انقطاع الماء والكهرباء يشلّ إيران.. الإغلاق يعمّ المحافظات والاقتصاد ينزف

مع استمرار موجة الحر الاستثنائية، والانخفاض الحاد في موارد المياه والكهرباء، لجأت حكومة إيران مجددًا إلى إغلاق واسع للمؤسسات والإدارات الحكومية في أكثر من 27 محافظة.
مع استمرار موجة الحر الاستثنائية، والانخفاض الحاد في موارد المياه والكهرباء، لجأت حكومة إيران مجددًا إلى إغلاق واسع للمؤسسات والإدارات الحكومية في أكثر من 27 محافظة.
وصرّحت السلطات الرسمية بأن الهدف من هذا القرار هو "إدارة استهلاك الطاقة" و"المساهمة في استقرار شبكة الكهرباء والمياه"، لكن خبراء يرون في هذه الخطوة مجرد مسكّن مؤقت، ودليلاً واضحًا على الضعف البنيوي وسوء الإدارة المزمن في البلاد.
بداية الإغلاقات وتوسّعها
بدأت الإغلاقات منذ أوائل يوليو (تموز) الماضي، حيث كانت العاصمة طهران أول من خضع لهذا القرار. وبعدها أعلنت معظم المحافظات عطلة لأربعة أيام، لتتسع الدائرة وتشمل يوم السبت، 23 أغسطس (آب)، ما لا يقل عن ٢٧ محافظة، بينها طهران وأصفهان وخوزستان وخراسان وأذربيجان وكرمان.
وأعلن مجلس تنسيق البنوك أيضًا أن جميع المصارف في طهران وبقية هذه المحافظات ستكون مغلقة في ذلك اليوم.
أزمة طاقة خانقة
أكد المحافظون أن جميع الأجهزة ملزمة بإطفاء أنظمة التبريد وخفض استهلاك الطاقة. ومع ذلك، تفيد تقارير بانتشار انقطاعات كهربائية واسعة.
وقال المدير العام لشركة "توانير"، لإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء في إيران، إن الانخفاض الحاد في مخزونات السدود أدى إلى فقدان جزء كبير من القدرة الإنتاجية لمحطات الطاقة الكهرومائية، ما وضع البلاد أمام تحديات جدية في تأمين الكهرباء.
وفي الأسابيع الأخيرة، أبلغ مواطنون في مناطق مختلفة عن انقطاع يومي للمياه والكهرباء يتراوح بين 8 و10 ساعات. واللافت أن هذه الانقطاعات المبرمجة بدأت هذا العام مبكرًا، منذ شهر مايو (أيار) الماضي، وأثرت بشكل واسع على الحياة اليومية.
تراجع خطير في مخزون المياه
بالتوازي مع أزمة الطاقة، أشارت تقارير إلى انخفاض خطير في مخزونات سدود طهران؛ إذ صرّح مدير سد كرج بأن حجم المياه بلغ أدنى مستوى خلال 64 عامًا، حيث لم يتبقَ سوى ثلث سعته.
ويأتي ذلك رغم انتشار روايات عبر شبكات التواصل تزعم أن السدود ممتلئة، لكن المعاينات الميدانية أظهرت العكس.
خسائر اقتصادية باهظة
حذر خبراء اقتصاديون من أن كل يوم إغلاق شامل يكلّف الاقتصاد الإيراني نحو 100 مليون دولار. وتشمل الأضرار المباشرة: تراجع الإنتاج في صناعات استراتيجية مثل الفولاذ والبتروكيماويات، وانخفاض الصادرات غير النفطية، ولجوء المصانع إلى وقود ملوّث مثل المازوت.
ووفقًا للتقارير، فقد انخفض إنتاج شركتي فولاذ مباركة وذوب آهن أصفهان بنسبة ٢٥ في المائة خلال الشهر الأخير فقط.
انعكاسات اجتماعية خطيرة
أثرت هذه الأزمة على معيشة ملايين العمال والعاملين في القطاع غير الرسمي؛ حيث انخفضت مداخيل العمالة اليومية بما يصل إلى 40 في المائة. كما تضررت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكّل أكثر من 80 في المائة من سوق العمل في البلاد، بانخفاض النشاط بنحو 25 في المائة.
ويرى محللون أن تكرار هذه الإغلاقات وعجز الحكومة عن تقديم حلول جذرية أضعف ثقة المواطنين أكثر فأكثر. ويؤكد كثير من المواطنين في رسائل لوسائل الإعلام أن الأزمة الحالية ليست نتيجة الاستهلاك الشعبي، بل بسبب السياسات الخاطئة وسوء الإدارة المزمن في مجالي الطاقة والمياه.
أزمة متعددة الأوجه
حذرت السلطات الإيرانية من أن نقص المياه تحول إلى أزمة مركّبة. فالإغلاقات الواسعة للمؤسسات، وانقطاع الكهرباء والمياه، والتلوث الناجم عن حرق المازوت، جميعها تعكس بوضوح تهالك البنية التحتية وفشل الإدارة الحكومية.
وتمتد تداعيات هذه الأزمة من الاقتصاد إلى الصحة العامة والبيئة، لتشكل تهديدًا شاملاً لمستقبل البلاد.