وقال عراقجي، في مقابلة مع شبكة "الجزيرة" نُشر نصّها الكامل الأربعاء 17 ديسمبر (كانون الأول) في وسائل الإعلام الإيرانية: "كانت الولايات المتحدة ناجحة في الهجوم على المنشآت النووية، وقد تضررت منشآتنا وتعرّضنا لأضرار جسيمة. ونتيجة الضربات الجوية، دُمّر كثير من معداتنا في هذه المنشآت".
وفي الوقت نفسه، كرّر عراقجي مواقف سابقة للمرشد الإيراني، علي خامنئي، ومسؤولين آخرين، مؤكدًا أن "المعرفة" النووية في إيران لم تُدمَّر وهي "قابلة للإحياء". وقال: "أطلقنا برنامجنا النووي دون الاعتماد على معدات مستوردة، حتى لا نكون بلا إمكانات في حال تعرّضنا للقصف".
الحديث عن هجوم جديد بهدف بثّ الخوف وإثارة الاضطرابات
وفي سياق المقابلة نفسها، اتهم عراقجي إسرائيل بإطلاق "حرب نفسية" وتأجيج التكهنات حول هجوم جديد على إيران، بهدف إثارة "القلق والاضطرابات" داخل البلاد.
وقال في هذا الصدد: "لسنوات طويلة كانت الولايات المتحدة تقول دائمًا إن كل الخيارات مطروحة، بما فيها الخيار العسكري. ومِن ثمّ كان الهدف في الغالب خلق حالة من الاضطراب والخوف في المجتمع، وهذا ما يجري الآن أيضًا".
وأضاف وزير الخارجية الإيراني أن إسرائيل والولايات المتحدة "فشلتا" في تحقيق أهدافهما خلال حرب الـ 12 يومًا، وأن أي مواجهة جديدة لن تسفر لهما إلا عن "النتيجة نفسها السابقة".
وأكد في الوقت ذاته أن إيران لا تتجاهل احتمال اندلاع حرب، لأن "احتمال الحرب كان دائمًا قائمًا ولا يزال قائمًا".
ورغم أن النظام الإيراني تكبّد خسائر استخباراتية وعسكرية واسعة، خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وفقد عددًا كبيرًا من قادته الكبار، فإنه سعى في الأشهر الأخيرة إلى تقديم رواية مختلفة عن هذه الأحداث، لتصوير نفسه بـ "المنتصر في ساحة المعركة".
وقال رئيس جهاز الموساد" الإسرائيلي، ديفيد برنيع، في 16 ديسمبر الجاري، إن مشروع القنبلة النووية لا يزال حاضرًا في تفكير مسؤولي النظام الإيراني، وإن إسرائيل ترى نفسها ملزمة بمنع إعادة تفعيله.
كما نقل موقع "المونيتور" في 7 ديسمبر الجاري أيضًا، عن دبلوماسيين أوروبيين قولهم إن إسرائيل قد تشن هجومًا عسكريًا جديدًا على إيران في عام 2026، حتى في حال عدم حصولها على موافقة إدارة دونالد ترامب.
التهديد باستهداف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة
أعلن عراقجي، في مقابلته مع "الجزيرة"، أنه لا حل عسكريًا للملف النووي الإيراني، لأن "المعرفة لا يمكن محوها بالقنابل".
وهدد بأنه في حال شنت الولايات المتحدة هجومًا جديدًا على المنشآت النووية الإيرانية، فإن واشنطن "يجب أن تتوقع بالتأكيد أن نهاجم القواعد العسكرية الأميركية".
وأضاف: "لا فرق أين تقع هذه القواعد. نحن نعيش مع جيراننا في أجواء من الصداقة الكاملة، ولا مشاكل لنا مع قطر أو غيرها من دول المنطقة، لكن للأسف توجد قواعد أميركية على أراضي بعض الدول. حربنا ستكون مع أميركا، وهجومنا سيكون على القواعد الأميركية".
ووجّه عراقجي "نصيحة وتوصية" إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بالعودة إلى الدبلوماسية، مضيفًا في الوقت نفسه أن إيران لا تثق أبدًا بالولايات المتحدة بوصفها "مفاوضًا صادقًا".
وكان ترامب قد حذّر في 12 ديسمبر الجاري من أنه إذا سعت طهران إلى إحياء برنامجها النووي، دون التوصل إلى اتفاق، فإن واشنطن "ستدمّره مرة أخرى".
إعادة طرح الاتهامات ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية
اتهم عراقجي، في ختام المقابلة، الوكالة الدولية للطاقة الذرية بـ "نقل معلومات" عن البرنامج النووي الإيراني إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال: "يعتقد كثير من الناس في إيران أن عمليات التفتيش وجمع المعلومات من قِبل الوكالة أدّت إلى نقل معلومات قيّمة إلى إسرائيل وأميركا، وهو ما تسبب في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية".
وأضاف أن طهران "اضطرت" بعد الهجمات على المواقع النووية خلال "حرب الـ 12 يومًا"، إلى وقف تعاونها مع الوكالة.
وخلال الأشهر الأخيرة، ولا سيما بعد الحرب، وجّه عدد من المسؤولين الإيرانيين انتقادات حادة لتقارير غروسي؛ إذ وصفه بعضهم بـ "عميل الموساد"، بل طالبت صحيفة "كيهان"، المقرّبة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، بإعدامه بتهمة "التجسس" لصالح إسرائيل.
وكان غروسي قد قال في 13 ديسمبر الجاري، في مقابلة مع صحيفة أرجنتينية إن اتهامات "الانحياز" الموجّهة إليه هي جزء من طبيعة ومتطلبات عمله.
وفي الوقت نفسه، وصف التهديدات الصادرة عن مسؤولين إيرانيين بحقه بأنها "بالغة الخطورة"، قائلاً: "للأسف ما زلت تحت حماية أمنية، لأن خبراء هذا المجال يرون هذه التهديدات حقيقية وذات مصداقية".