غرام واحد من الذهب يعادل راتب شهر كامل للعمال الإيرانيين

قال ممثل العمال الإيرانيين إن ارتفاع الأسعار أدى إلى تآكل الأجور إلى درجة أصبح فيها غرام واحد من الذهب يعادل راتب الحد الأدنى لشهر كامل للعامل

قال ممثل العمال الإيرانيين إن ارتفاع الأسعار أدى إلى تآكل الأجور إلى درجة أصبح فيها غرام واحد من الذهب يعادل راتب الحد الأدنى لشهر كامل للعامل
وصرح حبيب صادقزاده تبريزي، مفتش المجلس الأعلى لمجالس العمل الإسلامية في البلاد، قائلاً: "اليوم، غرام واحد من الذهب يعادل راتب الحد الأدنى لشهر كامل للعامل."
وأضاف أن انهيار الأجور الحقيقية بلغ مستوى لم تعد فيه عبارة "تقليص مائدة العشاء" كافية لوصف الواقع، إذ إن كثيرًا من العمال باتوا عمليًا بلا مائدة عشاء من الأساس.
وأشار إلى أن الذهب يُتداول حالياً عند نحو 135.5 مليون ريال للغرام الواحد – أي ما يعادل حوالي 104 دولارات وفق أسعار الصرف الحالية، مع اقتراب سعر الدولار من 1.3 مليون ريال – ما جعل الفجوة بين الأجور الرسمية وتكاليف المعيشة الفعلية لا تُحتمل.
وأكد أن التضخم الجامح قد أفرغ المادة 41 من قانون العمل الإيراني – والتي تهدف إلى ربط الأجور بالتضخم وتكاليف المعيشة – من أي معنى عملي، مضيفاً أن الرواتب تفقد قيمتها حتى قبل أن تُصرف.
وأوضح صادقزاده أن الأجور للعام الحالي جرى تحديدها حين كان سعر الدولار يقارب 850 ألف ريال، غير أن الانهيارات اللاحقة في قيمة العملة تجاوزت تلك التقديرات، ما أفقد العمال القدرة حتى على التخطيط لأبسط نفقاتهم اليومية.
وقال: "إذا استمر هذا الاتجاه، فلن يدمر فقط سبل عيش العمال، بل سيقوض الإنتاج والاقتصاد الأوسع أيضاً."
وأضاف أن الإعفاءات الضريبية العادلة وتعديل الأجور بما يتناسب مع التضخم الحقيقي أصبحت الآن ضرورة وطنية، وليست مجرد مطلب قطاعي.


أفادت صحيفة تصدر في طهران بأن الفقر واتساع الفجوة الطبقية في إيران تفاقما بشدة نتيجة تشديد العقوبات الدولية، مشيرةً إلى أن 29 في المائة من ثروة البلاد تتركّز في يد 1 في المائة من السكان.
وكتبت صحيفة "دنياي اقتصاد"، في تقرير لها، أن القرار الأميركي الأخير بإدراج أسماء 29 ناقلة نفط إيرانية على قائمة العقوبات سيؤدي إلى "إغلاق عنق الزجاجة في الاقتصاد الوطني"، وسيُفضي إلى "انخفاض حاد في إيرادات إيران من العملات الأجنبية".
وفي 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 29 سفينة، إضافة إلى الشركات التي تتولى إدارتها. وتُعد هذه الشركات والسفن جزءًا من "أسطول الظل" التابع لإيران، الذي يصدّر النفط والمنتجات البتروكيماوية بصورة غير قانونية ويتحايل على العقوبات المفروضة على طهران.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن هذه السفن والشركات نقلت مئات ملايين الدولارات من هذه المنتجات باستخدام "أساليب خادعة".
ارتفاع أسعار العملة والذهب مؤشر على اتساع رقعة الفقر
وذكرت "دنياي اقتصاد" أن الارتفاع المتواصل في أسعار العملات الأجنبية والذهب في السوق الحرة الإيرانية يُعد مؤشرًا على اتساع الفقر، مرجّحةً أن التضخم المتسارع الناتج عن هذه القفزات السعرية سيزيد الضغوط على الأسر الإيرانية، خلال الأشهر المقبلة.
