وسط توتر متصاعد مع إسرائيل.. تناقض في الإعلام الإيراني حول بدء مناورة صاروخية للحرس الثوري

نشرت بعض وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية روايات متناقضة بشأن "بدء مناورة صاروخية" للحرس الثوري في عدة مناطق داخل إيران.

نشرت بعض وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية روايات متناقضة بشأن "بدء مناورة صاروخية" للحرس الثوري في عدة مناطق داخل إيران.
وكتبَت قناة "تلغرام" التابعة لوكالة "فارس" للأنباء، يوم الاثنين 22 ديسمبر (كانون الأول)، أن مشاهدات ميدانية وتقارير شعبية تشير إلى "اختبارات صاروخية في نقاط مختلفة من إيران".
وأضافت هذه الوكالة التابعة للحرس الثوري الإيراني أن تقارير وردت عن اختبار صواريخ في خرم آباد، ومهاباد، وأصفهان، وطهران، ومشهد.
وفي الوقت نفسه، كتبَت قناة "أخبار فيلق القدس" أن "صواريخ باليستية تُطلق حاليًا من غرب ووسط إيران".
ولم يُصدر الحرس الثوري أو أي جهة رسمية أخرى في إيران حتى الآن أي توضيح رسمي في هذا الشأن.
وفي المقابل، كتبت وكالة هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أن "الصور المتداولة لا تتعلق باختبار صاروخي، وهي غير صحيحة".
وفي 20 ديسمبر الجاري، أفادت "إيران إنترناشيونال"، نقلاً عن مصادر مطّلعة، بأن أجهزة استخبارات غربية رصدت تحركات غير اعتيادية في أنشطة القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري.
وقالت هذه المصادر إن هذه الأنشطة تشمل تحركات وتنسيقات تتجاوز الأنماط المعتادة، وتطال وحدات الطائرات المسيّرة، والصواريخ، والدفاع الجوي الإيراني.
وبحسب التقرير، فإن هذه التطورات رفعت مستوى الحساسية في رصد ومراقبة الأنشطة العسكرية الإيرانية.
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، يوم الأحد 21 ديسمبر الجاري، أن إسرائيل حذّرت الولايات المتحدة من المناورة الصاروخية للحرس الثوري، ووصفتها بأنها "غطاء للتحضير لهجوم" على إسرائيل.
كما أفادت شبكة "إن بي سي نيوز"، في 20 ديسمبر الجاري، بأن مسؤولين إسرائيليين يعتقدون أن النظام الإيراني يعمل على توسيع برنامج الصواريخ الباليستية، ولذلك يعتزم رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عرض خيارات لانضمام واشنطن إلى إسرائيل في هجوم محتمل على إيران.

قال القائد السابق للقوات البحرية الإسرائيلية، أليعازر ماروم، إن طهران تركز حاليًا بشكل كبير على إعادة بناء قدراتها الصاروخية، مؤكدًا أن على إسرائيل الرد على تهديدات النظام الإيراني "بشكل هجومي".
وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست"، فقد قال ماروم في مقابلة مع محطة إذاعية إسرائيلية، يوم الاثنين 22 ديسمبر (كانون الأول)، إن إسرائيل "لا يمكنها البقاء خلف حدودها، وانتظار تصاعد التهديدات على الجانب الآخر، بما في ذلك من دولة ثالثة مثل إيران".
وشدد قائلًا: "علينا الرد على مثل هذه التطورات برد هجومي".
وأضاف ماروم أن تهديد إيران "حقيقي جدًا"، وأن على إسرائيل تعديل عقيدتها الأمنية بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ بحيث تُعطى الأولوية للدفاع النشط والإجراءات الوقائية.
تهديد الصواريخ الباليستية الإيرانية
أشار القائد السابق للبحرية الإسرائيلية إلى البرنامج الصاروخي الإيراني، قائلًا إن "إسرائيل دمّرت خلال حرب الـ 12 يومًا جزءًا كبيرًا من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، إلا أن التهديد لا يزال قائمًا".
