وأكد بعضهم أن الألبان اختفت منذ وقت طويل من موائدهم، وأن سوء التغذية أصبح أمرًا معتادًا لديهم.
وطلبت "إيران إنترناشيونال" من متابعيها مشاركة تجاربهم، إذا كانوا قد لاحظوا ارتفاع أسعار مشتقات الألبان خلال الأسابيع الأخيرة.
وتظهر روايات المواطنين أن ارتفاع الأسعار أصبح حدثًا يوميًا ومتكررًا؛ إلى حد أن بعضهم قال إنه ً"في كل مرةً" يذهبون فيها للشراء ً"تكون الأسعار أغلى من المرة السابقةً"، مؤكدين أن هذه الزيادات تحدث ليس على أساس شهري، بل خلال أيام قليلة أو حتى بين "عشية وضحاها".
ومع تواصل موجة الغلاء، تتزايد المخاوف بشأن تأثير ذلك على صحة العائلات وتغذيتها؛ حيث تحدث مواطنون عن استبعاد الألبان واللحوم ومصادر البروتين من طعامهم، وعن أطفال لم يعودوا يشربون الحليب، وعائلات تقلل حصص الاستهلاك إلى أدنى حد كي تتمكن من الصمود حتى نهاية الأسبوع أو الشهر.
ارتفاع الأسعار واستبعاد الألبان عن موائد الأسر
بعث صاحب متجر بقالة برسالة إلى ً"إيران إنترناشيونالً" قائلاً: "إن أسعار عبوات اللبن التي كانت تُباع بـ 25 و45 ألف تومان ارتفعت إلى 35 و55 ألف تومان".
وجاء في رسالة أخرى أن سعر الحليب الذي كان 20 ألف تومان ً"تضاعف خلال ليلة واحدةً" ليصل إلى 40 ألف تومان. وبحسب هذا المواطن، فإن أرخص أنواع الحليب هي الأكياس الحكومية، بينما يصل سعر الحليب في العبوات البلاستيكية إلى 60 و70 ألف تومان.
وقال مواطن آخر إن سعر عبوة الحليب ارتفع من 76,800 تومان، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى 85,800 تومان في 29 من الشهر ذاته، "أي أنه ارتفع 9 آلاف تومان خلال يومين فقط!ً"
كما أرسل أحدهم مقطع فيديو قال فيه: "كان سعر الحليب في 26 نوفمبر الماضي، 69,500 تومان، وفي التاسع والعشرين من الشهر ذاته أصبح 73,600 تومان، والأسعار ترتفع كل ثلاثة أيام".
وأشار آخرون إلى أنهم، بسبب الأسعار المرتفعة، ً"ودّعوًا" الألبان واللحوم منذ سنوات، محذرين من سوء التغذية ونقص الحديد.
اتساع رقعة الغلاء
يقول متابعو ً"إيران إنترناشيونالً" إن المشكلة ليست في مشتقات الألبان فقط؛
فالأرز والبقوليات والدجاج والسمك والدواء والفواكه والمنظفات ً"كلّهًا" شهدت ارتفاعات حادّة في الأسعار.
وكتب أحد المواطنين، مشيرًا إلى أمراض البرد والتلوث: "الأدوية والعصائر تكلفنا ملايين التومانات شهريًا، ولا نستطيع حتى التقاط أنفاسنا. المنتجات التي كانت بـ 70 ألف تومان أصبحت 110 و120 ألف تومان!".
وأشار أحدهم إلى أن سعر الحليب البلدي وصل إلى 40 ألف تومان للتر، وأن هذا السعر ارتفع 12 ألف تومان منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما أن الحليب منخفض الدسم بسعة 900 ملليلتر الذي كان 48 ألف تومان أصبح الآن 75 ألف تومان. ثم أضاف: "أرى أيامًا قادمة قد يموت فيها نصف الشعب، كما حدث خلال مجاعة الحرب العالمية الأولى".
فقدان الثقة بالرقابة وآليات تحديد الأسعار
كتب عدد من المتابعين عن ً"البيع بأسعار مبالغ فيها" في المتاجر الكبرى. وقالوا إن الأسعار المعلنة على منتجات الألبان تكون على أساس التخفيض، لكن عند الدفع تُحتسب أغلى بـ 20 ألف تومان، وعندما يعترضون يكون الرد:
ً"السعر الجديد وصل قبل دقيقتين".
كما تحدّث بعض المواطنين عن غياب التفتيش الفعّال و"الرشى" داخل الأجهزة الرقابية الإيرانية.
وكتب أحدهم: "كل مرة نذهب فيها إلى السوق، تكون الأسعار أغلى من قبل. يبدو أن ارتفاع أسعار الألبان أصبح يوميًا".
وأرسل مواطن آخر مقطع فيديو قال فيه إنه اشترى دجاجة واحدة بسعر 417 ألف تومان، مضيفًا: "بهذه الأوضاع، لا أعرف ماذا أفعل ليلة يلدا (الاحتفال بأطول ليلة بفصل الشتاء في إيران)".
غياب التغذية السليمة ومحاولة البقاء
بعض الذين عرّفوا أنفسهم بأنهم معلّمون متعاقدون أو عمال قالوا إن مشتقات الألبان اختفت منذ فترة طويلة من طعامهم، وإنهم يضطرون لـ "ستر الحالً" كي لا يُتهموا بالمبالغة.
وكتب أحدهم: "منذ سنوات لم أشترِ الألبان، وبالتالي لم أتناولها. كثير من الأشياء خرجت بصمت من سلة غذاء المعلمين المتعاقدين منذ زمن طويل. علينا الصمت لأن أحدًا لن يصدقنا، ويجب أن نحفظ ماء وجهنا. هذا الحال منذ بداية جمهورية الإعدام والجهل والظلم والفساد، وسيبقى كذلك".
وذكر آخر أن عائلته كانت حتى وقت قريب تستهلك ً"سطل ماست واحدًا أسبوعيًاً"، لكنها الآن تشتري ً"سطل كيلوغرام واحد كل ثلاثة أسابيعً"، ولمنع الهدر ً"يمسحون الخبز على أطراف السطل في اليوم الأخير كي يستفيدوا من كل ما تبقى منه".
ورغم أن مسؤولي النظام الإيراني يكررون وعودهم بدعم المواطنين وضبط الأسعار، فإن التجربة اليومية تظهر أن الأسعار في إيران ترتفع بشكل شبه يومي، وأن تكاليف المعيشة أصبحت فوق قدرة الكثير من العائلات على تحمّلها.