وفق بيانات رسمية..انكماش الاقتصاد الإيراني رغم نمو متواضع في قطاع النفط

عاد الاقتصاد الإيراني إلى الانكماش خلال النصف الأول من السنة الإيرانية، إذ أظهرت بيانات البنك المركزي تسجيل نمو سلبي سواء مع احتساب إنتاج النفط أو بدونه.

عاد الاقتصاد الإيراني إلى الانكماش خلال النصف الأول من السنة الإيرانية، إذ أظهرت بيانات البنك المركزي تسجيل نمو سلبي سواء مع احتساب إنتاج النفط أو بدونه.
وبحسب البنك المركزي الإيراني، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% خلال الأشهر الستة التي بدأت في 21 مارس عند احتساب النفط، وبنسبة 0.8% عند استبعاد النفط، ما يشير إلى ضعف الطلب وتراجع الاستثمارات وارتفاع منسوب عدم اليقين في الاقتصاد الحقيقي، وفق ما أوردته وكالة «تسنيم».
وأظهرت البيانات تراجعًا حادًا في قطاعات رئيسية، إذ انكمش القطاع الزراعي بنسبة 2.9%، فيما تراجع قطاعا الصناعة والتعدين بنسبة 3.4%، في انعكاس لقيود الطاقة وارتفاع التكاليف واستمرار حالة الركود في التصنيع.
وسجل قطاع البناء أكبر انخفاض، بانكماش بلغ 12.9%، ما يدل على ركود عميق في قطاع حيوي للتوظيف والصناعات المرتبطة به.
وفي المقابل، نما إنتاج النفط بنسبة 1.1% خلال الفترة نفسها، إلا أن هذا النمو المحدود لم يكن كافيًا لتعويض الضعف الواسع في باقي قطاعات الاقتصاد، بحسب البيانات.


بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران، بلغ معدل التضخم النقطي (مؤشر الأسعار في هذا الشهر مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي) 52.6 في المائة، ما يعكس زيادة قدرها 3.2 نقطة مئوية، مقارنة بالشهر الماضي.
وأفاد مركز الإحصاء الإيراني، يوم السبت 27 ديسمبر (كانون الأول)، بأن متوسط معدل التضخم السنوي وصل أيضًا إلى 42.2 في المائة في هذا الشهر.
ويشير هذا الرقم إلى ارتفاع متوسط أسعار السلع والخدمات خلال الـ 12 شهرًا الماضية، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مسجلاً زيادة قدرها 1.8 نقطة مئوية مقارنة بالشهر الماضي
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة شهرية بلغت 4.2 في المائة ليصل إلى 435.1 نقطة، فيما ظلّ الضغط التضخمي على الشرائح منخفضة الدخل أعلى من نظيره لدى الشرائح ذات الدخل المرتفع.
وسجّل التضخم السنوي لقطاع المواد الغذائية والمشروبات والتبغ 72 في المائة، خلال هذا الشهر، بينما بلغ 43 في المائة لقطاع السلع غير الغذائية والخدمات.
كما بلغ معدل التضخم السنوي بنهاية الشهر الجاري 50 في المائة لمجموعة المواد الغذائية والمشروبات والتبغ، و38.3 في المائة للسلع غير الغذائية والخدمات.
وأفاد التقرير بأن التضخم الشهري لأسعار الحليب والجبن والبيض بلغ 10.2 في المائة، فيما سُجّل تضخم شهري في قطاع الخبز بنسبة 7.7 في المائة.
ويرى كثير من المواطنين والخبراء أن الأرقام الرسمية للتضخم، بسبب الأوزان النسبية التي يعتمدها مركز الإحصاء لمجموعات الاستهلاك، لا تعكس الواقع الحقيقي للأسواق.
كما أن آلية احتساب التضخم تعتمد على تقارير متوسط أسعار السلع في الأسواق، وهي تقارير يُعتقد أنها تختلف عن الأسعار الفعلية.