وخلال الأسابيع الماضية، شهدت أسواق العملات والذهب في إيران موجة صعود حادة، سجّلت خلالها أرقامًا قياسية متتالية.
كما زاد التضخم المنفلت من المخاوف بشأن تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران، وهي وتيرة تسارعت عقب عودة عقوبات الأمم المتحدة، وإصرار المسؤولين الإيرانيين على مواصلة البرنامج النووي.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في إيران بمعدل يزيد على 66 بالمائة في المتوسط.
وقال الباحث الاقتصادي المقيم في إيران، علي حيدري، لصحيفة "دنياي اقتصاد": "على صعيد التفاوت الطبقي، تعيش إيران وضعًا مضطربًا مقارنة بالمتوسط العالمي، إذ إن 29 في المائة من ثروة البلاد بيد 1 في المائة من السكان".
الفجوة الطبقية في إيران
وأضاف حيدري بشأن معدلات الفقر: "في (2022- 2023) كان نحو 26 في المائة من سكان إيران تحت خط الفقر، لكن هذه النسبة ارتفعت في (2023- 2024) إلى 36 في المائة".
وأوضح أنه خلال العام الماضي كان أكثر من 31 مليون شخص في إيران تحت خط الفقر، مؤكّدًا أنه "إذا توفرت بيانات (2024- 2025)، فمن المؤكد أن عددًا أكبر من السكان سينزلق إلى ما دون خط الفقر".
مَن الخاسرون ومَن المستفيدون؟
اعتبر الباحث الاقتصادي أن العبء الأكبر للأوضاع الاقتصادية الراهنة يقع على عاتق المتقاعدين والعمال وحتى الموظفين.
وقال: "في ظل العقوبات، تحاول الورش والمؤسسات إمّا تقليص عدد العمال أو خفض نوبات العمل، ما يؤدي إلى تفاقم الفقر".
وأشار حيدري إلى أن "المحتكرين" من بين الفئات التي تستفيد من الظروف الحالية.
وأضاف موضحًا أسباب اتساع الفجوة الطبقية: "إن النظام الضريبي في إيران يشجّع الأنشطة غير المنتِجة والخفية وتحت الأرض، في حين تسعى دول العالم إلى فرض ضرائب مرتفعة على الأنشطة غير المنتِجة وغير الرسمية لتشجيع الاستثمار والإيداع".
وأكد: "عندما يصبح النظام الضريبي نفسه داعمًا للمضاربة، تتفاقم الأنشطة غير الشفافة، ويمكن القول إن جزءًا كبيرًا من الثروات المتراكمة لدى الأفراد ناتج عن غياب الشفافية والتستّر".
وخلال السنوات الماضية، نُشرت تقارير متعددة تفيد بأن محاولات طهران الالتفاف على العقوبات أدّت إلى تفشي واسع للفساد الاقتصادي في إيران.
ويشجّع النظام الإيراني التحايل على العقوبات، ويعتبره أداة لإظهار "صموده" في مواجهة المجتمع الدولي.

أعلنت جمعية الصيادلة الإيرانية أن الصيدليات قد تمتنع عن إصدار شيكات لشراء الأدوية، إذا لم تُصدر تعليمات دفع المستحقات قبل 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، محذرة من استمرار التأخير، الذي قد يؤدي إلى مشاكل مالية كبيرة للصيدليات ويضر بسمعة مهنة الصيدلة.
أرسلت جمعية الصيادلة الإيرانية رسالة إلى وزير الصحة والتعليم الطبي ورئيس المجلس الأعلى للتأمين الصحي، محذرة من استمرار التأخير في دفع مستحقات الصيدليات.
وأشارت الرسالة إلى التعليمات الصريحة للرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، بخصوص "إعداد تعليمات منظمة لدفع المستحقات، وتطبيق المادة 38 في العقود، وفرض غرامات في حال التأخير"، مؤكدة أنه رغم هذه التعليمات، لم تُجرَ أي تعديلات على العقود التأمينية أو آليات الدفع حتى الآن.
