طهران على حافة العطش.. تحذيرات رسمية من أزمة مائية غير مسبوقة في إيران
حذر مدير عام شركة مياه طهران، حُسام خسرويان، من استمرار الجفاف، مناشدًا الإيرانيين توفير المياه خلال الصيف المقبل، ومشيرًا إلى أن مشاريع نقل المياه ما هي إلا حلول مؤقتة.
وأشار خسرويان، يوم السبت 3 مايو (أيار)، إلى دخول العاصمة عامها الخامس على التوالي في الجفاف، قائلاً: "نحن في السنة الخامسة من الأزمة المائية، وتأمين المياه، خاصة للقطاع الصناعي، يواجه صعوبات كبيرة".
وفي الوقت نفسه، صرّح محافظ طهران، محمد صادق معتمديان، لوكالة أنباء "إيلنا" الإيرانية، بأن معدل هطول الأمطار في هذه السنة انخفض بنسبة 35 في المائة مقارنة بالمتوسط طويل المدى، وبانخفاض بلغ 14 في المائة مقارنة بالسنة الماضية.
وأضاف أن معظم مصادر المياه في محافظة طهران يعتمد على المياه الجوفية، إضافة إلى جزء من السدود الخمسة، وأن الانخفاض الحاد في منسوب المياه في السدود والطبقات المائية الجوفية أجبرنا على تنفيذ مشاريع نقل المياه من خارج المحافظة.
إدارة استهلاك المياه في المدن
أشار مدير عام شركة مياه طهران إلى أن خطوات بسيطة مثل تقليص وقت الاستحمام، ووضع زجاجة في خزان المرحاض، ومنع تسرب مكيفات الهواء المائية يمكن أن تساهم في خفض الاستهلاك، مشددًا على ضرورة تقليل استخدام المياه الصالحة للشرب في ري المساحات الخضراء إلى الحد الأدنى.
ومن جانبه حذر محافظ طهران من الاستهلاك المفرط للمياه، قائلاً: "تظهر دراسات وزارة الطاقة وشركة مياه الصرف الصحي أن 63 بالمائة من سكان المحافظة يستهلكون كمية مياه تصل إلى ضعف الحد القياسي، وإذا لم يتم تصحيح هذا الوضع، فسوف تصبح إدارة الموارد المائية أمرًا في غاية الصعوبة".
وشدد على ضرورة أن تقوم وسائل الإعلام بتوعية الإيرانيين حول الاستهلاك الأمثل للمياه، وأن يتصرف المواطنون بمسؤولية أكبر لتجنب حدوث أزمة مائية خلال أشهر الصيف المقبلة، التي ستؤدي فيها الحرارة إلى زيادة الاستهلاك.
لا أمل في مشاريع نقل المياه
كما تحدث مدير عام شركة مياه طهران عن مشاريع نقل المياه من السدود خارج العاصمة، قائلاً: "هذه المشاريع لا توفر حلاً مستدامًا، ولن يكون بالإمكان تحقيق استقرار في تأمين المياه، ما لم يتم التحكم في الاستهلاك بطهران".
وفي الوقت نفسه، قال محافظ طهران إن مشاريع نقل المياه من سد "لار" وخط "طالقان" البديل قد وُضِعت على جدول الأعمال، وإن الحكومة وبلدية طهران قدمتا التمويل اللازم، متوقعًا أن تدخل المرحلة الأولى من مشروع "طالقان" بسعة 160 مليون متر مكعب الخدمة خلال الشهرين المقبلين.
وقال عضو مجلس مدينة طهران، أحمد صادقي، خلال الجلسة الأخيرة للمجلس، إن هذه المشاريع لا تعدو كونها حلولاً مؤقتة، وإن الحل الجوهري يكمن في تعديل نمط الاستهلاك ومنع النمو السكاني المفرط في طهران.
وأكد خسرويان، تعليقًا على هذا التحذير، أن إدارة الاستهلاك يجب أن تكون على رأس الأولويات، وليس توسيع الحلول المؤقتة.
الجفاف.. مشكلة مناخية أم إدارية؟
كان رئيس لجنة الصحة في مجلس مدينة طهران، مهدي بيرهادي، قد قال في 14 أبريل (نيسان) الماضي، خلال مقابلة مع موقع "خبر أونلاين" الإيراني: "إن أزمة المياه في طهران ليست مشكلة مناخية فقط، بل هي نتيجة سنوات من التخطيط غير المنتظم، والتخلف المؤسسي، وإهمال الصحة العامة".
وحذر من أن وضع مصادر المياه في العاصمة متفاقم، مؤكدًا أن طهران تعيش على حافة العطش، وأن استخدام المياه المعالجة غير القياسية يهدد صحة السكان.
وقال بيرهادي إن ارتفاع معدل استهلاك المياه في طهران هو من القضايا المهمة والملحة، مشيرًا إلى أن معدل هطول الأمطار السنوي في طهران هو 229 ملم، في حين يتراوح معدل استهلاك المياه اليومي بين 320 و370 لترًا لكل شخص.
وأكد هذا المسؤول في مجلس مدينة طهران أنه مع النمو السكاني المتزايد في العاصمة الإيرانية، فإن الحاجة المائية للمدينة ستتصاعد بشكل كبير، مشيرًا إلى أن خفض معدل الاستهلاك يجب أن يكون على رأس الأولويات.
الحرب المائية تهدد إيران
وحذر البرلماني الإيراني، أبو الفضل أبوترابي، في مقابلة مع وكالة "إيلنا" بتاريخ 6 أبريل الماضي، من وقوع "حرب مائية" بين المحافظات، قائلاً: "إن طهران تواجه وضعًا حادًا وخطيرًا للغاية، والمحافظات مثل فارس، وبلوشستان، وأجزاء أخرى من شرق البلاد تواجه مشاكل مشابهة".
وأضاف أن مشكلة نقص المياه في "مشهد" قد وصلت إلى "مستوى كارثي مرعب"، مشيرًا إلى أن وضع مدن، مثل طهران، وأصفهان، ويزد، متدهور بالفعل، وقد يصبح الوضع في المستقبل القريب أكثر "سخونة وخطورة".
وانتقد أبوترابي غياب الأولويات في إدارة الموارد المائية في إيران، قائلاً: "بينما نواجه نقصًا حادًا في الموارد المائية، ننقل المياه باستخدام التكنولوجيا إلى قمم الجبال لإنشاء حدائق الخوخ. ولكن السؤال هو: هل الخوخ أهم من انهيار الأرض في أصفهان؟ أو مياه الشرب في يزد؟ نحن فقدنا أولوياتنا".