وتُظهر بيانات مركز الإحصاء حول التغيرات في المؤشر العام أن المستوى العام للأسعار (التضخم) في الثلاثين يومًا الماضية ارتفع بنحو 2700 في المائة مقارنة بعام 2012.
ويُعد الارتفاع الحاد في التضخم السنوي أحد المؤشرات المبكرة لاحتمال الدخول في مرحلة التضخم المفرط، إذ يعكس تسارعًا كبيرًا في ارتفاع لأسعار.
وبحسب التعريف القياسي، يحدث التضخم المفرط عندما يتجاوز معدل التضخم الشهري 50 في المائة، أو عندما ترتفع الأسعار بأكثر من 1 في المائة يوميًا.
وفي حال وصول التضخم الشهري إلى 50 في المائة واستمراره، قد يقفز معدل التضخم السنوي إلى آلاف في المائة.
وبناءً على ذلك، إذا استمر التضخم الشهري بنسبة 50 في المائة كما في الشهر الحالي، فقد يصل التضخم السنوي (نقطة إلى نقطة) إلى نحو 13 ألفًا في المائة.
وكان الخبير الاقتصادي والأمين العام السابق لبورصة طهران، حسين عبده تبريزي، قد حذّر في 14 ديسمبر الجاري، من أن تكرار تضخم بنسبة 60 في المائة في العام المقبل، وعدم الالتزام بإطار الموازنة المعلن، قد يدفع البلاد إلى مرحلة «الدولرة».
وأوضح أن التضخم في هذه المرحلة قد يقفز فجأة من 60 في المائة إلى نحو 3000 في المائة.
وخلال الأشهر الأخيرة، ولا سيما بعد تفعيل "آلية الزناد" وعودة عقوبات الأمم المتحدة، أفاد المواطنون بارتفاع يومي في الأسعار، مؤكدين أن تأخير الشراء لبضعة أيام فقط يؤدي إلى دفع أسعار أعلى.
وحذّر خبراء من أن استمرار الارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية في إيران قد يترتب عليه عواقب خطيرة، من بينها الإضرار بالصحة العامة، وانتشار سوء التغذية، وتفاقم الضغوط النفسية على المجتمع.

واصلت أسعار الذهب والعملات ارتفاعاتها القياسية في السوق الإيرانية؛ حيث وصل سعر كل عملة ذهب من الطراز الجديد، المعروف باسم "إمامِي"، إلى 157 مليون تومان، فيما تجاوز سعر الدولار الأميركي في السوق الحرة بطهران 137 ألف تومان، يوم السبت 27 ديسمبر (كانون الأول).
كما بلغ سعر كل جنيه إسترليني نحو 185 ألف تومان، وسعر اليورو أكثر من 161 ألف تومان.
وفي 23 ديسمبر الجاري، كان سعر العملة الذهبية من الطراز الجديد "إمامِي" 147 مليونًا و700 ألف تومان. كما كان سعر الدولار الأميركي 135 ألف تومان.
وفي الأسابيع الماضية، اجتاحت موجة صعودية أسواق العملات والذهب في إيران، ومع تحقيق أرقام قياسية متتالية، فقد شكّلت مسارًا جديدًا لارتفاع الأسعار.
وعادةً ما تتبع إيران نهجًا أمنيًا في مواجهة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، محاوِلةً السيطرة على السوق بالتهديد والترهيب وبشكل إجباري.
وفي الأشهر الأخيرة، زاد التضخم الجامح وارتفاع أسعار العملات الأجنبية من المخاوف بشأن تدهور الوضع الاقتصادي في إيران.
وقد تفاقم هذا الاتجاه بعد عودة العقوبات الأممية وتأكيد المسؤولين الإيرانيين على استمرار البرنامج النووي.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في إيران بنسبة تزيد على 66 في المائة في المتوسط.