وحذرت الجمعية من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى ارتداد الشيكات، ومشاكل مالية كبيرة للصيدليات، والإضرار بسمعة مهنة الصيدلة.
كما حملت الرسالة وزير الصحة المسؤولية المباشرة عن الإشراف على سلسلة توريد الأدوية في البلاد.
وفي 14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، حذر اثنان من أعضاء مجلس إدارة جمعية الصيادلة الإيرانية من تبعات إلغاء العملة المفضلة لبعض الأدوية المستوردة، وما يترتب على ذلك من ضغط اقتصادي على المرضى وضعف كفاءة نظام التأمين الصحي.
كما صرح رئيس الجمعية، شهرام كلانتري، في 17 أغسطس (آب) الماضي، مشيرًا إلى الديون الثقيلة لشركات التأمين ومنظمة دعم التمويل الحكومي للصيدليات، بأن 80 في المائة من صيدليات البلاد على شفا الإفلاس.
وقال هادي أحمدي، عضو مجلس الإدارة، في 9 يوليو (تموز) الماضي، إن الشيكات الخاصة بالصيدليات لدى شركات التوزيع بلغت نحو أربعة آلاف مليار تومان منذ سبتمبر (أيلول) 2024، وحتى يونيو (حزيران) 2025.
تحذير بشأن زيادة وصف الأدوية باهظة الثمن
حذر رئيس منظمة الغذاء والدواء الإيرانية، مهدی بیرصالحی، خلال اجتماع عقد في زنجان يوم الجمعة 19 ديسمبر، من زيادة وصف الأدوية المكلفة ذات الوصفة الواحدة، وما يترتب على ذلك من تفاقم الضغط المالي على المرضى ونظام الصحة، واضطراب في توفير الأدوية، وخطر التهريب العكسي للأدوية المدعومة.
وقال إنه إذا لم يتم الرقابة الجادة على وصف واستهلاك الأدوية والمعدات الطبية بشكل منطقي، فستزداد كمية الاستهلاك، وسيصبح توفير الدواء في الوضع الحالي أكثر صعوبة.
وأشار إلى الزيادة المستمرة في وصف الأدوية المكلفة ذات الوصفة الواحدة، موضحًا: «استمرار هذا الاتجاه لا يتوافق مع القدرة الاقتصادية لنظام الصحة، ويفرض ضغطًا إضافيًا على المرضى وسلسلة توريد الأدوية».
وأضاف بیرصالحی أن عدد مراجعات المرضى المصابين بأمراض نادرة قد ازداد مؤخرًا، وأن المرضى المصابين بأمراض مثل "دوشن وسيستينوزيس" طلبوا أدوية جديدة مستوردة، تصل تكلفة علاجها الشهري إلى نحو 22 ألف دولار.
وحذر عضو لجنة الصحة في البرلمان الإيراني همایون سامه یح، يوم الخميس 18 ديسمبر، من أن صناعة الأدوية على شفير الإفلاس بسبب المشاكل المالية وسعر الصرف، مؤكدًا أنه إذا لم تُتخذ إجراءات وقائية عاجلة، فإن البلاد ستواجه قريبًا أزمات أعمق وأكثر تكلفة.
وأشار إلى أن نقص الأدوية، والطوابير الطويلة، والارتفاع المستمر للأسعار، وضع حياة ملايين المرضى في مهبّ المخاطر، كما أفاد المواطنون في الأشهر الأخيرة بـالغلاء الشديد للأدوية وتوفير أدوية منتهية الصلاحية أو قريبة من الانتهاء.

تسعى حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى تعديل المادة 41 من قانون العمل، من خلال البرلمان، والذي يقضي بحذف معيار "تكلفة المعيشة" من آلية احتساب الحد الأدنى للأجور، وحصر زيادة رواتب العمال فقط بنسبة التضخم الرسمي.