وأضاف: "كانت إيران تخطط لإطلاق ما بين 500 و600 صاروخ باليستي في وقت واحد، لكن هذا المخطط فشل نتيجة الجمع بين الإجراءات الهجومية والدفاعية الإسرائيلية، رغم أن بعض الصواريخ اخترقت وألحقت أضرارًا".
وتابع ماروم: "تلقت طهران ضربات قاسية ولم تعِد بناء مشروعها النووي، لكنها تركز بشدة على إعادة بناء قوتها الصاروخية الباليستية.. وإذا جلسنا وانتظرنا، فإن التهديد الإيراني سيتعاظم".
وتولى ماروم قيادة البحرية الإسرائيلية بين عامي 2007 و2011.
وجاءت تصريحاته بعد يوم واحد من إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أن بلاده ستهاجم أعداءها "حيثما دعت الحاجة".
واعتبر موقع تايمز أوف إسرائيل أن تصريحات زامير تلمّح إلى ضرورة شن هجوم جديد على إيران.
وفي 20 ديسمبر الجاري، أفادت شبكة "إن بي سي نيوز"، نقلاً عن مصادر مطلعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يستعد لتقديم تقرير إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول خيارات توجيه ضربة جديدة لإيران.
ومن المتوقع أن يلتقي ترامب ونتنياهو أواخر الشهر الجاري في مقر إقامة الرئيس الأميركي في فلوريدا.
وفي المقابل، نقلت وكالة "مهر" الحكومية الإيرانية، يوم الاثنين 22 ديسمبر، عن مصدر إيراني مطلع، قوله إن "الترويج لخيار عسكري وشيك" ليس سوى "جولة جديدة من الحرب النفسية الإسرائيلية" ضد إيران.
وأضاف المصدر: "لا توجد أدلة ميدانية على استعداد عملي لعمل عسكري مباشر".
وخلال الأسابيع الأخيرة، صدرت تقارير عديدة تفيد بسعي إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية.
وفي 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أفادت "وكالة الأخبار اليهودية" بأن المؤشرات تدل على إعادة إيران بناء قدراتها الصاروخية، وأن أجهزة الاستخبارات الغربية رصدت زيادة ملحوظة في دخول مواد ذات استخدام مزدوج إلى البلاد.
كما ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، بأنه خلال الأشهر الماضية، توجهت 10 إلى 12 شحنة من الموانئ الصينية إلى ميناء "بندر عباس، جنوب إيران، والتي استوردت أكثر من ألفي طن من المواد اللازمة لإنتاج وقود الصواريخ.

أكدت وزارة الخارجية النرويجية اعتقال إحدى مواطناتها في إيران، وأعلنت أنه لا يمكن الكشف عن مزيد من التفاصيل لأسباب تتعلق بالسرية.
وفي ردّ على "إيران إنترناشيونال"، وشدّد المتحدث باسم وزارة الخارجية النرويجية مجددًا على توصية حكومة بلاده لمواطنيها بالامتناع عن السفر إلى إيران.
وجاء ذلك رغم أن حكومة الرئيس الإيراني، برئاسة مسعود بزشكيان، كانت قد دعت الإيرانيين في الخارج للعودة إلى الوطن، إلا أن هؤلاء المواطنين يتفاجؤون عند عودتهم بتعرضهم للاعتقال، سواء في المطارات أو بمقار إقامتهم، أو فرض حظر سفر عليهم.
وكان موقع "هرانا" الحقوقي قد أفاد بأن شهين محمودي، وهي مواطنة إيرانية- نرويجية مزدوجة الجنسية، اعتُقلت يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) بعد استدعائها هاتفيًا إلى دائرة الاستخبارات في مدينة سقز، ثم نُقلت إلى مركز احتجاز تابع لاستخبارات سنندج.
وبحسب الموقع ذاته، ومع مرور ثمانية أيام على اعتقالها، فلا تزال محمودي قيد الاحتجاز ووضعها غير محسوم، فيما لم تتلقَ عائلتها حتى الآن أي معلومات حول أسباب اعتقالها أو التهم المحتملة الموجهة إليها أو وضعها الصحي.
وذكر الموقع أن محمودي سافرت من النرويج إلى إيران في 28 نوفمبر (تشرن الثاني) الماضي، وتبع ذلك اعتقالها وفتح ملف قضائي ضدها.
ويأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من تأكيد السويد اعتقال أحد مواطنيها في إيران، بعد أن كشفت السلطة القضائية الإيرانية عن تفاصيل قضية مواطن إيراني- سويدي متهم بالتجسس لصالح إسرائيل.
أكدت وزارة الخارجية السويدية، في ردّها على "إيران إنترناشيونال"، اعتقال أحد مواطنيها في طهران، وهو مواطن سويدي- إيراني مزدوج الجنسية، وقالت إن السفارة ووزارة الخارجية السويدية على تواصل مع عائلة هذا المعتقل.
وكان مساعد حقوق الإنسان والشؤون الدولية في وزارة العدل الإيرانية، عسكر جلاليان، قد قال استنادًا إلى دراسات حكومية "علمية وفنية"، إن "أقل من 2 في المائة، وتحديداً 1.8 في المائة" من الإيرانيين المقيمين خارج البلاد لديهم "ملفات سياسية أو أمنية".
وأوضح جلاليان، في مقابلة نشرتها وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية يوم الأحد 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن الجالية الإيرانية في الخارج "ليست مجتمعًا إشكاليًا"، مؤكداً أن أكثر من 98 في المائة منهم "لا يواجهون أي مشكلات".
وأضاف أن نسبة "أقل من 2 في المائة" ممن لديهم ملفات أمنية أو سياسية "لا تشكل رقماً ذا دلالة"، مشددًا على أنه "لا ينبغي النظر إلى الإيرانيين في الخارج كتهديد". واعتبر أن مصدر القلق الحقيقي هو "مشروع إيرانوفوبيا" الذي قال إن "معاندين ومناهضين وأعداء البلاد يروجون له دوليًا وإعلاميًا".
تأتي تصريحات هذا المسؤول رغم توثيق حالات عديدة خلال السنوات الماضية لإيرانيين عادوا إلى البلاد، فتمّ اعتقالهم أو سجنهم أو فرض حظر سفر عليهم. ومن بين هؤلاء: آفرين (معصومة) مهاجر، وهي إيرانية-أميركية تبلغ 70 عاماً، ورضا وليزاده، وهو أيضاً إيراني-أميركي، إضافة إلى نسرين روشن، مواطنة إيرانية-بريطانية، والصحفي كيانوش سنجري. وقد ساهمت هذه الحالات، إلى جانب تقارير عن ضغوط أمنية ومنع من السفر، في تعميق مخاوف الجالية من العودة.
"اطلبوا العفو من خامنئي"
وحول التعامل مع الإيرانيين في الخارج الذين يملكون ملفات "سياسية أو أمنية"، قال جلاليان إن الجهات المختصة مثل النيابة العامة ووزارة الاستخبارات والشرطة "تتعامل وفق طبيعة الجرائم والملفات". وأضاف: "مسار من يواجه قضايا أمنية أو استخباراتية واضح ومحدد".
ووصف قانون "دعم الإيرانيين في الخارج" بأنه "قانون مهم"، مشيرًا إلى أن مادته السادسة تُلزم السلطة القضائية بإطلاق منصة إلكترونية تتيح لأي إيراني حول العالم تقديم الشكاوى والدعاوى والاعتراضات ومتابعتها عن بُعد.
وأشار إلى أن الإيرانيين المقيمين في الخارج والذين يواجهون أحكاماً قضائية داخل البلاد يمكنهم تقديم طلبات للاستفادة من "عفو المرشد ".
وكان جلاليان قد قال سابقًا في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن الذين غادروا إيران لأسباب سياسية "يمكنهم العودة"، لكنه أقرّ بأن احتمال معاقبتهم "قائم".
الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع
وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية بعدم التعامل الأمني مع المهاجرين، تشير تجارب عديدة ونتائج أبحاث اجتماعية إلى واقع مختلف. ففي دراسة بعنوان "هجرة الإيرانيين: الأسباب والدوافع" نُشرت في ديسمبر 2024 وشملت أكثر من 12 ألف مشارك، قال نحو 19 في المائة إنهم يعيشون خارج البلاد، ولم يبدِ سوى خمسهم رغبة في العودة. كما أظهرت الدراسة أن 16 في المائة فقط من الإيرانيين لا يفكرون في الهجرة.