كما انتقد المواطنون، في الأيام الماضية، عبر رسائل إلى "إيران إنترناشيونال"، التضخم الشديد وانخفاض قدرتهم الشرائية لتأمين المواد الغذائية اليومية، معتبرين النظام الإيراني وشخص المرشد نفسه، علي خامنئي، المسؤولين الرئيسين عن هذا الوضع.
وفي وقت تتصاعد فيه حدة الأزمات المالية والاقتصادية المختلفة في إيران، قدّم الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، في 23 ديسمبر الجاري مشروع ميزانية العام الجديد (يبدأ 21 مارس/ آذار 2026) إلى البرلمان الإيراني.
وكان نواب البرلمان قد انتقدوا في جلسة سابقة الزيادة المتوقعة في الرواتب، والتي تم تحديدها بنسبة 20 في المائة فقط.
ومن جهة أخرى، أدت المواجهة المستمرة للنظام الإيراني مع الغرب وسياسة خامنئي الخارجية على مدى ثلاثة عقود على الأقل إلى تكبد المواطنين تكاليف باهظة، كما أن العقوبات شلّت جزءًا كبيرًا من اقتصاد البلاد.
ومع ذلك، ورغم إصرار المرشد الإيراني على استمرار هذه السياسات، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم الجمعة 26 ديسمبر، أن العقوبات، رغم أثرها على الوضع الاقتصادية، تمثل عاملاً لـ "الاستقلال" و"النضوج" في الصناعات الدفاعية والصاروخية، وقال: "لقد دفعتنا العقوبات إلى الابتعاد عن الاقتصاد الأحادي المرتكز على النفط".
كما قال عراقجي، يوم الخميس 25 ديسمبر، خلال لقاء مع نشطاء اقتصاديين في أصفهان: "يجب أن نعترف بوجود العقوبات، وأن نقر بأن الحياة ممكنة حتى في ظل تلك العقوبات".
وأضاف: "للعقوبات تكاليفها. لا يقل أحد إن عراقجي لا يعرف معنى العقوبات. أنا أعلم جيدًا ما معنى العقوبات وما تكلفتها، أعلم مشكلاتها وأعلم أيضًا بركاتها".
وقد واجهت تصريحاته حول "بركات" العقوبات الدولية ردود فعل انتقادية واسعة وحادة في إيران.
وأكد بعض المواطنين أن عراقجي وغيره من مسؤولي الحكومة غير مدركين للصعوبات الاقتصادية والضغوط المعيشية التي يواجهونها.

أعرب آلاف من عمال "الأركان الثالث" (بعقود محددة المدة) في شركة نفط وغاز أروندان عن قلقهم إزاء تقارير تتحدث عن احتمال نقل ملكية وإدارة حقل نفط آزادغان بمحافظة خوزستان، جنوب غربي إيران، إلى القطاع الخاص، وما قد يترتب على ذلك من تهديد لأمنهم الوظيفي، معلنين معارضتهم خصخصة هذا الحقل.
ويخضع حقل نفط آزادغان، الذي تُقدَّر احتياطاته بنحو 25.3 مليار برميل، حتى الآن لإدارة شركة النفط الإيرانية. غير أن تقارير تشير إلى أن ملكيته وإدارته قد تُنقل إلى عدد من الكيانات الخاصة، من بينها بنوك وشركات.
وبحسب موقع "كارنامه جنوب" ووكالة أنباء "إيلنا"، يقول خمسة آلاف عامل في شركة نفط وغاز أروندان إن حقل آزادغان النفطي يلعب دورًا محوريًا في ضمان التنمية وتوفير فرص العمل لمدن سوسنكرد (الخفاجية) والحويزة ومناطق حدودية أخرى في محافظة خوزستان، سواء في الحاضر أو المستقبل.
وتساءل العمال: «ألن يؤدي نقل وحدة بهذا الحجم إلى القطاع الخاص إلى تعريض تنمية المنطقة وفرص عمل الأجيال القادمة للخطر؟".
