وأشار "واي نت"، في سياق تناوله الطلبات الأخيرة التي قدّمها عدد من قادة الجماعات المسلحة العراقية المدعومة من طهران لوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الحكومة العراقية المقبلة، إلى تساؤل مفاده ما إذا كانت بعض فصائل ما يُعرف بـ"محور المقاومة" تشهد تحولًا حقيقيًا في استراتيجيتها، أم أنها تكتفي بإصدار بيانات محسوبة تحت وطأة الضغوط الداخلية والدولية.
وجاء في تقرير الموقع الصادر السبت 20 ديسمبر أن هذا الموقف الجديد "مفاجئ، في ضوء الرفض الطويل الأمد لهذه الميليشيات لنزع السلاح، وتماهيها مع القوى المعادية لأميركا، وإصرارها على الانسحاب الكامل للولايات المتحدة من العراق”.
وقال قيس الخزعلي، الأمين العام لـ"شبكة الخزعلي" والشخصية السياسية النافذة التي تمتلك 27 مقعدًا في البرلمان العراقي، يوم الخميس 18 ديسمبر، إن تسليم الأسلحة إلى الدولة هو مطلب حكومي، متعهدًا بأن تعمل جماعته على تنفيذ ذلك في المستقبل القريب.
وأضاف "واي نت"، نقلًا عن تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية يوم الجمعة، أن رسائل مماثلة صدرت عن حيدر الغراوي، رئيس ميليشيا "أنصار الله الأوفياء"، وشبل الزيدي، قائد "ألوية الإمام علي”.
وبحسب "الشرق الأوسط"، فإن المجموعات الثلاث جميعها جزء من "الإطار التنسيقي الشيعي"، وهو ائتلاف يضم معظم الأحزاب الشيعية في العراق ويقود حاليًا الائتلاف الحاكم في البلاد. كما أن هذه الجماعات مصنّفة من قبل الولايات المتحدة منظمات إرهابية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التداخل عزّز التكهنات بأن المواقف الأخيرة لهذه الجماعات تعكس هدف واشنطن، لا سيما أن الولايات المتحدة كانت قد أعلنت سابقًا بشكل صريح أنها لن تقبل بمشاركة الميليشيات المتحالفة مع النظام الإيراني في الحكومة العراقية المقبلة.
ونقلت "الشرق الأوسط" عن المحلل السياسي العراقي نزار حيدر قوله إن مطالب قادة الميليشيات بحصر السلاح تحت إشراف الدولة تنبع من إدراكهم للموقف الحازم للولايات المتحدة.
وبحسب قول حيدر، فإن الفصائل الشيعية باتت تدرك على نحو متزايد أن واشنطن لن تتعامل مع حكومة تضم هذه الجماعات، وهو ما دفع الميليشيات إلى بدء ما وصفه بـ"سباق مع الزمن" لإظهار حسن النية.
وقسّم حيدر الميليشيات إلى فئتين رئيستين. الفئة الأولى تضم الجماعات التي تسعى للانتقال من كونها تشكيلات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة إلى عناصر معترف بها ضمن البنية الأمنية الرسمية في العراق. واعتبر أن دعم هذه الجماعات لحصر السلاح بيد الدولة نابع من رغبتها في نيل شرعية دولية.
أما الفئة الثانية، بحسب قول حيدر، فتضم ميليشيات شاركت في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، لكنها لا تزال لا تعتبر نفسها جزءًا من العملية السياسية. وتواصل هذه الجماعات استخدام الخطاب التقليدي لـ"محور المقاومة"، وتسعى إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والاقتصادية والأمنية قبل اندماجها الرسمي في مؤسسات الدولة.
وفي حديث آخر لـ"الشرق الأوسط"، شبّه خبير آخر رسائل الميليشيات العراقية برسائل حزب الله اللبناني، مضيفًا أن هذه الجماعات تحاول تصوير مسألة نزع السلاح أو أي تغيير في موقفها على أنه مسار داخلي بحت، وليس نتيجة ضغوط أميركية أو تدخل أطراف خارجية.
وذكرت "الشرق الأوسط" في تقرير آخر نشرته السبت أن الحكومة العراقية وقوى سياسية نافذة تلقت خلال الأسبوعين الماضيين "تحذيرين غير اعتياديين، أحدهما من دولة عربية والآخر من جهاز استخبارات غربي"، حذّرا من "هجمات عسكرية وشيكة وواسعة النطاق على الأراضي العراقية”.
وبحسب مصادر استندت إليها الصحيفة، فإن الرسالة الأولى جاءت من الدولة العربية التي لم يُكشف عن اسمها.
وحذّرت تلك الدولة العربية من أن بغداد تقف على أعتاب استهدافها في عملية عسكرية مشابهة للهجوم الإسرائيلي على الدوحة، عاصمة قطر، في سبتمبر من العام الجاري.
وأفاد التقرير بأن "مستوى التهديد بالغ الخطورة"، وأن إسرائيل، وفقًا للتقارير، تقول إنها حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة للتحرك بشكل أحادي.
وأضافت الصحيفة أنه بعد أيام، تلقّى مسؤولون عراقيون على ما يبدو ملفًا ضخمًا من جهاز استخبارات غربي، تضمن قوائم مفصّلة أعدّها جهاز استخباراتي إسرائيلي.
وتضمّن هذا الملف معلومات واسعة عن الميليشيات العراقية.
وبحسب التقرير، أبلغ جهاز الاستخبارات الغربي بغداد بأن إسرائيل تستعد لعملية عسكرية واسعة.
ونقل التقرير عن زعيم شيعي مرتبط بـ"الإطار التنسيقي الشيعي" قوله إن هذه التحذيرات المزدوجة دفعت الفصائل الشيعية في العراق إلى تسريع الجهود الرامية لمعالجة ملف نزع السلاح.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن الخلافات لا تزال قائمة بشأن كيفية تنفيذ عملية نزع السلاح، والجهة الحكومية التي ستتولى الإشراف على هذا المسار.
معارضة كتائب حزب الله لنزع السلاح
أعلنت "كتائب حزب الله"، إحدى أقوى الميليشيات الموالية للنظام الإيراني في العراق، أنه "ما لم تنسحب جميع قوات الاحتلال، بما في ذلك قوات الناتو والوحدات العسكرية التركية، فلن يكون أي اتفاق مع الحكومة العراقية ممكنًا”.
وقالت الجماعة في بيان لها: "المقاومة حق، وسلاحها سيبقى في أيدي مقاتليها”.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت في بيان صدر في 9 أكتوبر أن "النظام الإيراني يعتمد على عدد من الميليشيات العراقية التابعة له، من بينها جماعة كتائب حزب الله المصنّفة منظمة إرهابية أجنبية والخاضعة لعقوبات الولايات المتحدة، من أجل اختراق الأجهزة الأمنية والاقتصاد العراقي”.
وتُعد هذه الجماعة المسلحة، المعروفة أيضًا باسم "ألوية حزب الله" والتابعة لهيئة الحشد الشعبي، ميليشيا شيعية عراقية تأسست عام 2007. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها، فيما يواصل النظام الإيراني دعمها على نطاق واسع ماليًا ومن خلال تزويدها بالسلاح والتدريب.