ويخضع حقل نفط آزادغان، الذي تُقدَّر احتياطاته بنحو 25.3 مليار برميل، حتى الآن لإدارة شركة النفط الإيرانية. غير أن تقارير تشير إلى أن ملكيته وإدارته قد تُنقل إلى عدد من الكيانات الخاصة، من بينها بنوك وشركات.
وبحسب موقع "كارنامه جنوب" ووكالة أنباء "إيلنا"، يقول خمسة آلاف عامل في شركة نفط وغاز أروندان إن حقل آزادغان النفطي يلعب دورًا محوريًا في ضمان التنمية وتوفير فرص العمل لمدن سوسنكرد (الخفاجية) والحويزة ومناطق حدودية أخرى في محافظة خوزستان، سواء في الحاضر أو المستقبل.
وتساءل العمال: «ألن يؤدي نقل وحدة بهذا الحجم إلى القطاع الخاص إلى تعريض تنمية المنطقة وفرص عمل الأجيال القادمة للخطر؟".
ولم تُذكر في هذه التقارير أسماء البنوك أو الشركات المعنية.
وكانت وكالة أنباء "إيرنا" الحكومية الإيرانية، قد أفادت عبر تقرير، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري بأن عقد تطوير آزادغان الجنوبي بقيمة 11.5 مليار دولار جرى توقيعه في مارس (آذار) 2024، عبر تأسيس شركة "دشت آزادغان أروند" وبمشاركة مجموعة من البنوك والمؤسسات الاقتصادية والشركات التنفيذية.
وذكرت "إيرنا" أن "هذا الكونسورتيوم المالي يضم تسعة بنوك ومؤسسات كبرى، هي: بنوك ملي، سبه، ملت، بارسيان، تجارت، شهر، وصندوق التنمية الوطنية، إلى جانب مقر تنفيذ أوامر الإمام، ومؤسسة المستضعفين، ومقر خاتم، وشركة بتروبارس".
وأضافت الوكالة: "خلال ما يقرب من عامين، لم يدخل المشروع عمليًا مرحلة جادة من التمويل؛ فلم تُفتح اعتمادات مصرفية، ولم يُعرَّف تمويل تشغيلي، ولم يتشكل تدفق نقدي مستدام لتنفيذ المشروع، فضلًا عن وجود شكوك بشأن الخبرة العملية والميدانية لهذا الكونسورتيوم، نظرًا لقصر عمره".
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الحقل سيُنقل إلى هذا الكونسورتيوم نفسه أم إلى جهة جديدة ستتولى ملكيته.
غير أن رسالة احتجاجية سابقة لعمال "الأركان الثالث" في شركة نفط وغاز أروندان أشارت إلى شركة تُسمّى "آزادغان أروند".
وبحسب وكالة "فارس"، فقد عبّر العمال، في تلك الرسالة، التي نُشرت في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر الجاري، عن "قلق عميق واعتراض جدي على نقل أكبر حقل نفطي مشترك في الشرق الأوسط إلى شركة حديثة التأسيس وتفتقر إلى سجل عملي"، مؤكدين أن هذه الخطوة "لا تهدد فقط الأمن الوظيفي لآلاف الكوادر المتخصصة وذات الخبرة، بل تضع أيضًا مبادئ التنمية المستدامة، والإدارة التخصصية، والمصالح الوطنية طويلة الأمد موضع تساؤل".
وأشار العمال إلى أن سبب اعتراضهم يعود إلى "انعدام الكفاءة والخبرة التخصصية" لدى هذه الشركة، مؤكدين أنها "تفتقر إلى أي سجل تشغيلي أو خبرة ميدانية أو تخصص مثبت في إدارة حقول بهذا المستوى من التعقيد والأهمية الاستراتيجية".
وكتبوا استنادًا إلى "ما يُتداول من معلومات" أن الشركة أُسست بمشاركة عدة بنوك، مضيفين أن نقل حقول نفطية استراتيجية إلى شركة تشارك فيها مؤسسات مالية، ودون توضيح الأبعاد القانونية والشرعية، يثير شكوكًا جدية.
وطالب العمال بـ "الوقف الفوري لهذا النقل غير المدروس، وإعادة النظر فيه بحضور ممثلين متخصصين ومستقلين، وتقديم توضيحات كاملة حول أبعاده الفنية والقانونية والشرعية".
وكانت رسالة احتجاج مماثلة قد وُجّهت في الأول من يونيو (حزيران) الماضي إلى وزير النفط والمدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية.
ولم يكتفِ العمال بكتابة الرسائل، بل نظم عدد منهم تجمعين احتجاجيين في 14 و23 ديسمبر الجاري أمام مبنى محافظة خوزستان، عبّروا خلالهما عن رفضهم لخصخصة ملكية حقل آزادغان النفطي.