وتعكس هذه المعطيات، إلى جانب التباين الواضح بين الخطاب الرسمي والمخاوف الأمنية التي يعيشها الإيرانيون في الخارج، أحد أهم أسباب استمرار فقدان الثقة في إمكانية العودة الآمنة إلى البلاد.

ذكر وزير الخارجية الإيراني الأسبق وأحد الشخصيات المؤثرة في بلورة الاتفاق النووي السابق (2015)، محمد جواد ظريف، في مقال، أن يمكن التوصل إلى اتفاق يضمن ألا تتجه طهران أبدًا نحو تصنيع سلاح نووي، شريطة أن تمتنع واشنطن عن شن "حرب عسكرية أو اقتصادية" ضد إيران.
ونُشر المقال المشترك لظريف وطالب كلية الدراسات العالمية في جامعة طهران، أميربارسا كرمسيري، يوم الاثنين 22 ديسمبر (كانون الأول)، في مجلة "فورين أفيرز".
ويغلب على هذا المقال تكرار المواقف الرسمية للنظام الإيراني، ومن بينها التأكيد على فشل سياسات أميركا تجاه طهران، والقول إن "الولايات المتحدة وأوروبا زادتا من التوترات الإقليمية والعالمية، دون أن تحققا أيًّا من أهدافهما المعلنة".
وأشار ظريف، في تلميح غير مباشر إلى الهجمات الأميركية والإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، إلى أن "على الولايات المتحدة أن تدرك أنها لا تستطيع تدمير القدرات الكبيرة لإيران، لأن معظم هذه القدرات محلية وقابلة لإعادة البناء".
وجاء نشر هذا المقال في وقت تصاعدت فيه خلال الأيام الأخيرة التكهنات بشأن احتمال شن هجوم جديد من قِبل أميركا وإسرائيل على إيران.
الإصرار على التخصيب داخل الأراضي الإيرانية
تطرق ظريف إلى آفاق المفاوضات بين إيران وأميركا، قائلاً: "يمكن للبلدين الاتفاق على هدفين مشتركين: ألا تصنع إيران أبدًا سلاحًا نوويًا، وألا تهدد الولايات المتحدة إيران بحرب عسكرية أو اقتصادية، أو تُقدم على شنها".
وأضاف أنه لتحقيق هذين الهدفين "يمكن لإيران أن تقترح مزيدًا من الشفافية، وفرض قيود على التخصيب، وإمكانية إنشاء آلية إقليمية مثل كونسورتيوم للتخصيب. وفي المقابل، يجب على الولايات المتحدة رفع عقوباتها والسماح برفع عقوبات الأمم المتحدة أيضًا".
وعلى هذا يمكن فهم طرح ظريف موضوع "القيود على التخصيب" على أنه إصرار من طهران على استمرار تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، وهو الملف الذي دفع المفاوضات السابقة مع واشنطن إلى طريق مسدود.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد شددت مرارًا، خلال المفاوضات النووية، على أنه لا بد من خفض تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى "الصفر".
التفاوض لاحتواء الخلافات لا لإقامة علاقة ودّية
دعا ظريف، في مقاله، إلى "حوار مباشر جديد" بين طهران وواشنطن، مؤكدًا في الوقت نفسه أن هدف هذه المفاوضات ليس "إقامة علاقة ودّية" بين الطرفين.
وكتب: "إن إيران والولايات المتحدة لديهما خلافات متجذرة وغير قابلة للحل في الهوية والأيديولوجيا، ولا يستطيع أيٌّ منهما أن يستسلم فعليًا".
وأضاف وزير الخارجية السابق أن طهران لا يمكنها في مثل هذه المفاوضات سوى اتباع سياسة "إدارة واحتواء الخلافات مع أميركا".
ويأتي طرح ظريف لفكرة التفاوض المباشر بين طهران وواشنطن في وقت كان المرشد الإيراني، علي خامنئي، قد رفض، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي الحوار المباشر، مؤكدًا أن "جوهر القضية هو عداوة أميركا"، وأن هذه العداوة "غير قابلة للحل" عبر أدوات من قبيل التفاوض.