ولم تُذكر في هذه التقارير أسماء البنوك أو الشركات المعنية.
وكانت وكالة أنباء "إيرنا" الحكومية الإيرانية، قد أفادت عبر تقرير، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري بأن عقد تطوير آزادغان الجنوبي بقيمة 11.5 مليار دولار جرى توقيعه في مارس (آذار) 2024، عبر تأسيس شركة "دشت آزادغان أروند" وبمشاركة مجموعة من البنوك والمؤسسات الاقتصادية والشركات التنفيذية.
وذكرت "إيرنا" أن "هذا الكونسورتيوم المالي يضم تسعة بنوك ومؤسسات كبرى، هي: بنوك ملي، سبه، ملت، بارسيان، تجارت، شهر، وصندوق التنمية الوطنية، إلى جانب مقر تنفيذ أوامر الإمام، ومؤسسة المستضعفين، ومقر خاتم، وشركة بتروبارس".
وأضافت الوكالة: "خلال ما يقرب من عامين، لم يدخل المشروع عمليًا مرحلة جادة من التمويل؛ فلم تُفتح اعتمادات مصرفية، ولم يُعرَّف تمويل تشغيلي، ولم يتشكل تدفق نقدي مستدام لتنفيذ المشروع، فضلًا عن وجود شكوك بشأن الخبرة العملية والميدانية لهذا الكونسورتيوم، نظرًا لقصر عمره".
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الحقل سيُنقل إلى هذا الكونسورتيوم نفسه أم إلى جهة جديدة ستتولى ملكيته.
غير أن رسالة احتجاجية سابقة لعمال "الأركان الثالث" في شركة نفط وغاز أروندان أشارت إلى شركة تُسمّى "آزادغان أروند".
وبحسب وكالة "فارس"، فقد عبّر العمال، في تلك الرسالة، التي نُشرت في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر الجاري، عن "قلق عميق واعتراض جدي على نقل أكبر حقل نفطي مشترك في الشرق الأوسط إلى شركة حديثة التأسيس وتفتقر إلى سجل عملي"، مؤكدين أن هذه الخطوة "لا تهدد فقط الأمن الوظيفي لآلاف الكوادر المتخصصة وذات الخبرة، بل تضع أيضًا مبادئ التنمية المستدامة، والإدارة التخصصية، والمصالح الوطنية طويلة الأمد موضع تساؤل".
وأشار العمال إلى أن سبب اعتراضهم يعود إلى "انعدام الكفاءة والخبرة التخصصية" لدى هذه الشركة، مؤكدين أنها "تفتقر إلى أي سجل تشغيلي أو خبرة ميدانية أو تخصص مثبت في إدارة حقول بهذا المستوى من التعقيد والأهمية الاستراتيجية".
وكتبوا استنادًا إلى "ما يُتداول من معلومات" أن الشركة أُسست بمشاركة عدة بنوك، مضيفين أن نقل حقول نفطية استراتيجية إلى شركة تشارك فيها مؤسسات مالية، ودون توضيح الأبعاد القانونية والشرعية، يثير شكوكًا جدية.
وطالب العمال بـ "الوقف الفوري لهذا النقل غير المدروس، وإعادة النظر فيه بحضور ممثلين متخصصين ومستقلين، وتقديم توضيحات كاملة حول أبعاده الفنية والقانونية والشرعية".
وكانت رسالة احتجاج مماثلة قد وُجّهت في الأول من يونيو (حزيران) الماضي إلى وزير النفط والمدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية.
ولم يكتفِ العمال بكتابة الرسائل، بل نظم عدد منهم تجمعين احتجاجيين في 14 و23 ديسمبر الجاري أمام مبنى محافظة خوزستان، عبّروا خلالهما عن رفضهم لخصخصة ملكية حقل آزادغان النفطي.
