراءات القانونية في هذه القضايا شابتها انتهاكات صارخة، ومنها: الاعتقال غير القانوني، والحبس الانفرادي الطويل، منع التواصل إلى المحامي، والتعذيب الجسدي والنفسي، وغياب شروط المحاكمة العادلة.
كما أُعلن في حينه أن كمانكر وكیلي وحيدريان أُدينوا في جلسة محاكمة استغرقت سبع دقائق فقط بتهمة "المحاربة"، وصدر بحقهم حكم بالإعدام.
يوم المعلم الحر
في الذكرى السنوية الأولى لإعدام هؤلاء السجناء السياسيين، أطلقت عدة نقابات للمعلمين على يوم 9 مايو تسمية "يوم المعلم الحر"، في إشارة إلى شخصية فرزاد كمانكر كمعلم ونقابي ومدافع عن حقوق الإنسان، خاصة أن إعدامه تزامن مع أسبوع المعلم في إيران.
وفي إحدى رسائله من السجن، عرّف كمانكر نفسه بأنه: "معلم في وزارة التربية في مدينة كامياران لمدة 12 عامًا، وعضو مجلس إدارة نقابة معلمي كامياران، وعضو هيئة تحرير مجلة (رويان) الثقافية التعليمية، وعضو مجلس إدارة جمعية البيئة في كامياران، وعضو في مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا).
وقد خلّد الإيرانيون هذا المقطع من رسالته المؤرخة في مارس (آذار) 2008 في ذاكرتهم الجماعية: "تذكروا ألا تخونوا الشعر والغناء، ولياليكم وأحلامكم. علّموا أبناءكم أن يكونوا، أبناءً من جنس الشعر والمطر، من أجل وطنهم".