وبدأ تنفيذ خطة البنزين ثلاثيّ التسعير، فجر السبت 13 ديسمبر (كانون الأول)، في جميع أنحاء إيران. وبموجب هذه الخطة، يستمر توفير البنزين المدعوم بسعري 1500 و3000 تومان، في حين يُحتسب الاستهلاك الزائد، وكذلك بنزين السيارات الحكومية والمستوردة وبعض السيارات مرتفعة الثمن، بسعر 5000 تومان.
وفي هذا السياق، كتبت منظمة "حال وش"، المعنية بأخبار "البلوش" في إيران: "يأتي رفع سعر البنزين الحر في وقت لا تزال فيه الضغوط المعيشية مرتفعة، ولا سيما في المناطق الأقل حظًا مثل بلوشستان، حيث يمكن لأي تغيير في أسعار الوقود أن يخلّف تداعيات مباشرة على تكاليف النقل ومعيشة الأسر".
كما انتقد عدد من المستخدمين في قنوات "تلغرام" العمالية خطوة الحكومة الإيرانية.
وكتب أحدهم، ساخرًا من تصريحات مؤسس النظام الإيراني، آية الله الخميني، قبل ثورة 1979: "أين الماء والكهرباء والغاز المجاني؟"، مضيفًا: "اليوم نحن من ندفع نفقات الدولة".
وكتب مستخدم آخر: "يعني بيع النفط والغاز وكل هذه المناجم والثروات لا يكفي هؤلاء المسؤولين؟ يمدّون أيديهم إلى جيوب الشعب، وبأموال الناس يرتدون البدلات ويتقمّصون دور المسؤول والوصي علينا".
وأضاف: "يا أخي، نحن من نمولك. ثم تأتي لتأخذ وضعية الدولة ونائب البرلمان والمسؤول القضائي".
كما حذّر مستخدم آخر العمال قائلاً: "استعدّوا لظروف اقتصادية أسوأ من الآن. قريبًا لن نتمكن حتى من شراء رغيف خبز".
وعلى منصة "إكس"، كتبت مستخدمة تُدعى مهسا: "ارتفع سعر البنزين، وصار العنوان الأول في كل الأخبار صباحًا، دون أن يُقال إن المواطنين أصبحوا أفقر".
وكتب أمير حسين: "نوفمبر (الدامي) 2019 لم يُمحَ من ذاكرة الشعب، لكن يبدو أنه مُحي من ذاكرة صانعي القرار".
انتشار القوات العسكرية في محطات الوقود بـ "سنندج"
كتب سوران منصورنيا، شقيق برهان منصورنيا (أحد قتلى الاحتجاجات) وعضو رابطة عائلات ضحايا "نوفمبر 2019 الدامي": "كانت القوات العسكرية منتشرة في جميع محطات الوقود في سنندج، وقوات الباسيج تتحرك في الشوارع الرئيسة".
وأشار إلى أن "النظام الإيراني رفع أسعار البنزين بعد ست سنوات من نوفمبر (آبان الدامي)، وبالأسلوب نفسه".
كما كتب ديلان عزيز مرادي: "بالتزامن مع رفع سعر البنزين، وُضعت قوات الباسيج في حالة تأهّب للنزول إلى الشوارع. هذا التزامن يعيد إلى الأذهان النمط المتكرر للنظام الإيراني: قرارات اقتصادية مفاجئة، مع توقع مسبق للاستياء الشعبي والاستعداد لقمعه".
متابعو "إيران إنترناشيونال": تمهيد لموجة جديدة من غلاء السلع الأساسية
كان عدد من المواطنين قد قالوا، يوم الخميس 11 ديسمبر الجاري، في رسائل إلى "إيران إنترناشيونال"، إن هذا القرار "سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وإطلاق موجة جديدة من الغلاء في السلع الأساسية، ما سيؤدي إلى تقلّص موائد المواطنين ودفع مزيد من الأسر إلى ما دون خط الفقر".
وأشار بعضهم إلى أن رفع سعر البنزين ترك أثره حتى قبل التنفيذ، وأدى إلى تراجع حاد في قدرتهم الشرائية.
وأفاد كثيرون بارتفاع متسلسل في الأسعار، بما في ذلك تكاليف التنقل، والمواد الغذائية، وإيجارات السكن، والعلاج، والخدمات اليومية، مؤكدين أن الأجور الحالية، ولا سيما للعمال والمعلمين والموظفين، لا تتناسب مع تكاليف المعيشة.
ويبلغ الحد الأدنى للأجر الأساسي للعمال المشمولين بقانون العمل حاليًا أقل من 11 مليون تومان، ويصل مع المزايا القانونية إلى نحو 15 مليون تومان.
وقال بعض المستخدمين إنه لم يعد لديهم ما يخسرونه، واصفين الحياة بأنها لم تعد حياة، بل مجرد محاولة للبقاء.
كما أدان اتحاد عمال شركة حافلات طهران وضواحيها، في بيان صدر، يوم الثلاثاء 9 ديسمبر الجاري، رفع أسعار البنزين، مشيرًا إلى الأوضاع المعيشية الصعبة والضغوط الاقتصادية على العمال والفئات المحرومة.
وجاء في البيان: "الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في البلاد، وارتفاع أسعار البنزين وحوامل الطاقة، وغلاء المياه والكهرباء والغاز، وإيجارات السكن، والهواتف المحمولة والإنترنت، والسياسات الاقتصادية غير العادلة والفساد المستشري، دفعت بمعيشة ملايين العمال والمتقاعدين وأسرهم إلى حافة الانهيار".
وأضاف أن "العقوبات الاقتصادية الغربية، رغم أنها أضرت بالطبقة العاملة والفقراء، تحوّلت إلى ذريعة بيد الحكّام للهجوم يومًا بعد يوم على موائد العمال والفقراء الخاوية. لكن لا تنسوا نوفمبر 2019؛ فقد أثبت الناس أن الضغط والإهانة لن يبقيا بلا رد إلى الأبد".
تفاقم التضخم العام
ذكر موقع "تجارت نيوز" الاقتصادي الإيراني، في تقرير له: "إن تنفيذ قرار البنزين الجديد اعتبارًا من 13 ديسمبر يوجّه عمليًا صدمة عرض إلى الاقتصاد، لأن الارتفاع المفاجئ في سعر البنزين للاستهلاك الزائد وإلغاء بعض الحصص يرفع مباشرة تكاليف النقل والإنتاج".
وأضاف الموقع: "يعتمد جزء كبير من سلسلة الإمداد في البلاد، من نقل المواد الأولية إلى توزيع السلع النهائية، على الوقود، وأي زيادة في التكاليف ضمن هذه الحلقات، ومن دون وجود بدائل، تنتقل سريعًا إلى السعر النهائي للسلع".
وأشار التقرير إلى أن "هذا التغيير لا ينتج عن زيادة في الطلب، بل عن ارتفاع في تكاليف الإنتاج والخدمات، وهو ما يُعرف في الأدبيات الاقتصادية بتضخم دفع التكاليف".
وأكد: "نظرًا لضعف تطوير النقل العام، وارتفاع استهلاك السيارات الناتج عن تدني الجودة والبنية الفنية للأسطول، سيُضطر الناس إلى شراء الكمية نفسها من الوقود. وبالتالي لن ينخفض الطلب، بل سترتفع التكاليف. وفي مثل هذه الظروف، فإن السياسة الجديدة، بدلاً من إصلاح الاستهلاك، لن تؤدي إلا إلى تفاقم التضخم العام".