"براميل مزيفة".. كيف تستغل إيران اسم العراق لتصدير نفطها

تتظاهر إيران بأن نفطها الخام هو صادرات عراقية للالتفاف على العقوبات الأميركية، وفقًا لأدلة جديدة تتعارض مع نفي بغداد لهذه المزاعم.
تتظاهر إيران بأن نفطها الخام هو صادرات عراقية للالتفاف على العقوبات الأميركية، وفقًا لأدلة جديدة تتعارض مع نفي بغداد لهذه المزاعم.
الشركة العراقية لتسويق النفط (سومو) نفت أي تورط عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات في يوليو (تموز) على رجل أعمال عراقي بتهمة الاستفادة من تهريب النفط الإيراني المُصَدَّر كنفط عراقي.
لكن بيانات الجمارك الصينية تكشف عن واقع مختلف.
على مدار عامين متتاليين، أظهرت سجلات الصين استيراد كميات من النفط "العراقي" تتجاوز الشحنات المعلنة من العراق بحوالي 100,000 برميل يوميًا، بقيمة تزيد عن 2.5 مليار دولار سنويًا.
واتسع الفارق منذ عام 2021، مما يشير إلى نمط مستمر من التدفقات المُقدَّمة كنفط عراقي.
التزييف والتعتيم
تؤكد شركات تتبع الناقلات أن إيران تستخدم مزيجًا من التكتيكات لإخفاء المصدر الحقيقي لشحناتها، بما في ذلك تزوير وثائق الشحن وتلاعب ببيانات نظام التعرف الآلي (AIS)، مما يتيح للسفن بث مواقع زائفة.
تقوم بعض الناقلات بمحاكاة التحميل بالقرب من ميناء صحار في عُمان، بينما يتم تحميل النفط فعليًا في المياه الإيرانية. ساعدت حيل مماثلة النفط الإيراني على الوصول إلى الصين تحت غطاء وثائق عراقية أو عُمانية.
قالت شركة "تانكر تراكرز" لتتبع الشحن: "يصل النفط الإيراني إلى الصين كـ"نفط عراقي" بكميات كبيرة بفضل وثائق سومو المزيفة، لكننا رأينا الأمر نفسه مع النفط "العُماني" بسبب التزييف قبالة صحار".
وذكرت شركة "كبلر" لتحليل البيانات أن ناقلات النفط الضخمة غالبًا "تتعتّم" (توقف إرسال إشارات التتبع) ثم تعاود الظهور، لكنها نادرًا ما تزيف مباشرة محطات التحميل العراقية.
أما بالنسبة لزيت الوقود، فقد لوحظ بعض التزييف المرتبط بمحطة البصرة العراقية، لكن بكميات صغيرة فقط.
وتقدر "كبلر" أن إيران صدرت حوالي 245,000 برميل يوميًا من زيت الوقود في عام 2024، بقيمة تقارب 6 مليارات دولار، حيث ذهبت حوالي النصف إلى الإمارات العربية المتحدة، و22 بالمائة إلى الصين، و10 بالمائة إلى ماليزيا، والباقي إلى دول شرق آسيا أخرى.
وقالت كلير يونغمان من شركة "فورتيكسا": "تستخدم إيران عدة تكتيكات للتهرب من العقوبات، بما في ذلك تزوير وثائق الشحن، مما قد يجعل الكثيرين يعتقدون أنهم ينقلون نفطًا عراقيًا بينما هو إيراني في الواقع".
تكلفة سياسية على عاتق الجيران
وتحافظ هذه التكتيكات على تدفق صادرات إيران، لكنها تصدّر أيضًا التداعيات السياسية.
من خلال تمويه الشحنات على أنها عراقية أو عُمانية أو إماراتية، تجبر طهران جيرانها على تحمل العبء السياسي والعبء المتعلق بالسمعة في واشنطن.
وأقر وزير النفط العراقي هيثم عبد الغني في وقت سابق هذا العام بأن ناقلات إيرانية تستخدم وثائق عراقية مزورة، وأشار إلى أن الأمر أُبلغ إلى الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، يُقدم ما يقرب من نصف صادرات إيران إلى الصين على أنه نفط ماليزي، وهو أمر جذب انتباه الولايات المتحدة إلى كوالالمبور.
في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، أظهرت بيانات الجمارك الصينية استيراد 1.46 مليون برميل يوميًا من ماليزيا، رغم أن إنتاج ماليزيا الإجمالي لا يتجاوز ثلث هذه الكمية.
يبرز هذا النمط الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها في فرض العقوبات.
طورت إيران أساليب متطورة تشمل تزوير الوثائق، التلاعب بأنظمة التتبع الرقمية، واستغلال أسماء الدول المجاورة. كل مناورة تتيح لطهران الحفاظ على تدفق الإيرادات بينما تترك الآخرين لتفسير التناقضات الإحصائية.
بالنسبة للعراق، فإن مخاطر السمعة مرتفعة بشكل خاص.
بينما تسعى بغداد إلى تعميق العلاقات مع واشنطن والمستثمرين الدوليين، فإن اعتبارها غطاءً محتملاً لتهريب النفط الإيراني يقوض الثقة في شفافية قطاعها النفطي.
وتعمل إيران، من خلال استغلال هويات جيرانها، على تآكل الثقة في النظام الطاقي العالمي، حيث من المفترض أن تضمن الوثائق والتتبع الرقمي الشرعية.