خاص

الحكومة تقدم بيانات مضللة.. ووثائق سرية تكشف تفاقم أزمات الطاقة في إيران

دالغا خاتين أوغلو
دالغا خاتين أوغلو

محلل اقتصادي في شؤون الطاقة

ركز الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في حملته الانتخابية على الشفافية، لكن إدارته تقدم بيانات مضللة عن قطاع الطاقة في إيران، في محاولة واضحة لتهدئة الاستياء الشعبي من تفاقم انقطاعات الكهرباء.

وفي الأشهر الأخيرة، استشهدت السلطات مرارًا بزيادات كبيرة في إنتاج البنزين والغاز الطبيعي، بل إن بعض المسؤولين طمأنوا الجمهور بأنه سيتم تلافي العجز المتوقع في الكهرباء هذا الصيف.

لكن وثيقة سرية من وزارة النفط، حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، تظهر أن هذه الادعاءات ليست فقط غير دقيقة، بل إن نقص الطاقة في البلاد يتفاقم بالفعل.

وتعاني إيران حاليًا عجزًا في الطاقة على مدار العام؛ فخلال موسم الذروة، يصل نقص الكهرباء والغاز الطبيعي إلى 25 في المائة، بينما يصل عجز البنزين إلى 30 في المائة.

ومع توقف مشاريع تطوير الطاقة، لجأ المسؤولون إلى رسائل عامة متفائلة، مستخدمين إحصاءات زائفة ومضللة للإيحاء بتحسن لا تظهره بياناتهم السرية.

وفي أواخر عام 2024، قال الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات النفطية، محمد صادق عظيمي ‌فر، إن إنتاج البلاد اليومي من البنزين زاد بمقدار 10 ملايين لتر، والديزل بمقدار 13 مليون لتر خلال العام الماضي.

ومع ذلك، يظهر تقرير داخلي سري من الشركة نفسها أن إنتاج البنزين الأساسي في المصافي الإيرانية زاد بمقدار 1.5 مليون لتر فقط، في أواخر 2024، مقارنة بالفترة نفسها من 2023. وحتى على مدار العام بأكمله، كان النمو 3.5 في المائة فقط، أي 3.76 مليون لتر يوميًا.

أما إنتاج الديزل، فقد شهد نموًا متواضعًا مماثلاً بنسبة 3 في المائة فقط، أي 3.38 مليون لتر يوميًا للعام. وفي الوقت نفسه، قفز استهلاك كلا الوقودين بنسبة 7.5 في المائة في 2024، أي 7 ملايين لتر يوميًا، مما زاد من عجز الوقود في إيران.

وعلى الرغم من عدم وجود مصافٍ جديدة، خلال السنوات الأخيرة، فإن الحكومة الإيرانية تواصل دفع أكثر من 1.5 مليون سيارة محلية الصنع منخفضة الكفاءة إلى السوق سنويًا، مما يزيد من الضغط على طلب الوقود.

وفي عام 2024، بلغ إنتاج البنزين الأساسي اليومي في إيران نحو 101 مليون لتر، بينما تجاوز الاستهلاك 123 مليون لتر.

اتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك

تتسع الفجوة بين إنتاج البنزين واستهلاكه مع زيادة استخدام المواد المضافة في الوقود. ووفقًا لتقرير وزارة النفط الإيرانية، فإن الاستراتيجية الرئيسة للحكومة في إدارة هذه الفجوة المتزايدة تتمثل في تخفيف البنزين المُنتج في المصافي بكميات كبيرة من الإضافات الكيميائية دون المستوى القياسي.

وتشمل هذه الإضافات مركبات كيميائية متنوعة، ووقودًا من مصانع البتروكيماويات، والمركب المثير للجدل "MTBE" (وهو مركب محظور في العديد من الدول الغربية بسبب مخاطره البيئية والصحية)، بالإضافة إلى معززات الأوكتان الصناعية.

وفي حين كان استخدام الإضافات يبلغ 5 ملايين لتر يوميًا أو 6 في المائة من إجمالي البنزين في 2018، فإنه يتجاوز الآن 20 مليون لتر، أو أكثر من 20 في المائة من إمدادات الوقود، مما يثير مخاوف جدية بشأن جودة الهواء والصحة العامة.

وكشف التقرير السري أيضًا أن ربع البنزين المنتج في المصافي الإيرانية فقط يتوافق مع المعايير الأوروبية، وحتى ضمن هذه النسبة المحدودة، لا يتضح ما إذا كان الوقود يتصف بالمواصفات المطلوبة.

إنتاج الغاز: الادعاءات مقابل الواقع

أعلن المدير التنفيذي لمجمع بارس الجنوبي للغاز مؤخرًا زيادة بمقدار 6 مليارات متر مكعب في الغاز المُدخل إلى الشبكة الوطنية في السنة المالية الإيرانية الفائتة، التي انتهت في 20 مارس (آذار) الماضي؛ حيث يُشكل حقل بارس الجنوبي وحده 73 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي في إيران.

وفي الوقت نفسه، قال الرئيس التنفيذي لشركة حقول النفط المركزية الإيرانية بيمان إيماني، إن الشركة- التي توفر نحو 25 في المائة من غاز البلاد- زادت الإنتاج بمقدار 10 ملايين متر مكعب يوميًا خلال فضلي الخريف والشتاء، أي ما يعادل نموًا سنويًا بمقدار 2 مليار متر مكعب على الأقل.

وبناءً على هذه التصريحات، كان ينبغي أن تزيد إيران إنتاجها من الغاز بما لا يقل عن 8 مليارات متر مكعب العام الماضي. ومع ذلك، تقدر مؤسسات دولية، مثل وكالة الطاقة الدولية (IEA) ومنتدى الدول المصدرة للغاز (GECF) - الذي تعد إيران عضوًا فيه- أن نمو إنتاج الغاز في إيران بلغ نحو نصف هذا المقدار فقط.

ويُشار إلى أنه من 2010 إلى 2020، شهدت إيران معدلات نمو سنوية في إنتاج الغاز تزيد على 5 في المائة. لكن من 2021 إلى 2024، انخفض المعدل إلى نحو 2 في المائة في المتوسط. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج الغاز في عام 2025 بنسبة تزيد قليلاً على واحد في المائة.