"تحذير جدي" بشأن الخصخصة
كتبت صفحة "صداي خوزستان" على "إنستغرام"، مشيرة إلى "التحذير الجدي الذي أطلقه عمال نفط وغاز أروندان" خلال تجمع 23 ديسمبر، أن "نقل حقل آزادغان إلى مجموعة خاصة ومصرفية يُعد جرس إنذار خطيرًا للأمن الوظيفي لأكثر من خمسة آلاف أسرة ولمستقبل إنتاج النفط في البلاد".
ونقلت الصفحة عن العمال المحتجين قولهم: "إدارة أكبر حقل نفطي في إيران تتطلب خبرة تشغيلية، لا قرارات مكتبية. التجارب المريرة لشركة هفت تبه ومجموعة فولاذ الأهواز لا تزال ماثلة أمام أعين المواطنين".
وكانت شركة سكر هفت تبه، التي تبلغ مساحتها نحو 25 ألف هكتار، قد نُقلت إلى القطاع الخاص عام 2015 مقابل دفعة أولى قدرها ستة مليارات تومان، إلى أوميد أسدبيغي ومهرداد رستمي جكيني.
وبعد الخصخصة، واجهت الشركة الزراعية- الصناعية مشكلات جسيمة، من بينها تأخر طويل في دفع الأجور، ما أدى إلى احتجاجات واسعة من قِبل العمال، اضطرت الحكومة في نهايتها إلى إلغاء الصفقة.
ووفقًا لما كتبته "صداي خوزستان"، طالب العمال المحتجون محافظ خوزستان باتخاذ إجراء فوري لمنع هذا النقل "تفاديًا لأضرار لا يمكن تداركها"، مؤكدين أن "آزادغان ثروة وطنية وليست ساحة للتجربة والخطأ".
وفي السياق نفسه، كتبت قناة "بيجواك كار إيران" على "تلغرام"، التابعة لاتحاد العمالية في الخارج، أن "نقل أكبر حقل نفطي مشترك في المنطقة إلى شركة حديثة التأسيس وتفتقر إلى الخبرة التشغيلية، هو امتداد لمسار الخصخصة، الذي رافقه في السنوات الماضية إضعاف حقوق العمال، وتوسيع نظام المقاولات، وخفض الأجور الحقيقية، وإلغاء الضمانات الوظيفية".
وأضافت القناة أن "التجربة المعيشة لعمال قطاع النفط تُظهر أن الخصخصة لم تكن بهدف رفع الكفاءة، بل لنقل الثروة العامة إلى شبكة محدودة من الشركات والمديرين المتحالفين".
زيارة مدير عام الحراسات في شركة النفط الوطنية
مع استمرار احتجاجات عمال شركة نفط وغاز أروندان، أفاد موقع "آواي جنوب" بأن المدير العام للحراسات في شركة النفط الوطنية الإيرانية، محمد رضا ناصري كريموند، زار محافظة خوزستان و"تفقد منشآت وأقسام الشركة المختلفة".
ولم يشر التقرير إلى هدف الزيارة، مكتفيًا بالقول إنه "جرى التأكيد على الدور الاستراتيجي للحراسات في الإنتاج المستدام، وحماية رأس المال البشري والمادي، وضرورة الحضور الفاعل لقوى الحراسة في المناطق التشغيلية، إضافة إلى بحث التحديات القائمة في هذا المجال".
وعادةً ما تُعد من مهام إدارات الحراسات في الصناعات والشركات والوزارات الإيرانية، مواجهة احتجاجات العمال والمتعاقدين.
وفي السياق ذاته، أصدر عمال ومتقاعدو مجموعة مصانع تبريز للآلات بيانًا، يوم الخميس 25 ديسمبر، احتجوا فيه على الإجراءات المتعلقة بـ "نقل شركات تصنيع الآلات ومسبكها في تبريز بصيغة الإيجار المنتهي بالتمليك".
وبحسب وكالة "إيلنا"، أشار البيان إلى أن عمال وموظفي مصانع تبريز يطالبون بـ "نقل 100 في المائة من أسهم هذه الشركات إلى العاملين فيها ضمن إطار تعاونية إنتاجية- تنموية، وفقًا للقانون ولمبدأ المادة 44 من الدستور".