اقتراح اتفاق نووي جديد
اقترح ظريف التوصل إلى "اتفاق نووي مُحدّث" بين إيران وأميركا، يمكن في إطاره أن يخطو الطرفان خطوات نحو معالجة "قضايا صعبة أخرى، مثل الأمن الإقليمي، وضبط التسلح، ومكافحة الإرهاب".
وكتب: "على سبيل المثال، قد يُطلب من إيران أن تتعهد بعدم شن هجوم على أميركا أو حلفائها الإقليميين؛ وفي المقابل، تقدم أميركا وشركاؤها ضمانات متبادلة".
وجاء في موضع آخر من المقال: "قد تلتزم طهران أيضًا، على أساس تعهد متبادل، بألا تستخدم قدراتها العسكرية إلا في إطار الدفاع عن النفس في مواجهة هجوم مسلح".
واعتبر ظريف أن "الوجود التهديدي للولايات المتحدة حول إيران، والتدفق غير المسبوق للأسلحة الأميركية المتطورة إلى المنطقة"، يشكلان "هواجس أمنية" للنظام الإيراني، داعيًا واشنطن إلى أخذ مخاوف طهران في هذا الشأن بعين الاعتبار.
تكرار الاتهامات ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية
كرر ظريف، في مقاله، الاتهامات، التي وجّهها مسؤولو النظام الإيراني، خلال الأشهر الأخيرة، إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكتب: "المسؤولون الإيرانيون محقّون في قلقهم من أن أي معلومات تُقدّم إلى الوكالة قد تُستخدم لأغراض الاستهداف العسكري".
وأضاف، مكررًا المواقف السابقة لحكومة إيران، أن "المعلومات السرية" المتعلقة بالبرنامج النووي لطهران "تسرّبت في السابق من الوكالة إلى الخارج".
ومع ذلك، أكد ظريف أن النظام الإيراني يمكنه، من خلال "مزيد من الشفافية" بشأن برنامجه النووي، و"التعاون المناسب" مع الوكالة، تسهيل مسار التوصل إلى اتفاق.
وبعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، تحولت مسألة مخزونات اليورانيوم المخصّب التابعة لإيران إلى تحدٍّ جدي أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، قد قال يوم السبت 20 ديسمبر (كانون الأول)، إن طلب الوكالة تفتيش المنشآت النووية الإيرانية التي تعرّضت للقصف "غير معقول".

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، ردًا على تقارير عن التركيز على البرنامج الصاروخي لطهران، في اللقاء المرتقب بين رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، واحتمال شن هجوم جديد على إيران، إن "قدراتنا الصاروخية غير قابلة للتفاوض".
وأوضح بقائي، يوم الاثنين 22 ديسمبر (كانون الأول)، في مؤتمر صحافي أن البرنامج الصاروخي الإيراني طُوِّر بهدف "الدفاع عن الأمن القومي"، ولذلك فهو ليس موضع "تفاوض أو مساومة".
وأضاف أن هذه القدرات تشكّلت لمنع "أي اعتداء محتمل"، وهي "غير قابلة للمساس".
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، في معرض حديثه عن التكهنات بشأن هجوم جديد على بلاده، إلى أن "التهيئة الإعلامية جزء من حرب مركّبة ضد إيران. ومع ذلك، فإن القوات المسلحة في البلاد، وهي في أعلى درجات الجاهزية، تعرف مهامها على نحو جيد".
وكان السيناتور الجمهوري الأميركي، ليندسي غراهام، قد أعلن يوم الأحد 21 ديسمبر، خلال زيارته إلى إسرائيل، وجود أدلة تشير إلى سعي النظام الإيراني لتخصيب اليورانيوم وإحياء برنامجه الصاروخي.
وأضاف أنه إذا تأكد ذلك، فيجب مهاجمة إيران قبل أن يصبح هذا الأمر واقعًا عمليًا.
وأفادت شبكة "إن بي سي نيوز"، يوم السبت 20 ديسمبر الجاري، بأن مسؤولين إسرائيليين يعتقدون أن النظام الإيراني يعمل على توسيع برنامج صواريخه الباليستية، وأنهم يعتزمون، في اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب، عرض خيارات على الرئيس الأميركي لانضمام واشنطن إلى إسرائيل أو مساعدتها في هجوم محتمل على إيران.