وفي هذا السياق، أوضح وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي في إيران، أحمد ميدري، خطة الحكومة لزيادة أجور العمال في العام المقبل، قائلاً: "هناك مشروع قانون قيد الدراسة في البرلمان ينص على أن تكون زيادة الرواتب على الأقل بمقدار معدل التضخم، وهو ما نأخذه بعين الاعتبار، وبعد دراسة جميع هذه الجوانب سيتضح كيف يمكن المضي قدمًا في هذا الملف مع العمال وأصحاب العمل".
وأثارت هذه التصريحات موجة انتقادات واسعة بين مستخدمي مجموعات "تلغرام" العمالية، حيث وصف أحدهم الخطوة التي يطرحها وزير العمل بأنها "قرار ضد الناس".
أرقام التضخم المعلنة لا تعكس الواقع
قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي في ستوكهولم، أحمد علوي، في حديث مع "إيران إنترناشيونال"، إن معدلات التضخم التي تعلنها السلطات الإيرانية خلال السنوات الماضية "منفصلة عن الواقع".
وأضاف: "في الدول التي تمتلك نقابات عمالية قوية، تُعدّل الأجور كل فصل، أي كل ثلاثة أشهر، لأن مستوى التضخم يتغير على مدار العام".
وأشار علوي إلى تجربة أكثر من أربعة عقود من التلاعب بالإحصاءات في إيران، قائلاً: "التضخم الذي تشعر به الأسر في ميزانياتها يختلف عمّا يعلنه مركز الإحصاء".
وتابع: "زيادة الأجور للعام المقبل تُحدَّد دائمًا على أساس تضخم العام الحالي، في حين أن التضخم يتجه نحو الارتفاع، وهو ما يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للعمال رغم زيادة الرواتب".
وتأتي خطة الحكومة، التي أعلن عنها ميدري وتُناقش حاليًا في البرلمان الإيراني، رغم أن المادة 41 من قانون العمل، الصادر عام 1990، بها فقرتان تنصان بوضوح على أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يُحدَّد بناءً على معدل التضخم وتكلفة معيشة الأسرة.
وبذلك، تسعى حكومة بزشكيان إلى حذف المادة الثانية المتعلقة بتكاليف المعيشة من معادلة تحديد الأجور.
وسبق للمجلس الأعلى للعمل، وهو الجهة المسؤولة عن تحديد الحد الأدنى للأجور، أن تجاهل هذه الملاحظة، ما أثار انتقادات واسعة من نشطاء ونقابات عمالية مستقلة، وصفوا هذا النهج بأنه "قمع للأجور".
ويرى مراقبون أن الحكومة تحاول، بدل معالجة أصل المشكلة، شطب هذه المادة من القانون.
انخفاض القيمة الحقيقية لأجور العمال بنسبة 62 % خلال أقل من 10 سنوات
في هذا الإطار، أفادت وكالة "إيلنا" الإيرانية، يوم الخميس 19 ديسمبر، بوجود معارضة واسعة لمشروع "تعديل المادة 41 من قانون العمل".
وقال الخبير في علاقات العمل ونائب رئيس اتحاد قدامى المجتمع العمالي، علي رضا حيدري، في تصريح لـ "إيلنا": "لا تستطيع الحكومة، وفق التوصيات والاتفاقيات الدولية، التدخل مباشرة في قانون العمل، لذلك تحاول الآن تمرير مصادقة برلمانية تجعل زيادة أجور العمال، كما هو حال موظفي الدولة، بلا ضوابط واضحة".
خطوات حكومية أخرى لتشديد قمع الأجور
أشارت "إيلنا" كذلك إلى أنه خلال الأسبوعين الماضيين، أثار إقرار البرلمان إلغاء المادة 125 من قانون إدارة الخدمات المدنية، التي تلزم بزيادة الرواتب بما يتناسب مع التضخم، انتقادات واسعة ضد الحكومة والبرلمان.
وبحسب التقرير، فقد انتقد العديد من موظفي الدولة والمتقاعدين هذا القرار، معتبرين أنه يمهّد لمزيد من قمع الأجور والرواتب.
