وأعلنت شركة المياه والصرف الصحي في طهران، يوم الأحد 20 يوليو (تموز)، أن موجات الجفاف خلال السنوات الخمس الماضية، إلى جانب انخفاض معدل الأمطار في هذا العام المائي، تُعدّ غير مسبوقة منذ 60 عامًا، وقد أثّرت بشكل حاد على موارد المياه في العاصمة الإيرانية.
ووفقًا لبيان الشركة الحكومية، فإن المخزون الحالي في السدود، التي تغذي طهران بالمياه، في أدنى مستوى له منذ قرن.
وقد أوصت السكان المقيمين في المجمعات السكنية متعددة الطوابق بتركيب خزان مياه ثم مضخة في الطابق الأرضي أو الطوابق السفلية، "للتغلب على مشكلات انخفاض الضغط".
وانتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر تزويد سكان مدينة شهريار بمحافظة طهران بالمياه عبر صهاريج.
وبالإضافة إلى أزمات المياه، فقد أفاد عشرات المواطنين من مدن إيرانية مختلفة، في رسائل إلى "إيران إنترناشيونال"، بأن الكهرباء تنقطع مرتين يوميًا، كل مرة لساعتين على الأقل، في حين تُقطع المياه لمدة لا تقل عن أربع ساعات في اليوم.
وقال أحد المواطنين إن الكهرباء انقطعت في منزله من الساعة 12 ظهرًا حتى الخامسة مساء، وأضاف: "نكاد نموت من العطش والحرارة".
وأشارت مواطنة أخرى إلى انقطاع الكهرباء والماء في آنٍ واحد قائلة: "لم يتبقَ سوى الغاز.. عندما تنقطع الكهرباء، ينقطع معها الهاتف والإنترنت أيضًا".
وحمّل أحد متابعي "إيران إنترناشيونال" النظام الإيراني المسؤولية المباشرة عن هذه الأزمة، منتقدًا تقاعس الجهات المعنية.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن "العجز في سدود طهران يبلغ 500 مليون متر مكعب"، مضيفة أن إجمالي مخزون السدود حاليًا يبلغ نحو 414 مليون متر مكعب، بينما من المفترض أن يكون في هذا الوقت من العام 925 مليون متر مكعب.
أما سد "لار" فلم يُملأ منه سوى 7 في المائة فقط، وهو ما يُمثّل انخفاضًا بنسبة 34 في المائة مقارنة بالعام الماضي، مما يجعله في وضع بالغ السوء.
رئيس مجلس بلدية طهران يوصي بالترشيد رغم انقطاع المياه 24 ساعة يوميًا
أكدت تقارير من بعض المدن الإيرانية أن المياه تُقطع لساعات طويلة، بل وحتى ليوم كامل في بعض الأحيان.
وقال مواطن من مدينة "برديس" بمحافظة طهران لقناة "إيران إنترناشيونال"، إنه مرّ بيوم كامل دون ماء، وأضاف: "لقد عدنا إلى زمن استخدام الإبريق".
وفي مدينة "كرمدره" بمحافظة البرز، قال أحد السكان: "إن المياه قُطعت بشكل مستمر من صباح الجمعة 17 يوليو حتى فجر السبت 19 يوليو الجاري".
وأضاف أن المياه لم تكن متوفرة خلال الأيام الخمسة الماضية سوى لمدة 11 ساعة تقريبًا.
وذكر مواطن آخر من طهران أن المياه قُطعت في منطقته لمدة 6 ساعات، وعلّق بسخرية: "هذه إحدى قمم تقدم النظام الإيراني".
وفي تصريح له، يوم الأحد 20 يوليو، قال رئيس مجلس بلدية طهران، مهدي تشمران، إن وزارة الطاقة "تبذل جهودًا لتأمين المياه".
وأضاف: "ما زلنا نواجه انخفاضًا في ضغط المياه، وانقطاعًا في بعض الأحيان، ويجب على المواطنين أن يساهموا في إدارة هذه الأزمة من خلال الترشيد".
وفي مدينة "مشهد"، قال أحد المواطنين لـ "إيران إنترناشيونال": "إن المياه تُقطع منذ الساعة الخامسة صباحًا وحتى بعد الظهر، وإن هذا النمط يتكرر يوميًا دون أي استجابة من إدارة المياه والصرف الصحي".
وأضاف أنه لجأ إلى تركيب خزان مياه في منزله، ولكن بسبب التكرار المستمر لانقطاع المياه، فإن الخزان بسعة 500 لتر لم يُملأ بالكامل، حتى بعد مرور 24 ساعة.
