وكانت مجلة "إنفوبائه" الأرجنتينية قد أفادت، يوم السبت 6 ديسمبر (كانون الأول)، نقلًا عن مصادر أمنية تشادية، بأن توقيف عدد من عناصر "شبكتين إرهابيتين" على صلة بإيران كشف عن تفاصيل جديدة حول نشاط "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري ووزارة الاستخبارات في بناء هياكل للتخريب والتجسس والتحريض على التمرّد في أفريقيا.
ووفق التقرير، فإن طهران تعتمد مزيجًا من النفوذ الديني والتأطير الأيديولوجي والدعم العسكري والتوجيه العملياتي؛ لإنشاء شبكات تستهدف مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، فضلاً على زعزعة حكومات أفريقية.
وتشير اعترافات علي عبداللهي محمدات، أحد الموقوفين، إلى أنه جُنّد من قِبل وزارة الاستخبارات الإيرانية، بعد دراسته في "جامعة المصطفى" بمدينة "قم".
وقال محمدات، خلال التحقيق، إنه التقى خلال عامي 2022 و2023 في فنادق وأماكن آمنة داخل إيران شخصيات كُلّف على أيديها برصد أهداف غربية، وتجنيد عناصر، ومتابعة تحركات الجماعات المتمرّدة، ونقل معلومات حساسة عن المصالح الأميركية والإسرائيلية والفرنسية في تشاد.
كما أشار إلى شخص يُدعى "كريم"؛ باعتباره حلقة الوصل الأساسية مع الأجهزة الأمنية الإيرانية، الذي كان يصادر هاتفه خلال الاجتماعات، ويستجوبه بشأن عناصر الاستخبارات التشادية وصلاتهم بأجهزة أجنبية.
وأضاف محمدات أنّ ضباطًا إيرانيين طلبوا منه العودة إلى طهران بشكل دوري لتقديم تقارير عن مهامه، لكنه اعتُقل في نهاية المطاف داخل تشاد.
وكانت "إيران إنترناشيونال" قد ذكرت، في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضين أن "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري جنّد مواطنًا أوغنديًا لتنفيذ هجوم بقنبلة يدوية على سفارتي إسرائيل في أوغندا والسنغال، غير أن المخطّط فشل بعد الكشف عن المهاجم واعتقاله.
نشاط "الوحدة 400" التابعة لـ "فيلق القدس"
أما الملف الثاني فيخصّ عبدالله أحمد شيخ الأمين، الذي قال في اعترافاته إنه جُنّد من قِبل "الوحدة 400" التابعة لـ "فيلق القدس"، وهي الوحدة المسؤولة عن العمليات الخارجية وتوجيه الميليشيات في العراق وأفريقيا.
وكشف شيخ الأمين أن قيادة هذه الخلية كانت بيد شخص يُدعى حامد عبداللهي، فيما لعب آخرون، ومنهم شخصان يدعيان "أبو علي" و"آيدين صلاحلو" أدوارًا رئيسة في إدارتها.
وقال إنه تلقّى تدريبات على استخدام الأسلحة في العراق، مشيرًا إلى أن عناصر الشبكة كانوا يُنقلون، تحت غطاء الرحلات الدينية، إلى قواعد تابعة لميليشيات شيعية؛ حيث تلقّوا تدريبات على أسلحة مثل "الكلاشينكوف" و"الآر بي جي" و"KFX".
كما كشف عن دور موسى بترانه أباكر المسكين، أحد القادة المخضرمين للشبكات المتطرفة، في تجنيد عناصر لصالح إيران.
وأوردت مجلة "إنفوبائه" أن النشاط الإيراني في أفريقيا يمتدّ لسنوات، مشيرة إلى أنه في عام 2019 اتُّهم إسماعيل محمد جیده، وهو قيادي في "الوحدة 400" بدولة النيجر، بالتخطيط لعمليات ضد مسؤولين سعوديين وبجمع معلومات عن أهداف أميركية وأوروبية.
وفي صلب كثير من هذه الملفات تقع "جامعة المصطفى"، المؤسسة التي تملك أكثر من 50 فرعًا في أفريقيا وآسيا وأوروبا، والتي صنّفتها الولايات المتحدة عام 2020 "منظمة إرهابية عالمية خاصة". ووفق التقرير، فإن نحو 80 في المائة من طلابها غير إيرانيين، وتُسهِم في تجنيد وتدريب أفراد لحساب "فيلق القدس" ووزارة الاستخبارات الإيرانية.
وتقول الأجهزة الأمنية في تشاد إن تفكيك الشبكتين ساهم- ولو بشكل مؤقت- في كبح محاولات إيران توسيع نفوذها وزعزعة الاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي. لكنها حذّرت من أن نشاط طهران "هيكلي ومستمر"، ما يفتح الباب أمام تكرار محاولات مشابهة مستقبلاً.