صحف إيران: خامنئي يكرر هجومه على المتظاهرين وخسائر اقتصادية فادحة بسبب قطع الإنترنت

في ثاني خروج له منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران قبل أربعة أسابيع وصف المرشد الإيراني، علي خامنئي، الانتفاضة العارمة ضد النظام الإيراني بـ"أعمال شغب يحرض عليها العدو".

في ثاني خروج له منذ اندلاع الاحتجاجات في إيران قبل أربعة أسابيع وصف المرشد الإيراني، علي خامنئي، الانتفاضة العارمة ضد النظام الإيراني بـ"أعمال شغب يحرض عليها العدو".
وقال في لقاء مع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام إن هذه الاحتجاجات ليست "عفوية وداخلية".
وغطت معظم الصحف الإيرانية الصادرة اليوم، الخميس 13 أكتوبر (تشرين الأول)، تصريحات المرشد حيث أبرزتها "كيهان" و"وطن امروز" وغيرهما، وعنونت هذه الأخيرة وقالت نقلا عن خامنئي: "العدو منفعل"، واصفا الاحتجاجات بأنها من عمل "الأعداء المنفعلين" لوقف تقدم إيران وتطورها.
وليس معلوما بالتحديد ما هو هذا التقدم الذي يتحدث عنه قادة النظام الإيراني، ويدّعون أن الاحتجاجات والمظاهرات الواسعة اندلعت لوقفه، وأنها من عمل الأعداء الذين باتوا يحسدون إيران على تقدمها، وطريق الازدهار والتطور الذي باتت تسلكه.
وحتى الأمس القريب وقبل اندلاع هذه الاحتجاجات كانت هذه الصحف جميعها تقر بوجود مشاكل اقتصادية في البلاد، لكن تأبى في تحمل مسؤولية هذا الواقع المتردي اقتصاديا، وتحمل تارة مسؤولية ذلك على الحكومة السابقة، وتارة أخرى تلقي باللوم على "أعداء إيران" في الخارج.
وربما لا توجد مشكلة في إيران كبيرة كانت أو صغيرة إلا ونسبها النظام إلى "الأعداء"، متجاهلا بأن هذا التبرير المكرر أصبح غير مقنع للإيرانيين الذين ما ينفكون في تريد هتاف: "يكذبون بالقول إن أميركا عدوة لنا.. عدونا في الداخل"، في إشارة إلى المسؤولين والحكام الحاليين لإيران.
وجسدت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، هذا التوجه داخل منظومة الحكم في إيران، إذ صدّرت مقالها الرئيسي اليوم بعنوان: "خطأ آخر في حسابات الغرب تجاه إيران القوية"، مدعية أن هذه الاحتجاجات هي نتيجة لتخطيط العدو لكنه وقع في خطأ، إذ إن "الشعب" الإيراني أفشل مخططاتهم، وكأن جموع المتظاهرين والمحتجين منذ أسابيع ليسوا من الشعب، وقد جاؤوا إلى إيران من كواكب أخرى.
من الموضوعات الأخرى التي اهتمت بها بعض صحف اليوم هي الأزمة "المنسية" للاتفاق النووي، والتي تشكل خلفية رئيسية لما تشهد إيران من أزمة حاليا، بعد أن تحول اقتصاد البلاد إلى مصدر استياء شعبي لكثير من الإيرانيين.
وأجرت بعض الصحف مقابلات مع محللين وخبراء في الموضوع، أكد بعضهم أن المفاوضات النووية مجمدة بسبب ما تمر به إيران من أزمة سياسية واحتجاجات شعبية، فيما رأى الخبير السياسي، حسن بهشتي بور، في مقابلة مع صحيفة "آرمان ملي" أن السبب هو الداخل الأميركي الذي يترقب إجراء انتخابات تشريعية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبعد الانتخابات سيتحدد ما إذا كانت المفاوضات ستستأنف أم لا.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"آسيا": مصائب قطع الإنترنت على الاقتصاد الإيراني
تحدثت صحيفة "آسيا" الاقتصادية عن "مصائب قطع الإنترنت على الاقتصاد" الإيراني، وذكرت مجموعة من الإحصاءات والأرقام التي تؤكد أن استمرار السلطات بقطع الإنترنت يحمل البلاد خسائر فادحة، مشيرة إلى تصريحات رئيس الغرفة التجارية الإيرانية التي قال فيها إن خسائر كل ساعة من قطع الإنترنت في البلاد تعادل مليون ونصف مليون دولار.