"مافيا" الطاقة.. المتهم الرئيس في أزمة المياه والكهرباء بإيران
قالت أستاذة إدارة الموارد المائية بجامعة طهران، بنفشه زهرائي، إن السدود الأربعة الرئيسة، التي تغذي العاصمة طهران بالمياه ستجفّ بالكامل، بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقال المتخصص في علم البيئة، منصور سهرابي، في تصريح لـ "إيران إنترناشيونال": "إن هذه الأزمة تتفاقم، لأنه لا يوجد أي مصدر لتعويض المياه المفقودة".
ونقل موقع "إكو إيران"، استنادًا إلى الإحصاءات الرسمية، أن 54 في المائة من خزانات السدود في البلاد فارغة، وأن خزانات 17 سدًا في البلاد تحتوي على أقل من 20 في المائة من طاقتها المائية. بل إن نسبة امتلاء 10 من سدود البلاد تقل عن 10 في المائة، وهي تقترب من الجفاف الكامل.
وتشمل هذه القائمة سدودًا في طهران مثل "لار" و"لتيان"، وكذلك سدي "شمیل" و"نیان" في محافظة هرمزكان.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة المياه، فإن مجموع حجم المياه الداخلة إلى سدود البلاد منذ بداية العام المائي الحالي في 22 سبتمبر 2024 وحتى 12 يوليو الجاري، قد انخفض إلى نحو 22 مليارًا و400 مليون متر مكعب.
وقال الباحث في شؤون البيئة، روزبه إسكندري، لقناة "إيران إنترناشيونال": "إن هناك مافيا متعددة المستويات- من أصحاب النفوذ في السياسة، وفي استغلال الموارد، وفي تنفيذ المشاريع- هي السبب الرئيس وراء أزمة المياه والطاقة في إيران".
انقطاع الكهرباء يعطّل الحياة والعمل
وبالإضافة إلى أزمة المياه، تشهد عدة مدن في إيران انقطاعًا يوميًا في التيار الكهربائي، إلى جانب انقطاع الإنترنت وشبكات الاتصال خلال الأسابيع الماضية ولساعات متعددة يوميًا.
وقال أحد سكان مدينة "مشهد" لـ "إيران إنترناشيونال": "إن التيار الكهربائي يُقطع عن المنازل يوميًا لمدّة ثلاث إلى أربع ساعات، وذلك في ذروة حرارة الصيف".
وذكر مواطن آخر، دون أن يحدد منطقته، أن الكهرباء تُقطع من الساعة الثانية عشرة ظهرًا حتى الثامنة مساءً في بعض الأيام.
وأظهرت مقاطع فيديو، وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، أن بعض أصحاب المحلات في سوق تبريز اضطروا إلى استخدام مولدات كهرباء لمتابعة أعمالهم بعد انقطاع التيار الكهربائي.
وقال أحد المواطنين من "مشهد" أيضًا، وعرّف نفسه بأنه يعمل خياطًا، إن الكهرباء تنقطع مرتين يوميًا، وأضاف: "بهذا الوضع، لا يمكننا العمل فعليًا".
وأرسل مواطن آخر مقطع فيديو يظهر فيه الضرر، الذي لحق بمخبزه جراء انقطاع الكهرباء، موضحًا أن "عجين الخبز" قد فسد بالكامل، وأصبح غير صالح للاستعمال.
ورغم هذه المشكلات، فإن انقطاع التيار الكهربائي لا يزال يتكرر بشكل يومي. وذكر أحد المواطنين أن الكهرباء تُقطع في مدينة "برند" كل ليلة من الساعة التاسعة حتى الحادية عشرة مساءً.
وأضاف آخر من "إيرانشهر" أن التيار يُقطع مرتين يوميًا، من الثامنة حتى العاشرة صباحًا، ومن السادسة حتى الثامنة مساءً.
وذكر أحد المواطنين أن الكهرباء مقطوعة منذ ساعتين، وأنه ورفيقه محاصران داخل متجرهما لأن باب المحل الكهربائي لا يرتفع.
وقال أحد المواطنين: "من الثامنة صباحًا حتى غروب الشمس، لا كهرباء لدينا، لا في المنزل ولا في مكان العمل. لقد حاصرونا تمامًا، ويواصلون الضغط علينا بكل وسيلة ممكنة...".
وأكد آخر: "لقد سلبوا منا حياتنا وشبابنا ومستقبلنا، وأنزلوا بنا كل ما أرادوا من مصائب".