الولايات المتحدة تفرض عقوبات على شبكة توريد مروحيات لإيران

أعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على شبكة دولية بسبب تورطها في مخطط استمر عدة سنوات لتأمين قطع طائرات مروحية، بل وحتى مروحية أميركية كاملة، لصالح القوات المسلحة الإيرانية.
أعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على شبكة دولية بسبب تورطها في مخطط استمر عدة سنوات لتأمين قطع طائرات مروحية، بل وحتى مروحية أميركية كاملة، لصالح القوات المسلحة الإيرانية.
غير أن تحقيقًا أعدّه معهد "خارون" البحثي كشف أن القضية أوسع وأعمق بكثير مما أُعلن رسميًا.
وفي عام 2024، كانت الحكومة الأميركية قد استهدفت في إطار دعوى مصادرة مدنية عددًا من الأفراد المتورطين في هذا المخطط.
ومنذ ذلك الوقت، بدأ معهد "خارون" تحقيقًا موسعًا في شبكة توريد قطع المروحيات لإيران.
وتشير تفاصيل قضية المصادرة المدنية، والعقوبات الأميركية الجديدة، ونتائج تحقيق "خارون" استنادًا إلى السجلات التجارية وبيانات الشركات والمواقع التجارية، إلى أن هذه الشبكة استخدمت وسطاء في أوروبا الغربية ومنسقًا في دبي وسلسلة من التحويلات المالية المعقدة لإخفاء وجهتها النهائية، وهي القوات المسلحة الإيرانية.
وبحسب تحقيق "خارون"، فإن إحدى الشركات الأميركية الأساسية التي تتخذ من ولاية نيوجيرسي مقرًا لها لم يُذكر اسمها في قائمة العقوبات الأخيرة، إلا أن الأدلة تشير إلى أن بعض مكونات المروحيات التي أنتجتها هذه الشركة وصلت ليس فقط إلى القطاع العسكري الإيراني، بل أيضًا إلى شركات مرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري الروسي.
العقوبات الأميركية الجديدة، التي أُعلنت آخر الشهر الماضي عقب تفعيل آلية الزناد، هي أحدث خطوة من واشنطن لتقييد سلاسل الإمداد العسكري لإيران.
ارتباط شركة "باساركاد برواز كيش" بشركات في أوروغواي والبرتغال
حددت وزارة الخزانة الأميركية شركة "باساركاد برواز كيش" الإيرانية ومديرها التنفيذي مهدي شيرازي شايسته، الناشط بين إيران وألمانيا، بوصفهما العنصرين المحوريين في هذه الشبكة.
الشركة الحكومية الإيرانية "بنها" (للدعم وصيانة المروحيات) طلبت مرارًا من "باساركاد برواز كيش" توفير مروحيات وقطع غيار، والتي بدورها اعتمدت على شبكة دولية للتوريد لتنفيذ الطلبات.
وتشير دعوى المصادرة المدنية لعام 2024 إلى أن "باساركاد برواز كيش" سبق أن باعت تجهيزات لـ"بنها".
كما أظهرت الوثائق أن هيكل ملكية "باساركاد برواز كيش" مرتبط مباشرة بالشبكات المالية الخاضعة للعقوبات الأميركية، إذ يمتلك أسهمًا فيها شركة "ارزشآفرينان باساركاد" التابعة لبنك باساركاد، وهو بنك مدرج في قائمة العقوبات الأميركية.
وضمّت شبكة التوريد وسطاء في تركيا، والبرتغال، وألمانيا، شملتهم العقوبات الأميركية أيضًا.
ومن بين الشخصيات الرئيسية في هذه الشبكة: أميرحسين سليمي، الشريك الإيراني لمهدي شيرازي شايسته، والمدير التنفيذي لشركة"Perfect D" في أوروغواي.
ووفقًا للملف القضائي، اتفق الاثنان في مايو (أيار) 2021 على إنشاء مشروع مشترك في البرتغال، من خلال الاستحواذ على شركة يملكها المواطن البرتغالي أنطونيو ميرا، الذي غيّرا اسم شركته إلى "Business United Unipessoal LDA".