وقد أسفرت سياسة الخصخصة، التي انطلقت بتوجيه من المرشد الإيراني، علي خامنئي، عن نتائج سلبية، من بينها إفلاس المصانع والشركات، وتأخر الأجور لأشهر طويلة، وتسريح العمال.
وأدت هذه الأوضاع إلى موجة واسعة من احتجاجات القوى العاملة في إيران.

أكد عضو لجنة الصحة والطب في البرلمان الإيراني، محمد جماليان، وجود "نقص فعلي في الأدوية" في البلاد، وحذر من أنه إذا لم يوفر البنك المركزي العملات الأجنبية اللازمة في الوقت المناسب، فإن عدد الأدوية النادرة قد يصل إلى 400- 500 نوع بحلول نهاية العام.
وقال جماليان، في مقابلة مع وكالة أنباء "إيلنا" الإيرانية، يوم الجمعة 26 ديسمبر (كانون الأول)، إن جزءًا كبيرًا من أزمة نقص الأدوية يرجع إلى عدم قدرة الشركات على تأمين العملات الأجنبية في الوقت المناسب، إضافة إلى الديون الثقيلة لشركات الأدوية، مما منع دخول المواد الخام وعطّل إنتاج وتوزيع الأدوية.
وأشار إلى أن جزءًا من النقص يشمل الأدوية غير المنتجة محليًا، خصوصًا أدوية مرضى السرطان وأمراض أخرى، والتي تُستورد بالكامل، مما يجعلها أكثر عرضة للنقص مقارنة بالأنواع الأخرى.
ويأتي ذلك على الرغم من أن عضو مجلس إدارة نقابة موزعي الأدوية، محسن عبد الله زاده، قد صرح، في وقت سابق، بأن إنتاج الأدوية في إيران زاد بنسبة 50 في المائة، إلا أن مشكلة النقص لا تزال قائمة، مشيرًا إلى أن التهريب الكبير للأدوية من إيران إلى أفغانستان يعد أحد العوامل الرئيسة وراء استمرار النقص، إذ يفوق التهريب قدرة التجار على المنافسة.
ومع ذلك، وصف جماليان هذه الظاهرة بأنها "مستبعدة للغاية"، مضيفًا: "نظرًا لوجود المراقبة التابعة لنظام تيتك (المسؤول عن تتبع وتوزيع الأدوية) وأزمة نقص الأدوية، فإن جميع الأدوية التي تدخل البلاد تُخضع للمراقبة منذ لحظة دخولها".
وأعرب عن أمله في حل مشكلة توفير العملات الأجنبية خلال العشرين يومًا المقبلة، مشيرًا إلى اجتماع للجنة الصحة في البرلمان الإيراني حضره مسؤولون من البنك المركزي ونظام "نيكو" المسؤول عن تحويل العملات الأجنبية.
ورأى جماليان أن نقص الأدوية ظاهرة عالمية، لكنه أكد أن الوضع في إيران عادة ما يكون "أعلى من المستويات القياسية"، وأن استمرار النقص أو تراجعه يعتمد على كيفية تعامل الحكومة والبنك المركزي مع توفير العملات الأجنبية في الوقت المناسب، إذ يمكن لذلك أن يجعل الوضع أسوأ أو أكثر قابلية للسيطرة.
وحذر مسؤولون صحيون ونشطاء من انخفاض مخزون الأدوية، وعواقب إلغاء العملة التفضيلية، وتزايد الضغط على المرضى. فعلى سبيل المثال، حذر عضوان في مجلس إدارة جمعية الصيادلة في 14 ديسمبر الجاري من نتائج إلغاء العملة التفضيلية لبعض الأدوية المستوردة، والتأثير الاقتصادي على المرضى، وضعف كفاءة نظام التأمين الصحي.
