الحكومة الإيرانية تتجنب المواجهة وسط تصاعد الضغوط لعزل وزراء بعد انفجار ميناء رجائي

رغم تصاعد الضغوط البرلمانية عقب الانفجار الكارثي في ميناء رجائي، الذي أسفر عن مقتل العشرات وإصابة أكثر من ألف شخص، لا تزال حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، تلتزم الصمت حيال المطالبات بعزل وزيرين بارزين من أعضائها.

وقدم النواب المتشددون طلبات استجواب قد تؤدي إلى خسارة بزشكيان لوزير الطاقة، عباس علي آبادي، ووزيرة النقل، فرزانه صادق، لكن الرئيس الإيراني لم يتدخل بعد في الملف.

وقد تكون هذه التحفظات مدروسة؛ إذ يأمل البعض أن يؤدي عزل الوزراء إلى تهدئة غضب الشارع الناتج عن الكارثة وغياب المحاسبة، كما قد يصرف الأنظار عن الجهات الحكومية المشاركة في إدارة المرفأ، والتي قد تتعرض لانتقادات لاذعة، حال ظهور الحقيقة الكاملة حول الحادث.

الوزيرة الأولى التي يُطالب بعض البرلمانيين بعزلها هي وزيرة النقل، فرزانه صادق، وهي واحدة من النساء القلائل اللواتي تولين المناصب الوزارية في تاريخ إيران، حيث اُتهمت بـ "الإهمال والضعف في الأداء" وفقًا لخمسة نواب تقدموا بالطلب.

وبعد ذلك، تصاعدت الدعوات لعزل وزير الطاقة، علي آبادي؛ حيث ألقى النواب عليه اللوم في انقطاعات الكهرباء، التي ضربت المنازل والقطاع الصناعي. وفي خطوة مفاجئة، دعّم بعض النواب المؤيدين لبزشكيان الطلب.

ونقلت صحيفة "أرمان ملي" المعتدلة عن المرشح السابق للرئاسة الإيرانية، مصطفى هاشمي طبا، قوله: "حين يكون الوزير ضعيفًا، يجب إقالته".

ومن جهتها، ذكرت صحيفة "خبر أونلاين" المعتدلة أن المتشددين في البرلمان الإيراني، وخصوصًا من حزب "الصمود" المتطرف، كانوا يخططون لعزل الوزيرين، منذ مارس (آذار) الماضي، بعد إقالة وزير الاقتصاد، عبد الناصر همتي.

وفي ذلك الوقت، لم تستسلم الحكومة دون مقاومة؛ فقد أطلق مسؤولون ووسائل إعلام معتدلة حملة تحذيرية من أن عزل الوزراء سيُضعف شرعية الحكومة، وذهب البعض إلى القول إن المرشد علي خامنئي يرى في حكومة بزشكيان آخر خيار عملي للنظام الإيراني.

وغالباً ما يقدّم المتشددون عددًا من طلبات العزل لزيادة فرص الموافقة على واحدة منها لبدء مناقشات برلمانية.

وتشير تقارير غير رسمية في الإعلام الإيراني إلى أن صادق قد تُعزل؛ لإظهار استجابة الحكومة لمطالب الشعب.

لكن المسؤولين الحقيقيين، أو الأكثر احتمالاً للمسؤولية عن انفجار مرفأ ميناء رجائي، قد يتجنبون العقاب: مثل الحرس الثوري الإيراني أو "مؤسسة المستضعفين"، التي تعمل تحت مظلة مكتب خامنئي.

ومن المعروف أن الحرس الثوري يستورد مواد الأسلحة عبر المرفأ، الذي تديره شركة تابعة لمؤسسة المستضعفين.

وبحسب إحصاء رسمي، فقد حصل طلب عزل صادق حتى الآن على أكثر من 40 توقيعًا، وهو رقم يمكن تفسيره كمؤشر على القادم، إذ تكفي عشرة توقيعات فقط لبدء الإجراءات ضد الوزير.

وذكرت تقارير غير رسمية في الإعلام الإيراني أن الطلبات السابقة لعزل صادق فشلت؛ لأن بزشكيان أشار في اجتماعات مغلقة إلى أنها كانت مرشحة مفضلة لدى خامنئي.

وهذه المرة، كان موقع "اعتماد" الإخباري الإيراني وحده هو الذي دعّم وزيرة النقل، حيث يترأس إدارته إلياس حضرتي، مدير العلاقات العامة للحكومة. وقد قدم الموقع الطلب باعتباره هجومًا مباشرًا على الحكومة نفسها.

ولم يصدر حتى الآن رد فعل علني من بزشكيان أو فريقه؛ دفاعًا عن الوزيرين المهددين. وهذا الصمت النادر قد يعكس سياسة الانتظار الاستراتيجي، حتى عندما تبدأ معركة العزل النيابية فعليًا في البرلمان.