كما كتب موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، يوم الأحد 21 ديسمبر، تأكيدًا لتقرير "إيران إنترناشيونال" حول رصد تحركات جوية غير اعتيادية للحرس الثوري، أن حكومة نتنياهو حذّرت أميركا من مناورات صاروخية للحرس الثوري، ووصفتها بأنها "غطاء للتحضير لهجوم" محتمل على إسرائيل.
بقائي يستبعد تفتيش المنشآت التي تعرّضت للقصف
في سياق متصل، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية التقارير بشأن دور طهران في مقتل العالم النووي اليهودي، نونو لوريرو، في أميركا، وقال: "المجرمون يظنون الجميع على شاكلتهم".
وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قد أفادت، في 17 ديسمبر الجاري، بأن مسؤولين إسرائيليين يدرسون معلومات عن ارتباط محتمل لإيران بمقتل هذا العالم النووي البارز في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وتطرق بقائي، في هذا المؤتمر الصحافي، إلى آفاق العلاقات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك إلى التصريحات الأخيرة للمدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، بشأن العراقيل التي يضعها النظام الإيراني أمام تفتيش المنشآت التي تعرّضت للقصف في إيران.
وقال: "لا يوجد سبب لتشكّل أزمة، لأن الأمر واضح: ما دمنا عضوًا في معاهدة عدم الانتشار وملتزمين باتفاقية الضمانات الشاملة، فإننا نعرف جيدًا كيف ننفذ التزاماتنا".
وكان غروسي قد قال في 15 ديسمبر، في مقابلة مع وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، إن أنشطة الوكالة في إيران محدودة جدًا، وإن المفتشين لا يملكون سوى إمكانية الوصول إلى المنشآت التي لم تكن هدفًا لهجمات أميركا وإسرائيل.
كما رفض، يوم السبت 20 ديسمبر، رواية طهران بشأن "عدم أمان" هذه المواقع وعدم إمكانية الوصول إليها.
وأضاف بقائي أنه لا توجد أي "لائحة إجرائية" بشأن كيفية تفتيش المنشآت المتضررة، وأن إصرار غروسي على تفتيش مواقع فوردو ونطنز وأصفهان يدل على أنه "يسعى إلى استغلال سياسي" لهذا الملف.
وانتقد بقائي مواقف الوكالة قائلاً: "على مدى فترة طويلة خضعت منشآتنا لأكبر عدد من عمليات التفتيش من جانب الوكالة، لكنهم لم يؤدوا مسؤولياتهم، ولم يتخذوا أي موقف ضد أميركا وإسرائيل إزاء إجراءاتهما ضد المنشآت النووية الإيرانية".
وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 8 ديسمبر الجاري، إن استئناف عمليات تفتيش الوكالة غير ممكن في الوقت الراهن، لأنه لا توجد "أي بروتوكولات أو تعليمات" لتفتيش المنشآت التي وصفها بأنها "سلمية".
وكان غروسي قد أكد في وقت سابق أن طهران لا تزال تمتلك القدرة على تصنيع سلاح نووي.
كما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 31 مايو (أيار) وقبل اندلاع "حرب الـ 12 يومًا"، في تقرير سري، أن إيران قامت بأنشطة نووية سرية في ثلاثة مواقع تخضع للتحقيق منذ فترة طويلة.
وأفاد موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي، في 19 ديسمبر الجاري، بأن إيران كان تجري أبحاثًا لتطوير الجيل الرابع من الأسلحة النووية على أساس الاندماج النووي الخالص، قبل الحرب التي استمرت 12 يومًا.
وبحسب هذا التقرير، فإن هذه الأبحاث كانت تتعلق بنوع جديد تمامًا من السلاح النووي لم تنجح أي دولة حتى الآن في إنتاجه.

أفادت وكالة "هرانا"، المعنية بحقوق الإنسان في إيران، بأن مواطنة تحمل الجنسيتين الإيرانية والنرويجية تم اعتقالها بعد استدعائها إلى مكتب وزارة الاستخبارات في مدينة سقز، بمحافظة كردستان في إيران.