ونقلت الصحيفة عن نقابة الأعمال والمشاغل الافتراضية قولها إن قطع الإنترنت في إيران أوقف عمل 300 متجر افتراضي في البلاد، وجعلها تمر بحالة من الكساد الاقتصادي الرهيب.
كما توقف عمل أسواق العملات الرقمية في البلاد على خلفية قطع الإنترنت، حيث كان يتواجد 12 مليون ناشط في هذا المجال الهام من الناحية الاقتصادية.
ونوهت الصحيفة إلى أن قطع الإنترنت انعكس سلبيا كذلك على عمل الأطباء إذ أصبحوا غير قادرين على كتابة الوصفات الطبية الإلكترونية، مما يجبر المرضى والمراجعين على البحث عن أدويتهم في السوق السوداء.
"اعتماد": إشكاليات دعوة السلطة إلى الحوار دون توفير المقدمات اللازمة
في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية انتقد عدد من الخبراء دعوة رئيس القضاء الإيراني المتظاهرين إلى "الحوار" دون العمل على توفير المقدمات والتمهيدات اللازمة في هذا السياق، وأكد هؤلاء الخبراء على أن شرط نجاح أي حوار هو الاعتراف بحق الشعب في التظاهر والاحتجاج، لكن النظام وعبر دعوته إلى الحوار يريد إنهاء الاحتجاجات ومظاهرها.
وقال الخبير الاجتماعي، غلام رضا ظريفيان، للصحيفة إن المسؤولين الإيرانيين يعنون بالحوار ليس معناه الحقيقي المعروف، وإنما يقصدون به نوعا من التواصل الذي يعتمد على طرف يقول (النظام) وطرف يسمع ويطيع (الشعب)، مؤكدا أن الحوار الحقيقي هو الذي يعتمد على حرية الرأي وحرية ما بعد الرأي، إذ لابد من عدم مضايقة الناس بعد أن يعبروا عن آرائهم عبر الاحتجاج أو أي شكل من الأشكال المتاحة.
واللافت للنظر أن رئيس القضاء الإيراني، غلام حسين محسن ايجه إي، دعا إلى الحوار مع المحتجين والمتظاهرين، لكن هذا القضاء نفسه لم يتحمل إجراء صحيفة "اعتماد" مقابلة مع والدة إحدى ضحايا الاحتجاجات، حيث تم إجبار الصحيفة على حذف محتوى المقابلة بعد أن نوهت والدة الضحية إلى رفضها رواية النظام حول طريقة وفاة ابنتها، وأكدت أنها قُتلت أثناء المظاهرات، وليس كما يقول النظام ويدعي بأنها سقطت من مكان مرتفع ليوهم بأنها انتحرت.
"مردم سالاري": مأزق تنظيم الاحتجاجات بشكل قانوني في إيران
تناولت صحيفة "مردم سالاري" في تقرير لها أزمة السلطات في توفير قانون عملي للسماح للمواطنين الإيرانيين بالتظاهر والاحتجاج في المواقع والأماكن المحددة، وقالت إنه ومنذ اندلاع أول احتجاجات كبيرة في البلاد قبل خمس سنوات (2017) طرحت هذه القضية، وحاولت أكثر من جهة إنجاح هذه المساعي، لكنه حتى الآن لم تفعل ولم يسمح النظام بإجراء احتجاجات تنتقد الأوضاع في البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام لا يطلب الحصول على الرخصة القانونية للسماح بالاحتجاجات من قبل الأطراف والتيارات الأصولية في البلاد، إذ إنه بإمكانها تشكيل مظاهرات وتجمعات دينية (داعمة للنظام) في أي وقت شاءت، وفي أي مكان أرادت، دون أن تحتاج إلى رخصة قانونية كما هو الحال بالنسبة للمظاهرات المنتقدة.
وانتقدت الصحيفة استمرار هذا النهج دون البحث عن طرق عملية لإيجاد سبل قانونية تعطي حق التظاهر للجميع دون تمييز بين المواطنين، مؤكدة أن استمرار هذه الازدواجية سيكلف البلاد الكثير من الخسائر، وهو أحد الأسباب الرئيسية في انجرار معظم الاحتجاجات إلى أعمال عنف يسقط فيها الضحايا من كلا الطرفين.