كما أشار رئيس جمعية إنتاج وتوريد وتوزيع وتصدير المعدات الطبية والصيدلانية في طهران، علي رضا شيزاري، إلى أن مخزون إيران من الأدوية ومسحوق الحليب لا يكفي سوى أقل من شهرين، مع احتمال نقص 800 نوع من الأدوية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأدى النقص الحاد في الأدوية، والصفوف الطويلة، والارتفاع المستمر في الأسعار إلى صعوبة حياة ملايين المرضى في إيران، حيث نشرت عدة تقارير حول الموضوع خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي هذا السياق، حذر الرئيس التنفيذي للجمعية الإيرانية لمرضى "الثلاسيميا"، يونس عرب، في 10 ديسمبر الجاري، من أن بعض العائلات تتحدث عن "بيع كليتهم أو قرنيات أعينهم" لتأمين دواء لأطفالهم.

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن صناعة السجاد اليدوي في إيران تواجه انهيارًا غير مسبوق، وأن صادراتها هبطت إلى أدنى مستوياتها بسبب العقوبات الأميركية واللوائح النقدية التي تفرضها الجمهورية الإسلامية.
وكتبت الصحيفة، يوم الجمعة 26 ديسمبر (كانون الأول)، أن السجاد الإيراني، المشهور بدقته الفنية ومهارة نسّاجيه، والذي يعود تاريخ إنتاجه إلى آلاف السنين، يُنتَج اليوم بكميات أقل بكثير مقارنة بالعقود الماضية، وأن إيران فقدت جزءًا كبيرًا من مكانتها السابقة في السوق العالمية للسجاد.
ونقلت عن ناشطين في قطاع السجاد أن الاضطرابات الإقليمية ساهمت أيضًا في تفكك هذه الصناعة، وأن الوضع الراهن ألحق أضرارًا جسيمة بالأعمال المحلية.
وقالت أكرم فخري، نسّاجة تبلغ من العمر 45 عامًا من مدينة كاشان، إن كلفة إنتاج السجاد مرتفعة جدًا، في حين أن الأرباح المتحققة منه ضئيلة.
وبحسب قولها، فإن تأمين الصوف والحرير لسجادة واحدة يتطلب نحو 250 دولارًا، ثم يستغرق نسجها قرابة عام كامل. وحتى إذا خرجت السجادة بلا أي عيب، فإن سعر بيعها عادة لا يتجاوز نحو 600 دولار.
وحذّرت فخري من أن غياب الدعم الحكومي والتغطية الاجتماعية أوصلها إلى حافة الإنهاك، قائلة: «أعمل مع آلام دائمة في الظهر والساقين، لكن لا أملك القدرة المالية على الاستعانة بنسّاج مساعد».
وبحسب إحصاءات لجنة السجاد والصناعات اليدوية في غرفة تجارة إيران، من المتوقع أن تنخفض قيمة صادرات السجاد في السنة المنتهية في مارس (آذار) 2026 إلى أقل من 40 مليون دولار، بعد أن كانت 41.7 مليون دولار في العام السابق.
وقال رئيس هذه اللجنة، مرتضى حاج آقاميري، إن صادرات السجاد الإيراني خلال السنوات الست الماضية كانت دائمًا أقل من 100 مليون دولار، وهو رقم «ضئيل إلى حد يمكن اعتباره عمليًا قريبًا من الصفر»، على حد تعبيره.
ويأتي ذلك في وقت كانت فيه صادرات السجاد الإيراني قبل نحو ثلاثة عقود تتجاوز ملياري دولار.
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، في تقرير عن الوضع الحرج لسوق السجاد الإيراني، بأن صادرات السجاد من إيران تراجعت بنسبة 95%.
العقوبات الأميركية والسياسات النقدية الإيرانية
قال محسن شجاعي، أحد ناشطي سوق السجاد في "مشهد"، إن سجادة قم الحريرية بالكامل بمساحة ستة أمتار مربعة، والتي تُعد من أثمن أنواع السجاد، تحتاج إلى ما لا يقل عن عام ونصف العام لنسجها، وتُباع بسعر يتراوح بين 10 و30 ألف دولار.