وكانت أول عملية قام بها المشروع شراء مروحية أميركية الصنع. حيث اشترت شركة "بزنس يونايتد" المروحية أولاً، ثم نقلتها إلى"Perfect D"، قبل أن تسلمها أخيرًا إلى "باساركاد برواز كيش".
وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن أنطونيو ميرا- الذي أُدرج أيضًا على قائمة العقوبات الأسبوع الماضي- أقرّ ببيع مكونات مروحية إلى "باساركاد برواز كيش".
كما قال أمام القضاء الأميركي إنه فقد السيطرة على شركته بعد أول صفقة بيع للمروحية.
ورغم أنه ظل رسميًا مديرًا ومالكًا للشركة، فإن الوثائق تُظهر أن شيرازي شايسته وسليمي استخدما الشركة حتى نهاية عام 2024 كواجهة لتوريد مكونات مروحيات- بعضها أميركي الصنع- إلى "باساركاد برواز كيش".
دور شركة أميركية في توريد المكونات لإيران
تُعرّف شركة "Cobra International"، ومقرها يونيون سيتي–نيوجيرسي، نفسها عبر موقعها الإلكتروني بأنها مزوّد ومصدّر لقطع الغيار والخدمات للقطاعات العسكرية والمدنية، وتذكر من عملائها فقط عبارة غامضة: "القوات العسكرية الأجنبية".
ووفقًا لوثائق القضية المدنية، أجرت "بزنس يونايتد" سبع معاملات مالية بين عامي 2021 و2023 مع شركة "كوبرا" لصالح "باساركاد برواز كيش"، بينها تحويل209 آلاف دولار أواخر 2023 لشراء محرك مروحية مستعمل.
وتُظهر المستندات أن "كوبرا" اشترت المحرك من شركة صينية، لكن السلطات الأميركية صادرته في فبراير (شباط) 2025 قبل تسليمه، بينما لا يزال في حيازة "كوبرا".
وقد أشار معهد "خارون" إلى أن الوثائق الأميركية لم تذكر صراحة صلة هذه الشبكة بالبنية العسكرية الروسية، لكن السجلات التجارية تُظهر أن "كوبرا" تعاملت مع شركات مرتبطة بكيانات خاضعة لعقوبات بسبب دعمها للمجمع الصناعي العسكري الروسي.
وسطاء من الهند والسويد
ذُكر في القضية اسم كريشنامورثي شاكر، تاجر قطع طيران من أصل هندي مقيم في دبي، بوصفه أحد الوسطاء الرئيسين.
وفي منتصف 2023، تواصل شاكر مع شركة "كوبرا" لتوفير محرك مروحية من طراز "Ariel 2B1" لشركة "بزنس يونايتد".
كما أُشير إلى رامتين إمامي، المدير العام لعدة شركات في السويد ورئيس مجلس إدارة الشركة الإيرانية "توسعه قطعات آويشن بارس" المتخصصة في مكونات الطيران.
تجدر الإشارة إلى أن إمامي هو المالك الفعلي لشركتين سويديتين ساهمتا في توفير مكونات مروحيات أميركية لـ"باساركاد برواز كيش".
وفي عام 2022، باعت شركة "كوبرا" مكونات مروحية بقيمة 54,500 دولار إلى "بزنس يونايتد"، لكن الأخيرة طلبت إرسالها إلى شركة "نوردك إير آند هيلي إنفست" في السويد.
وبعد وصول الشحنة، نقلتها شركة "Aviation Network" إلى إيران لصالح "باساركاد برواز كيش".
الجهود الغربية لاستهداف شبكات الالتفاف على العقوبات
تعكس هذه الشبكة، التي استخدمت وسطاء متعددي الطبقات وشركات واجهة قانونية في أوروبا الغربية ودول ثالثة، مدى التعقيد المتزايد في شبكات الالتفاف على العقوبات التي تدعم البرامج العسكرية الإيرانية الخاضعة للحظر.
وتُظهر الإجراءات الأميركية الأخيرة تحولًا في استراتيجية الغرب، فلم يعد التركيز مقتصرًا على الجهات المستفيدة النهائية داخل إيران، بل يشمل أيضًا الوسطاء والميسرين الدوليين الذين يمهّدون الطريق لتلك الصفقات.