وهاجم هذا الناشط السياسي الجمهوري وأحد أنصار ثورة 1979 سابقًا، في هذا البيان، مؤسس النظام الإيراني بشكل صريح، مؤكدًا أن الجذر الأساسي لأزمات إيران اليوم يكمن في نظرية ولاية الفقيه والإرث السياسي لروح الله الخميني. ووصف هذا الإرث بأنه "هدّام" وطالب بإيداعه في أرشيف التاريخ.
وشدد قدیاني عبر هذا البيان، الذي كتبه من محبسه في عنبر 7 بسجن "إيفين" في طهران، ونُشر على قناة "تحكيم ملت" في "تلغرام"، على أن الحرب والعقوبات والفساد البنيوي وانهيار العدالة القضائية والفقر والتضخم، كلها نتائج مباشرة لـ "الاستبداد القائم على ولاية الفقيه" الذي أسسه الخميني ومارسه.
وبحسب قوله، فإن إعادة إنتاج الاستبداد بعد الثورة لم تكن صدفة أو مجرد نتيجة أفعال المرشد الحالي، علي خامنئي، بل تعود إلى نظرية "صُممت منذ البداية لإلغاء الجمهورية الإيرانية، وتجاهل حقوق الشعب".
وبالاستناد إلى تجربته الشخصية كأحد مؤيدي الخميني في زمن الثورة الإيرانية، أكد قدیاني أن إعادة النظر في إرث الخميني ليست فقط ضرورية، بل هي شرط مسبق لإقامة الديمقراطية في إيران المستقبل. وبرأيه، رغم أن المرشد الحالي، علي خامنئي، فاقم الأزمات خلال فترة قيادته، فإن الانحراف الجوهري كامن في صلب نظرية ولاية الفقيه ذاتها؛ النظرية التي يجب أن تُودع مع مؤسسها في التاريخ.
وشدد قدیاني، في بيانه، على ضرورة التخلي الكامل عن الحكم الديني، داعيًا إلى تنظيم مستقبل البلاد على أساس "فصل الدين عن الدولة"، وإنهاء هيمنة التوجهات الأيديولوجية في بنية الحكم في إيران.
كما حذر من أن حصر الأزمة في أداء علي خامنئي "مغالطة"، وأن نسيان الجذور النظرية للاستبداد قد يعرقل الإصلاحات الجذرية، مضيفًا: "صحيح أن عهد خامنئي جلب مصائب وأزمات كبرى للبلاد، لكن جذور كل هذه الكوارث يجب البحث عنها في الاستبداد الذي نظّر له الخميني ونفذه".
وأضاف قدیاني، الذي كان سابقًا من أشد أنصار الخميني في ثورة 1979، في بيانه، أنه من خلال مراجعة نقدية توصّل إلى أن نظرية ولاية الفقيه تنقض أساس الجمهورية وحقوق الشعب، وتشكّل عاملاً في إعادة إنتاج الاستبداد. وطالب بأن تُنتقد هذه النظرية مع مؤسسها وتُودع في أرشيف التاريخ.
وفي جزء آخر من البيان، أكد قدیاني أن الديمقراطية لن تتحقق دون تجاوز الإرث السياسي للخميني. ودعا إلى إنهاء الحكم الديني وتصميم هيكلية مستقبل إيران على أساس فصل الدين عن الدولة وإبعاد النهج الأيديولوجي عن الحكم.
وختم قدیاني بالتأكيد على أن تجاوز خميني وخامنئي لا يعني فقط تجاوز شخصين، بل تجاوز منطق تجاهل الجمهورية ودفع البلاد إلى مسار مليء بالأزمات والانهيارات. ومن وجهة نظره، فإن النقد العلمي والموضوعي والجذري للخميني ونظرية ولاية الفقيه شرط لإعادة بناء إيران حرة وديمقراطية.
وفي وقت سابق، كتب مصطفى تاج زاده، وهو سجين سياسي آخر معارض للنظام الإيراني، وكان أيضًا من أنصار الثورة الإيرانية والخميني، في مقال بعنوان "اللا-دولة.. ظل ثقيل على إيران" من داخل سجن "إيفين" أن النظام الإيراني نتيجة "العجز والفساد والهوة بين الدولة والمجتمع"، يتجه نحو "اللا-دولة والفوضى".
وجاء في رسالة تاج زاده التي صدرت من "إيفين": "إن المجتمع يتجه نحو حالة اللا-دولة. المؤسسات موجودة، لكنها عاجزة عن إدارة البلاد. هذا تمهيد لفوضى أكثر ضررًا من أي استبداد". وذكّر بأن المرشد الإيراني، علي خامنئي، رغم شعاره "لا حرب، لا تفاوض"، دخل في الحرب، ووافق على التفاوض، ورغم تأكيده على "لا حرب مفروضة ولا وقف إطلاق نار مفروض"، اضطر إلى قبول كليهما. واعتبر تاج زاده هذه القرارات صحيحة في جوهرها، لكنها جاءت متأخرة.
وبالتزامن مع رسالة تاج زاده، وجّه الناشط السياسي والمخرج السينمائي المعارض، محمد نوري زاد، رسالة من عنبر 7 بسجن إيفين أيضًا، حذّر فيها مجددًا من دور "الإصلاحيين ورجال الدين" في استمرار أزمات إيران، قائلاً: "يا أبناء وطني.. لا تنخدعوا بالإصلاحيين". وأكد قائلاً: "علينا أن نتخلص، مرة واحدة وإلى الأبد، من الملالي الذين يُشكّلون سرطاناً في جسد مجتمعنا، نتخلص من رجال الدين ومن القادة العسكريين".
واستعاد نوري زاد الدور التاريخي لبعض رجال الدين في إشعال الحروب القاجارية ضد روسيا وما خلّفته من نتائج كارثية، مشددًا على أن هؤلاء لم يُحاسَبوا يومًا على الكوارث والجرائم التي ارتكبوها؛ فهم يظلون خارج أي منظومة قانونية أو ضوابط مجتمعية.