وحددت "هرانا"، يوم الأحد 21 ديسمبر (كانون الأول)، هوية المرأة باسم شاهين محمودي، فيما ورد اسمها في وثائق الهوية النرويجية باسم شاين محمودي.
وذكرت الوكالة أن محمودي تم استدعاؤها هاتفيًا إلى مكتب وزارة الاستخبارات في مدينة سقز، يوم الأحد الماضي، واعتقلت عند الظهيرة تقريبًا بعد توجهها إلى الجهة الأمنية.
وقد نُقلت لاحقًا إلى مركز احتجاز وزارة الاستخبارات في المدينة المجاورة سنندج.
وبحسب "هرانا" لم تُبلغ السلطات عائلة محمودي بتهم اعتقالها، ولا تزال عائلتها غير مطلعة على أسباب الاحتجاز أو حالتها الصحية أو مجريات الإجراءات القانونية ضدها.
وقالت الوكالة إن محمودي سافرت من النرويج إلى إيران في 28 نوفمبر (تشرن الثاني) الماضي، وتبع ذلك اعتقالها وفتح ملف قضائي ضدها.
ويأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من تأكيد السويد اعتقال أحد مواطنيها في إيران، بعد أن كشفت السلطة القضائية الإيرانية عن تفاصيل قضية مواطن إيراني- سويدي متهم بالتجسس لصالح إسرائيل.
أكدت وزارة الخارجية السويدية، في ردّها على "إيران إنترناشيونال"، اعتقال أحد مواطنيها في طهران، وهو مواطن سويدي- إيراني مزدوج الجنسية، وقالت إن السفارة ووزارة الخارجية السويدية على تواصل مع عائلة هذا المعتقل.
وجاء في هذا الرد، الذي أُرسل باسم وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، أن هذا المواطن يحظى بخدمات "محامٍ قانوني"، إلا أنه، وبسبب اعتبارات قنصلية ولتجنّب الإخلال بسير متابعة القضية، لا يمكن تقديم مزيد من التفاصيل في الوقت الراهن.
وكانت السويد قد حذّرت سابقًا من خطر الاعتقالات التعسفية، ودعت مواطنيها إلى الامتناع عن السفر إلى إيران.
وجاء ذلك بعدما أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغير، اعتقال مواطن مزدوج الجنسية إيراني- سويدي بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل"، وقال إن الحكم في هذه القضية سيصدر قريبًا.
وقال جهانغير، يوم الثلاثاء 16 ديسمبر الجاري، إن هذه القضية نُظرت في الفرع الثاني من محكمة الثورة في مدينة كرج، مشيرًا إلى أن الشخص المعتقل حصل على الجنسية السويدية عام 2020 وأقام في هذا البلد منذ ذلك الحين.
ووصف السلطة القضائية الإيرانية اعتقال هذا المواطن مزدوج الجنسية بأنه جزء مما يسميه "شبكة تجسس واسعة" خلال وبعد "حرب الـ 12 يومًا".
وقال مسؤولون إيرانيون إنه بعد هذه المواجهة، التي رافقتها أيضًا ضربات جوية أميركية على منشآت نووية إيرانية، جرى اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس أو التعاون مع إسرائيل.
وأعلنت منظمة استخبارات الحرس الثوري، في 11 ديسمبر، تفكيك شبكات قالت إنها "شبكات تجسس أميركية وإسرائيلية" داخل إيران.
كما أقرّ البرلمان الإيراني، في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، مشروع قانون طارئًا يتيح النظر في قضايا التجسس وفق قوانين زمن الحرب.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام في القضايا المرتبطة بالتجسس.
وتقول السلطة القضائية الإيرانية إن الأشخاص الذين أُعدموا في الأشهر الأخيرة كانوا مدانين بتهم من قبيل "الحرابة" و"التعاون مع دول معادية".
وفي المقابل، أعلنت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، إلى جانب منظمات حقوقية دولية، أن ما لا يقل عن 12 شخصًا أُعدموا خلال العام الجاري بتهمة التجسس، وأعربوا عن قلقهم إزاء غياب المحاكمات العادلة في هذه القضايا.