"تحذير جدي" بشأن الخصخصة
كتبت صفحة "صداي خوزستان" على "إنستغرام"، مشيرة إلى "التحذير الجدي الذي أطلقه عمال نفط وغاز أروندان" خلال تجمع 23 ديسمبر، أن "نقل حقل آزادغان إلى مجموعة خاصة ومصرفية يُعد جرس إنذار خطيرًا للأمن الوظيفي لأكثر من خمسة آلاف أسرة ولمستقبل إنتاج النفط في البلاد".
ونقلت الصفحة عن العمال المحتجين قولهم: "إدارة أكبر حقل نفطي في إيران تتطلب خبرة تشغيلية، لا قرارات مكتبية. التجارب المريرة لشركة هفت تبه ومجموعة فولاذ الأهواز لا تزال ماثلة أمام أعين المواطنين".
وكانت شركة سكر هفت تبه، التي تبلغ مساحتها نحو 25 ألف هكتار، قد نُقلت إلى القطاع الخاص عام 2015 مقابل دفعة أولى قدرها ستة مليارات تومان، إلى أوميد أسدبيغي ومهرداد رستمي جكيني.
وبعد الخصخصة، واجهت الشركة الزراعية- الصناعية مشكلات جسيمة، من بينها تأخر طويل في دفع الأجور، ما أدى إلى احتجاجات واسعة من قِبل العمال، اضطرت الحكومة في نهايتها إلى إلغاء الصفقة.
ووفقًا لما كتبته "صداي خوزستان"، طالب العمال المحتجون محافظ خوزستان باتخاذ إجراء فوري لمنع هذا النقل "تفاديًا لأضرار لا يمكن تداركها"، مؤكدين أن "آزادغان ثروة وطنية وليست ساحة للتجربة والخطأ".
وفي السياق نفسه، كتبت قناة "بيجواك كار إيران" على "تلغرام"، التابعة لاتحاد العمالية في الخارج، أن "نقل أكبر حقل نفطي مشترك في المنطقة إلى شركة حديثة التأسيس وتفتقر إلى الخبرة التشغيلية، هو امتداد لمسار الخصخصة، الذي رافقه في السنوات الماضية إضعاف حقوق العمال، وتوسيع نظام المقاولات، وخفض الأجور الحقيقية، وإلغاء الضمانات الوظيفية".
وأضافت القناة أن "التجربة المعيشة لعمال قطاع النفط تُظهر أن الخصخصة لم تكن بهدف رفع الكفاءة، بل لنقل الثروة العامة إلى شبكة محدودة من الشركات والمديرين المتحالفين".
زيارة مدير عام الحراسات في شركة النفط الوطنية
مع استمرار احتجاجات عمال شركة نفط وغاز أروندان، أفاد موقع "آواي جنوب" بأن المدير العام للحراسات في شركة النفط الوطنية الإيرانية، محمد رضا ناصري كريموند، زار محافظة خوزستان و"تفقد منشآت وأقسام الشركة المختلفة".
ولم يشر التقرير إلى هدف الزيارة، مكتفيًا بالقول إنه "جرى التأكيد على الدور الاستراتيجي للحراسات في الإنتاج المستدام، وحماية رأس المال البشري والمادي، وضرورة الحضور الفاعل لقوى الحراسة في المناطق التشغيلية، إضافة إلى بحث التحديات القائمة في هذا المجال".
وعادةً ما تُعد من مهام إدارات الحراسات في الصناعات والشركات والوزارات الإيرانية، مواجهة احتجاجات العمال والمتعاقدين.
وفي السياق ذاته، أصدر عمال ومتقاعدو مجموعة مصانع تبريز للآلات بيانًا، يوم الخميس 25 ديسمبر، احتجوا فيه على الإجراءات المتعلقة بـ "نقل شركات تصنيع الآلات ومسبكها في تبريز بصيغة الإيجار المنتهي بالتمليك".
وبحسب وكالة "إيلنا"، أشار البيان إلى أن عمال وموظفي مصانع تبريز يطالبون بـ "نقل 100 في المائة من أسهم هذه الشركات إلى العاملين فيها ضمن إطار تعاونية إنتاجية- تنموية، وفقًا للقانون ولمبدأ المادة 44 من الدستور".
وقد أسفرت سياسة الخصخصة، التي انطلقت بتوجيه من المرشد الإيراني، علي خامنئي، عن نتائج سلبية، من بينها إفلاس المصانع والشركات، وتأخر الأجور لأشهر طويلة، وتسريح العمال.
وأدت هذه الأوضاع إلى موجة واسعة من احتجاجات القوى العاملة في إيران.