ونقلت "إيلنا" عن الناشط النقابي للمتقاعدين في قطاع التعليم، محمد رضا انتظاريان، قوله: "نقيّم هذا القرار البرلماني الأخير بشأن إلغاء إلزام زيادة رواتب موظفي الدولة بما يتناسب مع التضخم بشكل سلبي تمامًا".
وأضاف: "بعض النواب وعدوا هذا العام بأن تكون زيادة الرواتب أقل ما تكون مساوية للتضخم، لكن البرلمان نفسه اتخذ قرارًا مفاجئًا في هذا الشأن".
ووصف انتظاريان نتائج هذا القرار بأنها خطوات إضافية لإضعاف معيشة الموظفين والمتقاعدين، محذرًا من أن "إطلاق يد الحكومة في زيادة الرواتب وفق أهوائها أمر خطير".
أوضاع المعلمين وتفاقم الأزمة المعيشية
من جانبه، قال الناشط النقابي للمعلمين، إسماعيل عبدي، في حديث لـ "إيران إنترناشيونال": "الراتب الشهري للمعلم الإيراني اليوم أقل من 150 دولارًا، في حين يُقدّر خط الفقر بما لا يقل عن 300 دولار".
وأوضح أن هذه الفجوة الكبيرة تدفع المعلمين إلى العمل بوظيفتين أو ثلاث، ما يؤدي إلى الإرهاق، وتراجع الدافعية المهنية، وانخفاض جودة التعليم.
وأضاف: "يتحول التعليم تدريجيًا من حق عام إلى سلعة بعيدة المنال عن الطبقات الفقيرة. المدارس التي يفترض أن تكون ملاذًا لأبناء العمال والمناطق المحرومة، تصبح يومًا بعد يوم أضعف بسبب نقص الكوادر والإمكانات وتراجع حوافز المعلمين، ما يوسع الفجوة التعليمية".
كما اعتبر عبدي أن معدلات التضخم التي تعلنها الحكومة "لا تنسجم مع معاناة الناس اليومية"، مؤكدًا أن أي زيادة في الرواتب تقل عن الغلاء الحقيقي تعني عمليًا تراجعًا مستمرًا في مستوى المعيشة والكرامة المهنية.
وختم بالتأكيد على أن التعليم، رغم النصوص الدستورية والقوانين العليا التي تشدد على العدالة الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية، كان دائمًا ضحية النظرة المالية البحتة للحكومات، التي تعوّض عجزها المالي من "موائد المعلمين".

أعلن نائب رئيس شركة إنشاء وتطوير البنى التحتية للنقل في إيران، ميلاد دوستي، مشيرًا إلى زيادة رسوم الطرق السريعة، أن نسبة الزيادة للمركبات الثقيلة تراوحت بين 80 و100 في المائة، وللسيارات الخاصة حُدّدت بحد أقصى يقارب 50 في المائة.
وكتبت وكالة أنباء "فارس"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، الأربعاء 17 ديسمبر، استنادًا إلى تصريحات دوستي وتقرير شركة الإنشاء والتطوير، أن رسوم طريق طهران- الشمال السريع ارتفعت بنحو 43 في المائة، ورسوم طريق برديس السريع بنحو 51 في المائة.
ويُعد طريق طهران- الشمال السريع أحد أهم المحاور المرورية في البلاد، إذ يلعب دورًا رئيسًا في حركة التنقل بين العاصمة والمحافظات الشمالية.
ويُطبَّق معدل الرسوم الجديد على هذا المحور في وقت تستخدم فيه عائلات إيرانية كثيرة هذا الطريق في سفرها، ما ضاعف المخاوف بشأن ارتفاع تكاليف الرحلات.
وبحسب "فارس"، فقد شهدت الطرق السريعة بول زال- أنديمشك، وأنديمشك- خرم آباد، وخرم آباد- بروجرد أيضًا تغييرات في معدلات الرسوم، كما أُدرج ممر بحيرة أورمية الوسطي ضمن المسارات التي تُحتسب رسومها وفق الأسعار الجديدة.
وأضافت هذه الوكالة الحكومية أن بعض التقارير حول زيادة بنسبة 120 في المائة في رسوم 10 طرق سريعة بالبلاد لا أساس لها من الصحة.