غير أن استمرار العقوبات الدولية ضيّق الخناق أكثر على العاملين في هذا القطاع.
وأضاف شجاعي: «بعد إغلاق السوق الأميركية، قام بعض التجّار بإرسال السجاد الإيراني إلى الولايات المتحدة عبر دول ثالثة وتحت مسميات سجاد صيني أو نيبالي أو مصري. وقد أسهم ذلك في تعزيز الموقع التصديري لتلك الدول، لكنه في الوقت نفسه ألحق ضررًا بهذا الفن عبر إخفاء هوية السجاد الإيراني».
ونقلت "فايننشال تايمز" عن ناشطين في سوق السجاد أن انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي السابق (2015) وبدء سياسة «الضغط الأقصى» ضد إيران شكّل ضربة قاسية تلقّتها هذه الصناعة.
ومنذ عام 2018، ومع تشديد العقوبات وتراجع موارد النقد الأجنبي، ألزمت الحكومة الإيرانية المصدّرين ببيع جزء من عائداتهم بالعملة الصعبة للبنك المركزي بالسعر الرسمي، وهو سعر أدنى بكثير من أسعار السوق الحرة.
وبحسب الاتحادات المهنية، أدت هذه السياسة إلى تراجع حاد في عدد مصدّري السجاد.
وقال رئيس اتحاد تعاونيات السجاد اليدوي في إيران، عبد الله بهرامي، إن هذه اللوائح «شلّت قطاع السجاد عمليًا» و«لم تُبقِ أي حافز للاستمرار في النشاط داخل الأسواق العالمية».
فقدان الأسواق التقليدية للسجاد الإيراني
في حين كان السجاد الإيراني يُصدَّر سابقًا إلى نحو 80 دولة، باتت أسواقه المستهدفة اليوم تقتصر على الإمارات العربية المتحدة وألمانيا واليابان وبريطانيا وباكستان.
ومع فقدان عدد كبير من الأسواق التقليدية لإيران، ملأ منافسون من تركيا والهند والصين وأفغانستان هذا الفراغ.
وقبل جولة العقوبات الأخيرة، كان السياح الغربيون أبرز مشترين للسجاد الإيراني الفاخر، غير أن تصاعد التوترات السياسية مع الغرب أدى إلى تراجع السياحة الأجنبية وتقليص سوق التجزئة.
وقال حاج آقاميري إن عدم الاستقرار الناتج عن "حرب الـ 12 يومًا" مع إسرائيل وجّه ضربة أخرى لهذه الصناعة.
كما قال شجاعي: «إن اضطراب المجال الجوي في المنطقة بعد الحرب مع إسرائيل، إلى جانب توترات سياسية أخرى، أفقد التجّار الأجانب ثقتهم».
وأضاف: «حتى معرض طهران للسجاد، الذي كان يُقام سنويًا في سبتمبر (أيلول) ويتيح لنا على الأقل الحفاظ على التواصل مع المشترين الأجانب، أُلغي هذا العام بسبب نقص الكهرباء».
وكتبت "فايننشال تايمز" في الختام أن العقوبات وقطع العلاقات التجارية حرما إيران من فرصة مواكبة الأذواق الجديدة في السوق، والاتجاه نحو الديكور ذي الطابع الحداثي البسيط، وهو اتجاه غالبًا ما لا ينسجم مع التصاميم التقليدية للسجاد الإيراني.
وإضافة إلى ذلك، أدّت معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين إلى انخفاض الطلب الداخلي، بحيث فقد السجاد الإيراني مكانته عمليًا في منازل الكثيرين.
وبحسب خبراء هذا القطاع، فإن أقل من ثلاثة في المائة من السجاد المنتج حاليًا يُستخدم داخل البلاد.