وجاء في التقرير أن المسارات الجوية قُطعت، وقُتل عناصر إيرانيون أساسيون، وسوريا خرجت تقريبًا بشكل كامل من معادلة التهريب. ومع ذلك، وجد الحرس الثوري خلال العام الماضي طرقًا جديدة لنقل السلاح ومئات الملايين من الدولارات إلى حزبالله.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت في وقت سابق أن إيران نقلت منذ بداية العام نحو مليار دولار إلى حزبالله لكي يُعاد بناء هذا التنظيم بعد الحرب مع إسرائيل.
وقالت هذه الوزارة إن جزءًا كبيرًا من الموارد المالية نُقل عبر صرافات، وأعمال نقدية، وآليات قانونية، وبقي مصدر المال مخفيًا.
ووفقًا لهذه الجهة، فقد عززت هذه المساعدات القدرة العسكرية لحزبالله وأضعفت جهود الحكومة اللبنانية لفرض السيطرة السيادية.
وبحسب هذا التقرير، فإن وفدًا أمريكيًا رفيع المستوى نقل الأسبوع الماضي، في زيارة نادرة إلى بيروت، رسالة شديدة مباشرة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومسؤولين كبار آخرين في لبنان: يجب قطع مسارات تمويل حزبالله وإلا فإن واشنطن "ستترك لبنان وشأنه".
وتقول مصادر مطلعة إن هذا الوفد أعطى الحكومة اللبنانية مهلة حتى نهاية العام لتنفيذ إصلاحات فورية لكبح شبكات غسل الأموال والصرافات الخاضعة لنفوذ حزبالله.
وبالتزامن مع انهيار نظام الأسد وموقف الحكومة السورية الجديدة القائم على منع عبور أي شحنة أسلحة من أراضي هذا البلد، أُغلق أحد أهم ممرات نقل السلاح لقوة القدس التابعة للحرس. كما حظر لبنان، تحت ضغط الولايات المتحدة وإسرائيل، الرحلات القادمة من إيران.
وقد أجبر هذا الوضع طهران وحزبالله على إنشاء هيكل جديد لشبكة التهريب بأسرع وقت ممكن. ووفقًا لما كتبته واينت، فإن هذه الشبكة الجديدة تعتمد على ثلاثة محاور: تركيا باعتبارها مركزًا لنقل القطع والمال، والمسارات البحرية التي تنقل الشحنات تحت غطاء بضائع تجارية، والصرافات والذهب والعملات الرقمية التي تبقي التدفقات المالية مجهولة الهوية.
ويقول مسؤولون استخباراتيّون إن الكثير من عمليات النقل تتم بشكل "مجزأ"؛ أي تُفكك مكونات نظام صاروخي أو طائرة مُسيّرة في بلد ثالث ثم تُجمع في لبنان.
إلى جانب هذه التغييرات، استهدفت إسرائيل أيضًا عدة قادة أساسيين في الحرس الذين كان لهم دور في إدارة هذه الشبكة؛ من بينهم سعيد إيزدي، مسؤول فرع فلسطين في قوة القدس، وبهنام شهرياري، قائد الوحدة 190 والمنسّق الرئيسي لنقل السلاح إلى جماعات إيران الوكيلة.
ولكن رغم هذه الضربات، يقول خبراء أمنيون في تقرير واينت إن طهران وحزبالله يتجهون الآن نحو إنتاج السلاح داخل لبنان؛ مسار يسمح لهما بتجاوز الاعتماد على طرق التهريب الخطرة وتنفيذ نموذج "الاكتفاء الذاتي التسليحي" بتكنولوجيا وقطع إيرانية على الأراضي اللبنانية.
وبحسب مركز المعلومات مئير عاميت، فإذا لم تتخذ الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي إجراءً جديًا لإغلاق هذه الشبكة، فسيكون بإمكان إيران وحزبالله مواصلة نقل المال والسلاح والتكنولوجيا "تقريبًا بلا إزعاج"؛ وهو مسار سيؤثر ليس فقط على توازن القوى في لبنان، بل على كامل معادلة الأمن في الشرق الأوسط.