ويأتي نفي الزيادة البالغة 120 في المائة، في حين أن الأرقام المعلنة الحالية تُعد ثقيلة ومقلقة بالنسبة لكثير من المواطنين، ولا سيما في ظل عدم تناسب مستويات الدخل مع التكاليف المتزايدة.
ويقول منتقدون إنه حتى هذه الزيادات في الرسوم، دون أخذ الضغوط الاقتصادية على الأسر والعاملين في قطاع النقل بعين الاعتبار، تعكس استمرار سياسات تحميل العبء الرئيس على كاهل المواطنين، دون ظهور مؤشرات على إصلاحات جذرية أو مساءلة فعّالة من قِبل الجهات المعنية.
وكان دوستي قد أفاد، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بأنه "وفقًا للقانون"، ارتفع متوسط رسوم الطرق السريعة بنسبة تتراوح بين 37 و43 في المائة، غير أن هذه النسبة بلغت في بعض الطرق السريعة، التي لم تشهد أي تغيير في السنوات الماضية، نحو 60 في المائة.
وفي محاولة لتبرير الارتفاع الكبير في الرسوم، قال إن الزيادة "كان بالإمكان تطبيقها بنسبة أعلى من ذلك، لكن الحكومة ووزارة الطرق والتنمية الحضرية حاولتا أن تكون الزيادة بمستوى لا يفرض ضغطًا على المواطنين، وفي الوقت نفسه يرفع مستوى الخدمات".
وخلال الأشهر الأخيرة، فرض تفاقم الأزمة الاقتصادية، والتضخم الجامح، والتسجيل المتكرر لمستويات قياسية في أسعار العملات الأجنبية، ضغوطًا غير مسبوقة على معيشة المواطنين.
ويأتي ذلك في وقت حمّل فيه النظام الإيراني، في أعقاب عجزه عن السيطرة على هذه الأوضاع، كلفة تداعيات الأزمة في مجالات مختلفة، من بينها البنزين، على كاهل المواطنين.
وسبق أن نُشرت تقارير عديدة عن زيادة نسبة المواطنين في تحمّل تكاليف العلاج.

أفادت مواقع متابعة أسعار الصرف بأن سعر الدولار الأميركي سجّل رقمًا قياسيًا في إيران، بلغ 131 ألفًا و600 تومان، بزيادة تجاوزت ألفين و500 تومان، مقارنة بيوم أمس الأحد 14 ديسمبر (كانون الأول).
وخلال تداولات يوم الاثنين 15 ديسمبر، تذبذب سعر الدولار بنحو ألف تومان، ليستقرّ حول مستوى 131 ألف تومان، في رقم يُعدّ الأعلى في تاريخ تداول هذه العملة.
كما ارتفعت أسعار العملات الأجنبية الأخرى، إذ بلغ سعر الجنيه الإسترليني نحو 175 ألف تومان، فيما جرى تداول اليورو في حدود 153 ألف تومان.
وكان سعر الدولار قد تجاوز حاجز 129 ألف تومان، يوم السبت 13 ديسمبر، بينما تخطّى اليورو 150 ألف تومان، وارتفع الجنيه الإسترليني إلى أكثر من 170 ألف تومان.
وفي سوق الذهب أيضًا، سُجّلت أسعار غير مسبوقة، يوم الاثنين 15 ديسمبر، حيث بيعت سكة الإصدار الجديد بما يصل إلى 144 مليونًا و600 ألف تومان، قبل أن يتراوح سعرها بين 142 و144 مليون تومان.
وكان سعر هذه السكة، المعروفة باسم «الإمامي»، قد تجاوز 138 مليون تومان، يوم السبت 13 ديسمبر.
وفي الوقت نفسه، أعلن المتحدث باسم البنك المركزي، محمد شيريجیان، بدء تخصيص العملة الأجنبية لطلبات الاستيراد، التي تقل قيمتها عن 100 ألف دولار في القاعة الثانية لمركز تبادل العملات في إيران، مشيرًا إلى فتح ملفات تأديبية بحق مديري فروع بنكية «مشتبه بتورطها في غسل الأموال والإخلال بسوقي العملات والذهب».
وقال إن «12 فريق تفتيش خاص شُكّلت للتحقيق في الفروع المشتبه بقيامها بعمليات غسل أموال أو إحداث اضطراب في سوقي العملات والذهب، وقد زار المفتشون يوم أمس 20 فرعًا مصرفيًا، فُتحت بحق مديريها ومسؤوليها ملفات تأديبية».
وعادةً ما تلجأ الحكومة الإيرانية، في مواجهة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، إلى مقاربات أمنية، وتحاول السيطرة على السوق عبر التهديد والترهيب وفرض إجراءات قسرية.
وبحسب وكالة «تسنيم» للأنباء، التابعة للحرس الثوري الإيراني، قال شيريجیان إن «جميع طلبات الاستيراد التي تقل عن 100 ألف دولار ستُدرج بالكامل، اعتبارًا من الآن، ضمن القاعة الثانية لمركز تبادل العملات، وستشملها عملية تخصيص العملة من قبل البنك المركزي».
وأضاف أن هذا الإجراء سيسهم بشكل فعّال في «تسهيل عملية تأمين العملات وإدارة طوابير المتقدمين».
وفي السياق ذاته، انتقد مواطنون في رسائل، بعثوا بها إلى «إيران إنترناشيونال» التضخم الحاد وتراجع قدرتهم الشرائية لتأمين المواد الغذائية اليومية، وحمّلوا النظام الإيراني والمرشد علي خامنئي المسؤولية الأساسية عن هذا الوضع.
تسجيل أرقام قياسية متتالية للدولار والذهب
وخلال الأسابيع الماضية، شهدت أسواق العملات والذهب موجة صعود متواصلة، سجّلت خلالها أرقامًا قياسية متتالية، فاتحة مسارًا جديدًا لارتفاع الأسعار.
وكان سعر سكة الإصدار الجديد قد بلغ في 8 ديسمبر الجاري 132 مليونًا و300 ألف تومان، بزيادة تجاوزت 2.5 في المئة مقارنة بيوم 6 ديسمبر.
وفي موازاة تسجيل الدولار رقمًا قياسيًا جديدًا، وجّهت وكالات أنباء تابعة للحرس الثوري، من بينها «فارس» و«تسنيم»، أصابع الاتهام إلى حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وانتقدت ارتفاع الأسعار، خلافًا لنهجها المعتاد الذي لا يعترف بأسعار السوق الحرة للعملات.
وفي 8 ديسمبر الجاري، قال وزير الاقتصاد والمالية، علي مدني زاده، تعليقًا على الارتفاع الحاد في سعر الدولار: «في أجواء الحرب، تَكبّدنا أضرارًا بمئات آلاف المليارات من التومانات، وفي مثل هذه الظروف تتوقعون أن يكون الدولار رخيصًا؟ عندما يتعرض البلد لأعنف هجوم حربي غير مسبوق؟».
وأضاف: «هل تتوقعون ألّا يرتفع التضخم وسط الحرب؟ لو لم يرتفع لكان الأمر مدعاة للتعجب».
ويأتي ارتفاع سعر الدولار في إيران بالتزامن مع زيادة أسعار البنزين، إذ بدأ تطبيق خطة البنزين ثلاثي التسعير فجر السبت 13 ديسمبر الجاري في جميع أنحاء البلاد.
وبموجب هذه الخطة، يستمر بيع البنزين المدعوم بأسعار 1500 و3000 تومان، بينما يُحتسب الاستهلاك الإضافي، وكذلك بنزين المركبات الحكومية والمستوردة وبعض السيارات الفاخرة، بسعر 5000 تومان.
وخلال الأشهر الأخيرة، زادت المخاوف من تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران، في ظل التضخم الجامح وارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وهي وتيرة تسارعت مع عودة عقوبات الأمم المتحدة وإصرار مسؤولي النظام الإيراني على مواصلة البرنامج النووي.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في إيران بمتوسط يزيد على 66 في المائة.